نسب المتحدثون عن مدينة سليمان وتاريخها نشأتها الى الجالية الاسلامية التي قدمت في هجرتها الأخيرة الى البلاد التونسية سنة 1609 م حتى غلب إلى ظن سكان المدينة أن هذه المنطقة كانت قبل مجيء الموريسك وحلولهم بهذه الربوع أرضا بورا خالية لا حياة فيها ولا زرع وإن كان للأندلسيين الذين استوطنوا سليمان فضل كبير في إعمار المنطقة وازدهارها وتخطيط المدينة وبنائها فإن جهة سليمان عرفت كذلك برخائها بتواجد الانسان بها منذ عهود قديمة وهو ما أكدته البحوث والدراسات وأقرته الآثار والحفريات وكيف لا تكون كذلك وقد حباها الله بخصوبة التربة ووفرة المياه واعتدال المناخ وجمال البحر بالاضافة الى قربها من العاصمة البونية قرطاج في القديم وإلى العاصمة تونس مند العهد الحفصي. التاريخ القديم أشار المهتمون بالتاريخ القديم للوطن القبلي إلى وجود العنصر البشري وآثاره بربوع سليمان في موضعين يعود الأول الى العصر الحجري الحديث (Néolithique) أي إلى أربعة أو ثلاثة آلاف سنة قبل الميلاد وهو الموقع المعروف بسيدي بوحمودة وقد تم العثور في هذا المكان على نصال من حجر الصوّان في شكل الحرف اللاتيني (V) أما الموقع الثاني فيعرف بموقع «عرقوب المنقوب» الذي يعود حسب علماء الآثار إلى فجر التاريخ أوالفترة الممهدة للتاريخ (Protohistorique) ويوجد في هذا المكان مجموعة من الحوانيت منقورة في الصخور وغير بعيد عنها يوجد دولمن (Dolmen) وهو بمثابة مقبرة لسكان الحوانيت وتدل هذه الآثار على وجود العنصر البشري بهذه الربوع منذ زمن طويل ولا شك أنهم من البربر وقد استمر تواجد العنصر البشري تحديدا بمنطقة صلتان (قرية تبعد عن سليمان حوالي 5كلم) حتى نهاية القرن الخامس للهجرة/11 ميلادي. إنّ الآثار البونية التي تم العثور عليها بسليمان والمحفوظة بمتحف باردو إلا خير دليل على تقدم الجهة ورقيّها. قدوم الأندلسيين تزل الأندلسيون الفارّون بدينهم أول ما نزلوا حول برج أبي سليمان وهو في حالة خراب إذ فقدت البروج والرياطات إشعاعها وبريقها أواخر العهد الحفصي فرمّموه واتخذوه مسجدا لهم في انتظار تشييد جامع أكبر ثم شمروا عن ساعد الجدّ والعمل وشرعوا بتخطيط المدينة وبناء المنازل وفي ريفها غرسوا الأشجار وأحيوا الأراضي وزرعوها. وما هي إلا سنوات حتى شع اسم بلد سليمان (الاسم الذي أطلقه الاندلسيون) على المدينة داخل الإيالة مما جعلها قبلة وفود عديدة مختلفة العادات والأنساب من داخل البلاد ومن خارجها (ليبيا) فازدادت خيراتها وكثر إنتاجها. مما جعل الوزير السراج يقول في شأنها.. ونجد بها عنبا وقضبا وزيتونا ونخلا وحدائق غلبا وفاكهة وأيا (من سورة عيسى) إلى أن يقول:«ولو اقتصرت تونس (يعني العاصمة) على ثمار سليمان لكفتها كثرة وطيبا». كما جعلتها هذه الخيرات مطمع الحكام من بايات ووزراء لامتلاك أراضيها والاستحواذ على منتوجاتها بالجور والقوة في غالب الأحيان مما أدى إلى فرار بعض العائلات الأندلسية وتركها للمدينة. ورغم تنوع ثقافات وعادات الوافدين الجدد على البلدة، حافظت سليمان على بعض التقاليد الأندلسية في الأفراح والأتراح وعلى بعض المأكولات والحلويات مازالت تعدّ وتطبخ وتقدم.