كان الإنتداب البريطاني هو الباب الذي تسلّل منه اليهود لإدارة القدس إذ أنّ إدارة الإنتداب ضمّت مجموعة من اليهود بجنسيات بريطانية جاءوا مع الإحتلال وفيما كان السّكّان العرب ينتظرون المساهمة في إدارة بلادهم كما وعدهم الحلفاء بذلك نظير مساهمتهم في الحرب وجدوا أنفسهم خارج السّلطة التي كان يديرها السير هربرت صموئيل المندوب السّامي والأضون نورمان بنتويش النائب العام والمستشار القضائي للمندوب ومن ورائهما الوكالة اليهودية واكتملت الصورة بصدور بيان اللورد أرثر بلفور الى اليهود عن طريق زعيمهم روتشيلد في 2نوفمبر 1917وقد جاء فيه «عزيزي اللورد روتشيلد يسرّني جدّا أن أبلغكم بالنيابة عن حكومة جلالة الملك بأن حكومة جلالته تنظر بعين الرضا الى إنشاء وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين وتبذل الجهود في سبيل ذلك على أن لا يجري شيء يضرّ بالحقوق الدينية والمدنية لغير اليهود في فلسطين أو يضرّ بما لليهود من الحقوق والمقام السياسي في غيرها من البلدان الأخرى». ولم يصدر شيء عن هذا الوعد إلاّ بعد إن انتهت الحرب العالمية الأولى وانتهت مصلحة البريطانيين من العرب الذين ساندوهم في حربهم ضدّ الأتراك. وكانت فرنسا وبريطانيا وقّعتا في 1915 معاهدة سايكس بيكو التي إقتسمتا بموجبها المستعمرات وخضعت فلسطين بموجب هذه الإتفاقية الى إدارة دولية. دخل السير هربرت صموئيل مدينة القدس ولاحظ غضب العرب بسبب وعد بلفور فأصدر عفوا عن كل مساجين الإنتفاضة ضدّ وعد بلفور تقرّبا من العرب وفي المقابل كان يشجّع اليهود على الهجرة الى فلسطين ومنحهم إمتيازات لبعث المشاريع ومنها مشروع توليد الكهرباء من نهر الأردن والتنوير في فلسطين الذي أشرف عليه المهندس اليهودي الروسي روتنبرغ. ووجد اليهود في هذه المشاريع حجّة لجلب أكبر عدد من اليهود ففي زمنه تطوّر عدد اليهود من 53 ألفا الى 103 آلاف يوم خروجه منها وتطوّرت نسبة إمتلاكهم للأراضي من 6الى 7بالمائة وبيعت أراضي كبيرة بين 1921 و1925 لليهود. ونشرت الصحف العربية أرقاما عن حقيقة التغلغل اليهودي فثار الفلسطينيون وخاصة في القدس إشترك فيها المسلمون والمسيحيون وطالبوا برفض الإنتداب البريطاني ورفض فكرة الوطن القومي لليهود وسقط عدد من الضحايا في هذه التظاهرات التي أسفرت عن معتقلين ومطاردين وإمتد فتيل الإضطرابات الى باقي المناطق وحدثت مواجهات بين اليهود والمسلمين والمسيحيين ومنعت السّلطة البريطانية إستعمال السّلاح للمسلمين والمسيحيين ومنحته لليهود الذي سعت الى تزويدهم بالسّلاح. وبتاريخ 25جوان 1921 إنعقد المؤتمر الرابع العربي الفلسطيني في القدس وقرّر إرسال وفد الى لندن لشرح القضية العربية لكنّ الوفد فشل في مهمّته لأنّ بريطانيا كانت عازمة على تنفيذ وعدها لليهود وعقد مؤتمر خامس في نابلس سنة 1922ثمّ مؤتمر سادس في 1923 وعندما فشل العرب في إقناع بريطانيا أعلنوا الثورة ضدّ التّاج البريطاني .لكن اليهود كانوا قد تغلغلوا في البلاد بقوّة وأصبح نفوذهم لا يقاوم.