مرّ ببلادنا كما هو معلوم وتحديدا بمناطق ريفية تابعة الى ولاية المنستير إعصار مدمر خلف خسائر مادية كبيرة لحقت بالبنية الأساسية في حين لم يخلف خسائر في الأرواح البشرية باستثناء بعض الإصابات.. الحدث كان في حجم الكارثة.. والمصيبة ألقت بظلالها على الجميع.. فخيم الصمت والحزن على أغلب العائلات وغاب الحديث في العيد وعن العودة المدرسية ولم يكن هناك من حديث سوى عن الإعصار ومخلفاته والبحث عن سبل تجاوز الأزمة.. غابت الابتسامة وحضرت البهتة وتداخل الحديث حتى أن بعضه ورغم وقعه الشديد على المتضررين حمل أثناء نقله بعض الطرائف.. طرائف رصدناها أثناء حديثنا إلى الأهالي ونقلها إلينا شهود عيان. في بيت الجيران؟ عريس لم يمض على زواجه شهر واحد كان ينعم بالعيش السعيد وسط أفراد عائلته وفي بيت والديه.. كان بعد الاعصار في حالة ذهول وقد وضع يديه على رأسه.. يتأمل المنزل الذي كان يأويه وزوجته وقد تحول إلى ركام من الأتربة.. المنزل لم يعد صالحا للسكن وقد التجأ صحبة عروسه وبقية أفراد العائلة للإقامة عند الجيران. رهيب..! حجم الخسائر كان كبيرا وقد حدثنا البعض عن برجين للتيار الكهربائي قاعدتهما 4م على 4م وطول الواحد منهما 40م وقيمته المالية في حدود ال600 ألف د. هذان البرجان للضغط العالي إلتويا جراء قوة الإعصار.. ولم يعودا صالحين للاستعمال. بقرة في الهواء طال الإعصار عديد الحيوانات وقد جاء في حديث شهود العيان أنهم رأوا بقرة تحلق في الفضاء قبل أن تستقر في منزل أحد الجيران.. البقرة ومن شدة ارتطامها بالأرض لم تقو على الوقوف وقد كانت في ذهول تام ومستغربة مما حدث لها. ذهول كلب! ما حصل للبقرة حصل أيضا لكلب إذ وجد نفسه فجأة تحت الأنقاض وعند إخراجه وقف ينظر الى من حوله نظرات كلها استعطاف وتعجب واستغراب. دجاجة في المطبخ؟ إثر هدوء العاصفة وخروج الأهالي لاستجلاء حجم الخسائر التي لحقتهم وفي أثناء تفقد أحدهم لزوايا منزله تفطن إلى وجود دجاجة مختبئة في المطبخ.. الدجاجة لم يعرف مصدرها والأكيد أن «حرارة الروح» قادتها الى ذلك المكان الآمن. وطارت الأبواب.. أحد المتساكنين ومع هدوء العاصفة لم يجد أبواب ونوافذ منزله فقد مر عليها الإعصار ونقلها إلى مكان بعيد. شجرة فوق شجرة! أول ما شد انتباهنا ونحن نجوب بعض المناطق المتضررة حالة أشجار الزيتون.. بعضها اقتلع من الجذور.. ولعل من أطراف ما شاهدناه استقرار شجرة مقتلعة على شجرة أخرى لم يأت عليها الإعصار. جدّة.. وحفيدها أصيبت امرأة مسنة اثناء الإعصار بخلع في الكتفين وإثر تلقيها للعلاج ومغادرتها المستشفى استقرّت بالبيت وقد كان بجانبها حفيدها البالغ من العمر 4 سنوات وهو يمسك «بمروحة» تقليدية و«يمروح عليها». تحت الأنقاض كان شيخان داخل «الكوري» يحلبان الأبقار عندما مر الإعصار وكنتيجة حتمية تهدم «الكوري» وسقط عليهما وغطى جسميهما باستثناء رأس الشيخ الذي ظل يطلب النجدة من الجيران.. عديدة هي الطرائف التي صاحبت مرور الإعصار الذي حل بمناطق ريفية من ولاية المنستير.. طرائف وفي ظاهرها مسلية ولكنها في حقيقة الأمر تعكس واقعا مرا فاجأ الأهالي الذين استسلموا لقدر الله.. ولعل ما خفّف عنهم وطأة ما أصابهم وقوف المسؤولين الجهويين والمحليين إلى جانبهم ومواساتهم ووعدهم بالمساعدة.