حوار وإعداد فاطمة بن عبد اللّه الكرّاي سألت صاحب هذه المذكرات، عن مسألة السلاح وقصة تسليم السلاح من المقاومين، عقب امضاء حكومة بن عمار على اتفاقيات الحكم الذاتي سنة 1955 فقال وقد فهم أنني أسأل خاصة عن الفريق «اليوسفي» من المقاومين : «شخصيا لم أكن مكلفا بهذا الملف، المكلف صلب الاتحاد هو أحمد التليلي الذي كان في الآن نفسه، كاتبا عاما مساعدا للاتحاد العام التونسي للشغل وقتها (وقد كان ابن صالح الكاتب العام للاتحاد) وكان التليلي عضوا بالديوان السياسي للحزب الحر الدستوري كما ذكرت سابقا... وكان التليلي مكلفا بملف السلاح ويتعامل مع الطاهر بن عمّار (رئيس الحكومة آنذاك) وغيره من الفريق المفاوض».... لكن «سي أحمد» يعيد مرة أخرى التّأكيد، وقد سألته عن ملف تسليم السلاح ومؤتمر الحزب بصفاقس الذي لم يحضره صالح بن يوسف، فقال : «تبيّن أن المؤتمر وبمجرد انتهاء فعالياته أنه موافق على سياسة بورقيبة وأنه صادق على أهم محتويات البرنامج الاقتصادي للاتحاد الذي عرض على الحزب وكذلك تقبل المؤتمر، وبحماس خطاب الكاتب العام للاتحاد اضافة إلى أن المؤتمر صادق على السياسة القومية (يقصد الوطنية) الحالية أي محل التطبيق وقتها، وحاول المؤتمر أن يدعو الكاتب العام للحزب حتى يحضر وقد أعطيت الجواب بعد الاتصال الذي ذكرته مع بن يوسف والذي لم يكن مطمئنا... فقد وقع اعتبار (من المؤتمر) أن التصادم انتهى بين اليوسفية والبورقيبية... وربما وقتها ازددت قناعة أن بن يوسف يمكن أن ينشئ حزبا آخر، وقلت لِمَ لا... لقد كان واضحا، أن الخلاف بين بورقيبة وبن يوسف كان يمكن أن ينتهي بتكوين حزب آخر من بن يوسف... ولا أعتقد حول هذه النقطة، أنني كنت الوحيد الذي فكّر بتلك الطريقة»... لكني، ألححت في السؤال، حول ما كان ذكره آنفا من تحوّل الخلاف إلى سجال بالسلاح، بين اليوسفيين والبورقيبيين... فقال مرددا نفس الجواب : «وقع سجال بالسلاح فعلا... وكان ذلك بين جماعة بورقيبة وجماعة بن يوسف... ومع الأسف تطورت الأمور إلى هذا الحد الذي لم نكن نرضى عنه... وكما أسلفت فإن انتخاب المجلس التأسيسي هدّأ من انتشار الخلاف والفتنة»... وللتذكير فإن «سي أحمد» قال في الحلقة الماضية، وهو يتحدث عن مغادرة صالح بن يوسف تونس، إن بورقيبة (وهو يشدد على أنه لم يسمع ذلك بنفسه من بورقيبة بل قيل له ولغيره) حمل كثيرا على المنجي سليم (مدير الحزب وقتها) لأنهم تركوه يغادر... «بل إنه يقال إن بورقيبة كان شديد الغضب لأنه يعتبر أن المنجي سليم هو من سهّل خروج صالح بن يوسف». وهنا يواصل «سي أحمد» ضاربا مثلا حديثا ليتحدث عن الاتفاقيات والاستقلال والمعارضة اليوسفية للاتفاقيات التي اعتبرها الأمين العام للحزب خطوة الى الوراء فقال : «ولكن عندما جاء الاستقلال بعد تسعة أشهر فقط، تبين أن المعارضة سرّعت بالاستقلال، وتبيّن أن موقفنا الذي اتخذناه صلب الاتحاد كان في الاتجاه الصحيح أي مع رئيس الحزب... وهنا أفتح قوسا، فحين التقيت مع الأشقاء الفلسطينيين (في القيادة) بمناسبة مرور زمن معين على اتفاقيات أوسلو (1993) قلت لهم وفي ذهني مثال تونس ومعارضة بن يوسف لاتفاقيات الحكم الذاتي : إن هذه معركة من معارك الاستقلال، فلا تعاقبوا الذين عارضوكم وعارضوا الاتفاقيات وضربت لهم مثلا كيف أن المعارضة (من بن يوسف) سرّعت بالاستقلال، الذي جاء 9 أشهر بعد امضاء الاتفاقيات في 1955». سألت ثانية عن بن يوسف وكيف أن العديدين يعتبرون أن الخلاف بين بورقيبة وبن يوسف له جذور تاريخية كان «سي أحمد» أحد الشاهدين عليها... فقبل السؤال... ليكون الجواب غدا إن شاء ا&.. تونس الشروق في خضم الخلاف بين بورقيبة وبن يوسف انطلق «سي أحمد بن صالح» أمس، في الحديث عن المجلس التأسيسي، الذي يعتبر انتخابه (المجلس) عاملا مهدئا للخلاف بحيث منع انتشاره... سألت «سي أحمد» الذي تحدث طوال الحلقات القليلة الماضية، عن مظاهر الخلاف وأسبابه بين بورقيبة (رئيس الحزب الحرّ الدستوري) وبن يوسف الأمين العام لنفس الحزب.