سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
في ندوة دولية حول الاتحاد الاوروبي الموسّع وتونس (II): دراسة مقارنة بين قدرة تونس الاقتصادية على اقتحام السوق الاوروبية ومن الدول المنضمة حديثا الى الاتحاد
بمبادرة من سفارة المفوضية الاوروبية بتونس، انتظمت ببلادنا ندوة دولية حول الاتحاد الاوروبي الموسّع وتونس، افتتحتها السيدة سيدة الشتيوي كاتبة الدولة، لدى وزير الشؤون الخارجية. هذه الندوة التي شارك فيها شخصيات وخبراء من تونس ومن بعض الدول الاوروبية، وخاصة المنضمة حديثا الى الاتحاد الاوروبي بحثت تأثيرات التوسيع من الزاوية السياسية والاقتصادية، ومن وجهة نظر مجتمعية تناولت تجربة اوروبا الشرقية والوسطى في مجال التحول الاقتصادي والسياسي استعدادا للانضمام الى الاتحاد الاوروبي. في الجانب الاقتصادي، تحدّث الدكتور الشاذلي العياري الاستاذ المتميّز بالجامعات التونسية وزير الاقتصاد السابق، والخبير الدولي المعروف، كما تحدّث السيد اشيل باراث كاتب الدولة لدى الوزير الاول المجري المكلف بالديوان الوطني للتنمية. واذا كان الاول قد حاضر في تحديات الوصول الى السوق الاوروبية الموحدة فإن الثاني استعرض تجربة المجر، في استعدادها للانضمام الى الاتحاد وصولا الى الانضمام الفعلي. ثلاث مراحل اشار ايثيل باراث الى ان استعداد بلاده للانضمام الى الاتحاد الاوروبي مرّ بثلاث مراحل وقد انطلقت المرحلة الاولى منذ 1980 الى سنة 1992 وهي التي تم فيها البدايات الاولى للانفتاح الاقتصادي والسياسي في المجر، وفيها بدأت اولى المؤسسات الاوروبية بالاهتمام بالمجر، وقد ساهمت المؤسسات الاوروبية الاولى، التي استقرت بالمجر، حسب قوله في تغيير ملامح السوق الداخلية المجرية... اما المرحلة الثانية، والتي بدأت من 1993 الى 1998 فشهدت بداية الانفتاح على الخوصصة في مجالات الانتاج والاستهلاك، مما اثر حسب رأيه في الانتاجية. وقد شهدت هذه المرحلة حسب رأيه تضاعف الاستثمارات الاوروبية المباشرة (14 مليار دولار) بما يؤكد حماس المؤسسات الاوروبية، للعمل في المجر، الا انه لاحظ ان البطالة في المجر قد ارتفعت في تلك الفترة من نسبة 3 بالمائة الى 22 بالمائة وان مستوى المعيشة تراجع باكثر من 30 بالمائة اضافة الى تزايد الشعور بنقص اليد العاملة المتكونة والمتدربة، ولاحظ ايضا ان هيكلية المجتمع المجري قد تغيّرت بشكل ملحوظ مشيرا الى انه قبل سنة 1990 كانت الطبقة الوسطى واسعة نسبيا في المجر، اما اليوم فلاحظ ان حوالي 40 بالمائة من نسبة المجريين من الطبقة الأقل من متوسط. وهو ان ادرج هذه المقارنات والارقام الا ليشير الى ان «مسيرة التغيير التي بدأتها المجر جاءت بنتائج صعبة» ولكن ذلك الى حين لأنه من 1998 الى 2004 وهي المرحلة الثالثة التي اشار اليها في البداية سيبدأ البلد بالاستقرار ضمن الوضع الجديد وستبدأ هذه النتائج السلبية بالتراجع حسب قوله، وذلك بعد استقرار الاوضاع الاقتصادية نسبيا مشيرا الى انهم في وضعية تدعو الى التفاؤل بعد تجاوز تلك الصعوبات وخاصة على مستوى المجتمع، حيث استطاعت المؤسسات المجرية استيعاب «المكاسب الاتحادية» على مختلف المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وقال ان المجر، لم تتلق من الاتحاد الاوروبي من سنة 99 الى 2000، اكثر 20 مليون اورو، للمساعدة في احداث التغييرات المنشودة وقال ان ذلك كان غير كاف وكان ضئيلا امام البرامج الواسعة التي كانت تقوم بها المجر. ويضيف انه من 2004 الى 2006 حصل المجر من الاتحاد الاوروبي على 3.5 مليار اورو، وهي مبالغ هامة حسب رأيه، وان هذا المبلغ مرشح للارتفاع سنويا وصولا الى سنة 2013، حيث ينتظر ان تكون المجر قد استوعبت ما بين 24 و25 مليار اورو، استثمارات مباشرة من الاتحاد الاوروبي قائلا ان بلاده تعمل على الاستعداد لتقبل هذه الاستثمارات وحسن استغلالها. ولاحظ ان المهم بالنسبة لهم في المجر، ليس الاستثمار المباشر، بل ان تعمل المؤسسات الاوروبية على اعادة استثمار اموالها في المجر، مشيرا الى ان هذه الحركية تتم بالتوازي مع حركية مماثلة تقوم بها هذه المؤسسات في نقل التكنولوجيا قائلا ان ذلك احدث تغييرا عميقا في الاقتصاد المجري، وان ذلك سيكون مؤثرا خلال السنوات القادمة. نجاحات وثوابت يبدأ الدكتور الشاذلي العياري بتعداد اللقاءات التي احتضنتها تونس، الشريك المتوسطي، باعتبارها اول اللقاءات بين الشركاء المتوسطين والاتحاد الاوروبي في مختلف مراحله ليؤكد من خلال ذلك نجاحات تونس وتمسّكها بالانفتاح على التبادل الشامل، وحرية المبادرة والفاعلية التنافسية والعلوم والتكنولوجيا والاستثمارات الخارجية. وللاجابة عن الاشكالية التي طرحها حول التحديات المطروحة في الوصول الى السوق الاتحادية قام الدكتور الشاذلي العياري بدراسة مقارنة لإمكانيات ولوج هذه السوق، بين تونس والدول المنضمة حديثا الى الاتحاد الاوروبي، قبل توسيع الاتحاد، ثم بعد توسيعه وقدّم في ذلك مؤشرات ومقارنات عديدة وهو انطلق مما يقال بأن دخول اعضاء جدد الى الاتحاد الاوروبي يخلق اجواء تنافسية امام تسويق الانتاج التونسي في السوق الاتحادية. فبالنسبة للتبادل التجاري بين تونس والدول المنضمة حديثا وقبل توسيع الاتحاد وحسب احصائيات 2003، فإن الصادرات التونسية قدّرت ب 33 مليون اور، 80 بالمائة منها باتجاه المجر ومالطا اما الواردات التونسية من الدول المنضمة حديثا، فهي تقدر ب 140 مليون اورو، 36 منها بالمائة من المجر، و22 بالمائة من مالطا و14 بالمائة من بولونيا اي الدول الثلاث مجتمعة، في حدود 72 بالمائة ويستخلص د. العياري من هذه الارقام ان التبادل مع الدول المنضمة حديثا لا يمكن منطقيا الا ان يتطوّر نحو الأحسن، بالنظر الى الحجم المتواضع جدا للتبادل حاليا مع هذه الدول. اما على مستوى مؤشر حصة تونس، والدول المنضمة حديثا من السوق الاتحادية فأشار الى ان صادرات تونس نحو الاتحاد الاوروبي (سنة 2000) تقدّر ب 80.3 بالمائة مقارنة بالدول المنضمة حديثا، التي تمثل صادراتها، 64.5 بالمائة اما الواردات ولنفس الفترة فتمثل الواردات التونسية نسبة 77.4 بالمائة، فيما تمثل واردات الدول المنضمة حديثا 73.4 بالمائة. وليستنتج من ذلك ان الاقتصاد التونسي هو اكثر انفتاحا على التبادل مع الاتحاد الاوروبي من اقتصاديات الدول المنضمة حديثا. وحول مؤشر التوزيع الجغرافي من تونس وتلك البلدان يستخلص الدكتور الشاذلي العياري ان المبادلات التجارية التونسية تتسم مقارنة بمبادلات تلك الدول بتوزيع واسع على مستوى الشركاء، (فرنسا 33 بالمائة) ثم ايطاليا (25 بالمائة) ثم المانيا (18 بالمائة) في حين تتركّز اغلب مبادلات تلك الدول حول المانيا (49 بالمائة) وربما قد تتضاءل حصة تونس من السوق الاتحادية على مستوى المانيا. اما على مستوى مؤشر الصادرات التونسية وصادرات الدول المنضمة حديثا ضمن صادرات الاتحاد الاوروبي والتي تمثل 0.61 بالنسبة لتونس و8.9 بالنسبة للدول المنضمة حديثا، فيلاحظ الدكتور العياري ان الرهان التجاري في علاقة الاتحاد بتلك الدول، اهم من علاقة الاتحاد بتونس وانه سيكون اهم بعد الانضمام داعيا في هذا المجال طرح هذه المسألة على جدول اعمال المسيرة الاورومتوسطية. وعلى مستوى مؤشر مدى نجاح الطرفين في تحقيق مكاسب جديدة على مستوى الحصة من السوق الاتحادية يلاحظ الدكتور الشاذلي العياري ان الارقام تؤكد الحيوية التجارية لهذه الدول مقارنة بالصادرات التونسية. وحول مؤشر هيكلية الصادرات التونسية وصادرات تلك الدول نحو الاتحاد الاوروبي يلاحظ ان صادرات الطرفين، لا تمثل نفس القطاعات فالنسيج يشكل المرتبة الاولى في صادرات تونس بنسبة 56.7 بالمائة، في حين تمثل الصناعات الميكانيكية والكهربائية نسبة 70.9 بالمائة في صادرات تلك الدول... وبالتالي فإنهما لا يتوجهان الى نفس الحريف، كما يستنتج ايضا ومن مؤشر مدى تنوع الصادرات هنا وهناك ان الصادرات التونسية وصادرات الدول الأخرى، متنوعة وبالتالي لا تشكل تنافسا كبيرا فيما بينها. اما على مستوى مؤشر التكنولوجيات الدقيقة في الصادرات هنا وهناك يلاحظ ان البلدان المنضمة حديثا تحقق نجاحات كبيرة في هذا المجال مقارنة ببلادنا (تونس 3 بالمائة مقارنة بمالطا 62 بالمائة والمجر 23 بالمائة واستونيا 19 بالمائة وتشيكيا 10..) وان هذا المؤشر سيكون مؤثرا في مستقبل الازدهار الذي قد تعرفه الدول المنضمة حديثا الى الاتحاد الاوروبي وعلى قدرتها في الحصول علي حصص جديدة من السوق الاتحادية. اما مقارنة على مستوى قدرة الولوج الى السوق الاوروبية بعد التوسيع، فيرى الدكتور الشاذلي العياري ان تونس ليست في حاجة الى سوق اوروبية اوسع لتسويق انتاجها، بقدر ما هي في حاجة الى تنويع صادراتها نحو آفاق جغرافية اخرى. ويضيف انه بإمكان السياسة الجديدة للجوار، ان تستجيب لتساؤلات تونس حول مدى استعداد السوق الاوروبية لتسهيل دخول الانتاج التونسي ولتمكينها من حصص جديدة في السوق الاتحادية. كما دعا الى ايجاد آلية للحوار المغاربي مع الدول المنضمة حديثا وايجاد شراكة معها على مستوى التكنولوجيات الدقيقة.