لأنه شاعر تونس الأكبر... ولأنه رمز تماهت معه الشعوب فلم يعش أكثر من خمسة وعشرين عاما لذلك شكّلت تجربته ولا تزال لغزا محيّرا، هو صاحب «أغاني الحياة» و«إذا الشعب يوما أراد الحياة» غير أن يد المنية كانت أقرب اليه من الحياة فتوقف نبض قلبه وتوقفت أسطر شعره يوم 9 أكتوبر 1934 ليستفيق اليوم كل تونسي وكل مبدع على ذكرى رحيل الشابي التي مرت عليها 75 سنة ولتنطلق يوم 8 أكتوبر ندوة حداثة الشابي بقصر المجمع بقرطاج حنّبعل وتتواصل الى يوم 10 أكتوبر 2009 بحضور مجموعة من الاساتذة المختصّين من تونس ومن خارجها لطرح عدّة محاور حول عناصر الحداثة في شعر الشابي وأبعادها. هكذا تنطلق ندوة شاعر تونس «أبو القاسم الشابي» الذي ولد بقرية الشابية يوم 24 فيفري 1909 في عائلة عرف عنها ميلها الى التصوّف والاهتمام بمؤلفات أعلامه. التحق بكلية الزيتونة في أكتوبر 1920 وبدأت حياته الجديدة بالمعهد الزيتوني بالعاصمة وفي تلك الفترة كتب أولىمحاولاته الشعرية ولم يبدأ القرّاء يطالعون شعره الا سنة 1927 في الصفحة الأدبية التي كانت تصدرها جريدة النهضة كل يوم اثنين ومنذ 1930 تطوّر شعره تطوّرا حاسما وتحدّدت أبرز سمات تجربته من جهة فنّه الشعري وعقيدته الادبية وكانت الفاتحة سنة 1933، رائعته «صلوات في هيكل الحب» ثم ديوان أغاني الحياة الذي لم يصدر الا بعد وفاته سنة 1955 بعناية أخيه الاستاذ محمد الامين الشابي. تكريم هكذا إذن عاش الشابي وهكذا توفي وهكذا اليوم يكرّم من أهل داره بندوة «حداثة الشابي» والتي تفتتح يوم الخميس القادم بتدشين معرض للفن التشكيلي حول الشابي لطلبة معهد الفنون الجميلة بتونس بحضور الاستاذ عبد الرؤوف الباسطي وزير الثقافة والمحافظة على التراث للاعلان عن الفائز بجائزة الشابي ل «بيت الحكمة» للشعراء الشبّان. هذا الى جانب تكريم الشاعر محيي الدين خريّف والشاعرة فضيلة والخطاط عمر الجمني تليها أمسية شعرية بمشاركة كل من يوسف رزوقة والطاهر البكري وعائشة البصري ومحجوب العياري ونجاة العدواني وحافظ محفوظ ومريان كاتزاراس، الى جانب فقرة غنائية موسيقية تقدّمها المطربات سنية مبار ك ودرصاف الحمداني ورحاب الصغير لأداء قصائد «إرادة الحياة» وشكوى اليتيم» و«أّيها الحب». جلسات علمية وتتواصل الجلسات العلمية في اليومين التاليين من خلال التطرّق الى عدّة محاور تهم الشابي وكتاباته يناقشها مجموعة من الأساتذة من تونس والسعودية ولبنان والمغرب والأردن والجزائر والبحرين من خلال طرح عدّة اشكاليات على سبيل المثال «جمالية القبح في شعر الشابي» و«عناصر الحداثة» و«حداثة البناء والأداء في ديوان أغاني الحياة» وجدول الرومنسية والحداثة... تلي هذه المداخلات جملة من النقاشات يؤثثها الحضور ويثريها المشاركون. بهذه المداخلات سوف تنطلق ندوة الشابي الذي احتفظ به التاريخ وذكرته الاجيال وكرّمته الشعوب... فعاش مبدعا ومات مبدعا... فقال «ليت لي أن أعيش هذه الدنيا» ونادى لو كانت الأيام في قبضتي...أذريتها للريح مثل الرمال» وصرخ «إ ذا الشعب يوما أراد الحياة... فلا بد أن يستجيب القدر» فأجابه كل تونسي وكل مبدع «الشابي شاعر تونس الأكبر».