في إطار الاحتفال بمائوية الكاتب عليّ الدوعاجي نظّم نادي الابداع الادبي بسوسة ندوة فكرية تضمّنت مداخلة للدكتور مصطفى الكيلاني حول النصّ المتعدد في جولة بين حانات المتوسط «لعلي الدوعاجي» وانتظم على هامش هذه الندوة معرض «دوعاجيات» للفنان الكاريكاتوري رشيد الرحموني وهو من لبنات احدى دورات الملتقى الوطني لفن الكاريكاتور الذي دأبت على تنظيمه سنويا دار الثقافة علي الدوعاجي بحمام سوسة. حضر اللقاء بعض الوجوه الشعرية والأدبية والثقافية عموما من الجهة والذين أثروا الندوة بتدخلاتهم البنّاءة مما زاد عمقا للمحور المطروح وسلّط ضوءا على جوانب نادرة الطرح في مسيرة هذا المبدع التونسي. استفسارات برتبة هواجس! افتتح الدكتور مصطفى الكيلاني مداخلته بجملة من الأسئلة والتي تتبطّن إشكاليات في حد ذاتها تمحورت حول الأشياء التي قرأت من الدوعاجي والتي لم تقرأ وهل حظي الدوعاجي بما حظي به الشابي؟ وما انجز حول الدوعاجي وما لم ينجز؟ وختم الدكتور مصطفى اسئلته باستغراب حول تكاثف الاهتمام هذه المدة بالقصة القصيرة سوى في تونس من خلال ملتقى الحمامات هذه الصائفة او من خلال ملتقى عربي سينعقد بالقاهرة في شهر نوفمبر! القصة وليدة العمل الصحفي تعرّض الدكتور الكيلاني الى الانشطة العديدة التي كان يمارسها الدوعاجي من العمل الاذاعي مرورا بالرسم وصولا الى النشاط الصحفي والذي اعتبره قد لعب دورا أساسيا في ظهور الفن القصصي مؤكدا ان الدوعاجي استفاد كثيرا في كتاباته القصصية من الصحافة مثلما استفاد من ثقافته الفرنسية وبمن سبقه ومعرّجا ان كتابة القصة القصيرة تعتبر فنّا قائما بذاته ليس بالهيّن مثلما يتصوّره البعض والذي يعتبرون كتابة القصة القصيرة أقل قيمة وشأنا من كتابة الرواية فيما يعتبر آخرون ان كتابة القصة القصيرة مرحلة للتعدي الى كتابة الرواية. خصوصية! ركّز الدكتور الكيلاني في مداخلته على اثر «جولة بين حانات المتوسط» لتسليط الضوء على خصائص الكتابة لدى علي الدوعاجي معتبرا ان هذا الأثر نصّا اشكاليا وليس قصة قصيرة من قبيل أدب الرحلات الموثق بالتاريخ والجغرافيا حيث حافظ الدوعاجي على تسلسل الأمكنة ذهابا وتوقف في حديثه عن الاياب وتبطنت تعابيره شكلا من الهزل مع مقاربة الجدّ حيث تعمّد الدوعاجي الابتعاد عن المواقف الجادة وفي توظيف الشخصيات اعتمد التداخل بين الذاكرة والنسيان بصور تعبيرية كاريكاتورية تضمّنت أشكالا من الهزل في مستوى شكل هذه الشخصيات وأقوالهم وأفعالهم تثير ضحكا يتبطن مأساة توحي بأن الدوعاجي شخصية لا تطمئن ولا يستقر لها قرار. تجمع بين الاطمئنان والقلق وهنا يكمن سرّ ابداع الدوعاجي لأن الطمأنينة وحدها تبلد الذهن والقلق وحده لا يساعد على الكتابة على حدّ تعبير الد.مصطفى الكيلاني. غياب يثير أكثر من استفسار! أثار الدكتور مصطفى الكيلاني مسألة عدم تواجد الدوعاجي عربيا رغم ان الرجل بدأ كتابة القصة القصيرة قبل ظهورها عربيا، مؤكدا انه سيثير ذلك في الملتقى العربي للقصة القصيرة والذي سيحضره في نوفمبر بالقاهرة. كما أشار الدكتور ايضا الى غياب التحليل الشافي والكافي حول علي الدوعاجي مؤكدا ان القصص القصيرة الحالية هي امتداد لعلي الدوعاجي وتجاوز له. تفاعلات وآراء أثارت مداخلة الد . مصطفى الكيلاني والتي اتسمت بالايجاز الى حد العمق وبالرمزية حدّ الإيحاء تفاعلات الحاضرين والتي تناغمت وقيمة هذه المداخلة التي ولّدت مداخلات أثرت اللقاء وسلّطت أضواء على مناطق أخرى من مسيرة المبدع علي الدوعاجي والذي وجد بعد مماته أكثر من عنقود!