حوار وإعداد فاطمة بن عبد اللّه الكرّاي بعد ان أعدتُ على مسامعه السؤال حول الشعب المهنية، وكيف ان اتهامه بأنه هو الذي أوجدها لا يستقيم مع مهمته داخل الاتحاد ولا مع مطلب المركزية النقابية، بأن ينضمّ الاتحاد كمنظمة داخل الحزب، كشف «سي أحمد» النقاب عن تفاصيل أكثر من التي أوردناها في حلقات سابقة، مشددا على ان «الشعب المهنية جاءت كردّ فعل على أمر خاطئ.. او هو فهمَ بطريقة خاطئة.. جاء ردّ فعل أعمى على ما اقترحناه من تجديد للحزب من خلال انضمام المنظمة الشغيلة كعضو في الحزب، على طريقة بريطانيا..». ولكن واصلت السؤال من أين جاءت فكرة ان بن صالح وراء خلق الشعب المهنية؟ يقول وهو يبتسم، معتبرا ان الأمر لا يستقيم: «... لن أسميهم، ولكن قد يكونون عناصر نقابية... نقابيين لكنهم دستوريون أكثر.. ربما..». وهنا نوّه «سي أحمد» ونحن بدورنا نصحّح ذلك، لأن مؤتمر الاتحاد العام التونسي للشغل لسنة 1956، والذي تحدثت عنه الصحافة في تونس وفي الخارج، قالت عنه جريدة «لوبتي ماتان» Le Petit matin التي تصدر في تونس، وليس في بلجيكا كما تسرّب خطأ، إنه بمثابة الاحتفالية.. برنامج الاتحاد العام التونسي للشغل الذي أثار حفيظة بل وغضب بورقيبة واتهمه بأنه برنامج ذو ميول شيوعي.. كان بمثابة الفكرة او الهاجس الذي كان يتملك الوطنيين بصفة عامة حول مشروع تونس المستقلة، وهنا يعود «سي أحمد» بالذاكرة والحديث ليقول: «سنة 1955، وعندما دعاني بورقيبة لكي التحق به في فرنسا لأعود معه على متن الباخرة التي وصلت هنا يوم غرة جوان 1955، خلال مدة الرحلة، وعلى متن الباخرة كان هناك صحفي سويدي، يسأل الركّاب: ماهي انطباعاتكم الآن، وبورقيبة يعود الى تونس، والاستقلال الداخلي قد وقع الإمضاء عليه؟ وبماذا تشعرون؟ وكان للصحفي ذلك مع الركّاب، وعندما توجه إليّ بنفس السؤال قلت له: المهم أن نشرع في العمل لبناء هذا الاستقلال L‘essentiel, c‘est de se metre au travail. هذا التصريح او الاجابة عن سؤال الصحفي السويدي يبدو انها وصلت بطريقة مغايرة بحيث قال هذا الشخص (لم يحدد إن كان امرأة او رجلا لكنه كان من المحيطين ببورقيبة): نغّص علينا «الزردة» الاحتفالية... بما انك عدت بالحديث الى سنة 1955، هل تكشف لنا موضوع الرسالة التي بعث بها لك، «دانيال قيران» Daniel Guerin. يوم التاسع من فيفري سنة 1955، ويعلمك في آخرها بخبر سوف يحدث بعد سنة تقريبا، وأقصد تنحيتك من منصبك ككاتب عام للاتحاد وفي غيابك؟ هنا، لم يتردد «سي أحمد» في القول بأن «موضوع الرسالة الأساسي، كان بخصوص استشهاد فرحات حشاد، وفعلا، فقد ذيّل «قيران» رسالته تلك بخبر ملاحظة قال لي فيه: ان الحبيب بورقيبة والذي جاء يتناول الغداء عندي في بيتي قبل أسابيع قال لي ان أحمد بن صالح سوف يقع تعويضه على رأس المركزية النقابية بمسؤول نقابي آخر، نسيت اسمه الآن... فهل هذه المعلومة صحيحة؟ ولماذا؟» هكذا ورد نص الملاحظة آخر الرسالة، لكن الرسالة في حد ذاتها، والمؤرخة فعلا بيوم التاسع من فيفري 1955 تناول فيها مرسلها (قيران) قضية البحث عن مقتل حشاد، حيث قال لي عبر الرسالة انه علم من محامية (يهودية) تقابل معها عند المحامي «إيف ديش زال»، وهي تعرف جيدا قاضي التحقيق في قضية اغتيال فرحات حشاد وأن هناك اتهاما ل «بونس» M.Pons وهي تعتقد مثلي يواصل قيران ان المحامين الذين كلفتهم زوجة فرحات حشاد، بالقضية، لم ينجزوا مهمتهم وأنه لابدّ من تعويضهم بمحامين أكثر نشاطا والذين بإمكانهم ان يطلعوا على الملف كاملا حتى يحصلوا على اتهام «بونس» Pons». وكان «سي أحمد بن صالح» قد كشف من قبل، انه ولما توليت منصب كاتب عام الاتحاد بعد رجوعي من بروكسال، وعقب المؤتمر الخامس، بدأت البحث مع المحامي فريد جمال في قضية اغتيال فرحات حشاد..». هذه الرسالة التي نورد نسخة منها، صدرت في كتاب أحمد خالد حول اغتيال حشاد: Documents secrets du deuxième Bureau, Tunisie - Maghreb dans la conjoncture de pré-guerre (1937-1974). وسوف نتناول الجزء الخاص بإقالة بن صالح وفي غيابه، من الكتابة العامة للاتحاد العام التونسي للشغل.. لاحقا..