مثّلت الزيارة التي أداها العاهل السعودي الملك عبد ا&بن عبد العزيز الى دمشق طفرة حقيقية في تاريخ العلاقات الثنائية بين سوريا والسعودية وصفحة مضيئة في سجل العمل العربي المشترك. فبعد سنوات من الجفاء وتحديدا منذ غزو العراق عام 2003 ومن بعده حادثة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري سنة 2005 كان لابد من عودة الدفء الى العلاقات بين قطبين في العالم العربي لا حلّ لمشاكل المنطقة دون العودة اليهما. وقد سبقت زيارة العاهل السعودي خطوات تمهيدية لهذا التقارب بدءا من قمة الدوحة التي بحثت العدوان على غزة مطلع العام الجاري، ثم قمة الكويت الاقتصادية فزيارة وزير الخارجية السوري وليد المعلم ومن بعده الرئيس الاسد الى الرياض، وكلها كانت مؤشرات على عودة العلاقات الى وضعها الطبيعي وضع التعاون والتشاور لما فيه مصلحة هذه الامة العربية. الآن طُويت صفحة الجفاء وافتُتحت صفحة جديدة عنوانها العريض اعادة العلاقات العربية والتنسيق المشترك في سبيل الدفاع عن الحقوق العربية، وفي ذلك أكثر من مكسب، فالجميع يعلم انه لا استقرار في لبنان ولا حلّ في فلسطين الا بتقارب عربي وببناء موقف عربي موحد وقد بدا واضحا حرص دمشقوالرياض على تشكيل نواة لهذا العمل العربي المشترك ومواجهة التحديات التي تنتظر المنطقة العربية. وفضلا عن أن الزيارة اتخذت بعدا اقليميا بوصفها مقدمة لحل عدة مشاكل عالقة في مقدمتها تشكيل الحكومة اللبنانية التي طال انتظارها، فقد اتخذت هذه الزيارة وما نتج عنها أبعادا دولية بمعنى أن نجاح التقارب السوري السعودي سيُغلق الباب أمام الغرب حتى لا يتدخل في الشأن اللبناني وحتى لا يستغل حالة الضعف العربي والانقسام العربي لفرض رؤيته للحل في فلسطين... إنها فعلا مقدّمة لتوحيد الصف العربي ودفع مسار المصالحة العربية وبداية لتفعيل العمل العربي المشترك لإنقاذ ما يمكن انقاذه من حقوق الامة الضائعة.