(1) هل تتصورون أن رئيسا سابقا للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان كاد يتسبب في أزمة دبلوماسية بين السينغال وموريتانيا بفعل محاولة الوساطة العرجاء التي قام بها؟ نفس الشخص كان يترأس اجتماعات الهيئة المديرة وفي جيبه بيانان ، واحد للمزايدة وآخر للتهدئة (هكذا كان يردد باستمرار). وفي يوم من الأيام ترأس بمقر عمادة المهندسين اجتماعا للمجلس الوطني للرابطة فخرج لاستنشاق الهواء لكنه عاد مسرعا ليقول: «لقد وجدت أمام الباب خطافا ميّتا وهذا نذير شؤم ويمثل تهديدا من قبل السلطة» (هكذا). وفي بداية التغيير – وهو المواطن الكوني – كتب مقالا بعنوان (الجنوب يا بن علي) لكنّ أهالي جنوبه أصدروا عريضة يستنكرون من خلالها تصريحاته و أفعاله الماسة بالوطن و مصالحه. جمعني به لقاء تلفزي في قناة الحرة الأمريكية و كان مصحوبا بمختار الطريفي - الرئيس المنتهية ولايته منذ زمان بعيد للرابطة – و كان الاثنان في مهمة تاريخية بواشنطن للالتقاء بالفعاليات المدنية و الحزبية –التي فقدت فجأة طابعها الأمبريالي- قصد حثها على الضغط على الحكومة التونسية لتنفتح على القوى الديمقراطية (هكذا) وكان صاحبنا يتكلم بانفعال شديد وعيناه تتقدان بريقا غريبا شبيها بأبطال الرسوم المتحركة ومؤخرا لمحته بباريس وهو يجر أذيال الخيبة بعدما فشلت مساعيه في تجسيم العصيان المدني على السلطة الحاكمة في تونس وربما أصيب بعصاب إضافي عندما يرى بأم عينيه إقبال الناخبين يوم الأحد القادم لاختيار الأجدر بحمل الأمانة. هل عرفتم عمّن أتحدث؟ إنه المنصف المرزوقي الذي نسي الطب الجماعي ليعوضه بفوضى جماعية ومراهقة سياسوية لم يشف منها إلى اليوم. حتى جمهورية المؤتمر التي يرأسها فلا يتجاوز أفرادها العشرة ، و لله في خلقه شؤون. (2) أحد ( كابورالات) حقوق الإنسان كان يردّد باستمرار أنه الأقدر على فهم طبيعة النظام و بإمكانه أن يطوع الأجهزة القائمة لتوجهاته الكوسموبوليتية. و المعروف عنه تردده على حديقة رياضية لتقديم الخدمات. شهرته فاقت التوقعات ، فهو الخبير، العليم، العارف ،،المطلع، المكتشف، المدقق، المصحح ، القابض، المانع، الجامع لكل الصفات و المزايا الإنسانية، مما جعل يوم محاكمته سنة 1986 يوما مشهودا حضرته المرحومة أرملة منداس فرانس التي قابلت الزعيم بورقيبة للصفح عن صاحبنا. له كنش ضخم، يعج بالأرقام الهاتفية ، وتلك علاقات شبكية لها جذورها الفرنسية و بإمكانها أن تمتد إلى جزر الواق واق مرورا بمالطا الحنينة حيث يستنجد بصاحبنا للاستفادة من خبرته... عندما ترفض طلباته في اجتماعات الرابطة يرعد ويزبد وصولا إلى الإغماء كأداة مثلى للتأثير المشهدي. الغريب أنه انتقل من البرسبكتيف إلى الديمقراطيين الاشتراكيين لكنه حطّ الرحال عند جماعة الغنوشي ومن شاكلهم من دعاة الدولة الدينية ،كل ذلك باسم الديمقراطية عشيقته الأخيرة مع نسيان تام للأم ممثلة في التربية على المواطنة. كانت بيانات الرابطة في عهده السعيد تتكيف حسب طبيعة العلاقة التي تجمع السلطة بحزبه وكان المهندس الرئيسي لمؤتمر 94 سييء الذكر الذي اختلطت فيه الأوراق وفقدت الرابطة بفعله قيمتها الرمزية عندما تم حشرها بمنخرطين من ذوي المهن المختلفة. إنه خميس الشماري فريد زمانه، لا يشقّ له غبار، تمتزج عنده المصلحة بالمصلحة وعن المبدئية حدّث ولا حرج؟ (3) في الاجتماع المزعوم لدمج فرع تونسالمدينة بفرع باب بحر للرابطة سنة 2005 ارتفعت الأصوات مندّدة بمشاركة أريال شارون في قمة المعلومات فتساءلت علنا: ايّهما أخطر مشاركة شارون أم مشاركة عضو الهيئة المديرة سهير بلحسن في إعداد تقرير لفائدة الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان حول ما سمي بالبغايا العراقيات اللواتي ذبحهن صدّام حسين؟ وتساءلت عن المغزى من استهداف بلد محاصر وشعب جائع بمثل هذه السخافات وهل يعتبر ذلك من الأولويات الحقوقية؟ وكان ردها باهتا مع عبارات نابية وهي التي تربت في حجور معروفة بل كان لها منتداها الخاص الذي يؤمه عديد المسؤولين في العهد السابق. وقد طبعت مؤخرا بثلاث لغات كراسا حول الانتخابات التونسية مساهمة منها في الاجتماع الباريسي الفضيحة حول تونس. والمعروف عن صاحبتنا استفادتها القصوى من النظام السابق وعلاقاتها الوثيقة مع عديد الرموز التي تعرت فيما بعد واليوم نراها تبحث عن تاريخ جديد على رأس منظمة تنعت بالدولية وتناست أن الرابطة التونسية مستقلة ولا يمكن للفيدرالية الدولية أن تحلّ محلها فيما يتعلق بالشأن التونسي. لقد شاهدت بأم عينيّ كيف دارت الأمور بلشبونة العاصمة البرتغالية في المؤتمر الأخير للفيدرالية وما هي المسوغات التي دفعت ببلحسن سهير إلى دفة التسيير. هل هو نضالها الذي لا غبار عليه؟ هل لها مساهمات فكرية وسياسية وقانونية جديرة بالمتابعة؟ الأكيد أنها نكرة داخل المنظمة التونسية قياسا بعشرات المناضلين ولم تكن بالمرّة عضوا فاعلا وهذا من مخلفات “التصور الشماري” عندما عين منخرطين مسقطين لا علاقة لهم بالفرع من حيث الجغرافيا وفي ذلك تلاعب بالقانون كمنهج وأداة. إنها سهير، علم على رأسها نار، جابت القفار والبحار باحثة عن الأسرار من خلال خطاب فئوي اقصائي صالوني لا يمكنه أن يكون محل متابعة أو رصد. (4) وفي إطار بحثنا عن النوع الإنساني لا يمكننا أن ننسى “ست الرياح” .عندما تتكلم، كلماتها مزيج من اللعاب والتراب، قد يكون قربها من الأوساط الفلاحية سببا في ذلك. المهم أنه في فترة الرئاسة المشؤومة للمرزوقي كلفت بطباعة معلقات وصور لكنها لم تفعل شيئا من ذلك وقبضت الأموال وبقي أمين المال يلاحقها دون جدوى. جربت النشر ففشلت. قلدت أصحاب المطابع فخابت ونجدها اليوم تترصد مانحي الجوائز بالعملة الصعبة وبلغنا أن إقامتها الألمانية مريحة إلى أبعد الدرجات. ثقافتها محدودة ولم تفهم إلى اليوم أن حقوق الإنسان وتجسيد دولة القانون متصلان بمفهومين أساسيين هما الشخص والحق الذاتي فما دام الإنسان ينظر إلى الحق باعتباره قانونا وينظر إلى نفسه كموضوع للقانون وليس كمصدر له سينظر إلى القانون كشيء خارج عن ذاته مستقل عن إرادته، مجسدا لإرادة سلطة تعلوه. سهام بن سدرين أو ست الرياح تنظر إلى القانون كجهاز سلطوي وليس سبيلا للحرية. هذه عينة من البؤساء في زمن العولمة واهتزاز القيم، كان الأجدر بها البحث عن عناصر تعريفها كذوات بشرية بدل المسّ بالرقعة الجغرافية التي يدعون الانتساب إليها ويقدمون أنفسهم كبدائل افتراضية للسائد السياسي والاجتماعي.