حذّر السيد عباس زكي، القيادي البارز في حركة «فتح» وممثل منظمة التحرير في لبنان من خطورة الخطوة التي أقدمت عليها إدارة أوباما بتنازلها لإسرائيل عن شرط تجميد الاستيطان معتبرا أن مثل هذا الموقف قد يفضي إلى تصفية القضية الفلسطينية ويعيد إلى الأذهان وعد بلفور المشؤوم.. السيد عباس زكي الذي التقته «الشروق» على هامش الندوة الدولية للتجمع الدستوري الديمقراطي تحدث كذلك عن فرص المصالحة الفلسطينية في ضوء ما استجد من خلافات ومناكفات بين الفرقاء الفلسطينيين حول موضوع الانتخابات والورقة المصرية عموما.. وفي ما يلي هذا الحديث: كيف تفسّرون تراجع إدارة أوباما عن شرطها بتجميد الاستيطان لاستئناف المفاوضات.. وما هي برأيكم دواعي هذا «الانقلاب» في الموقف الأمريكي ودلالات تزامنه مع ذكرى وعد بلفور؟ يبدو أن حكومة الثالوث المتطرّف نتنياهو ليبرمان باراك قد بدأت تأخذ البعد الذي جاءت من أجله وهو القضاء الكامل على التسوية السياسية وسد الآفاق أمام المتدخلين من أجل سلام واستقرار الشرق الأوسط وأيضا يعني أنه باستطاعتهم أن يثنوا باراك أوباما وهيلاري كلينتون عن أي تصريح سابق بحق الفلسطينيين حتى في حق الوجود والحياة لأنه من المؤسف أن أول اتصال للرئيس أوباما بأبي مازن استبشرنا خيرا ثمّ ثاني اتصال لهيلاري كلينتون بالرئيس «أبو مازن» استبشرنا خيرا وظننا أن الولاياتالمتحدة قد تغيرت ولم تعد تنظر إلى الشرق الأوسط بعيون إسرائيلية لكن فوجئنا الآن بأن المستوطنات التي كان الأمريكان يقولون إنها عقبة أمام السلام صار الحديث عن وقفها عقبة في وجه السلام.. هذا أمر في منتهى الخطورة وبالتالي هذا الموقف الأمريكي الذي أصبح متساهلا أمام حالة التطرّف الاسرائيلية يحتاج الآن إلى استراتيجيات ورؤى فلسطينية عربية دولية.. وبالتالي أقول نعم إن ما يجري شبه «وعد بلفور» جديد لكن على العالم أن يضع في اعتباره اليوم اننا لم نعد نقيم وزنا لمن يريد السيطرة علينا، بما في ذلك اسرائيل.. فنحن عصيون على الاستسلام والركوع والخنوع فلو اجتمع العالم كله فقد يستطيع هزم القيادة لكنه لن يستطيع هزم الشعب.. أكّدتم على حاجة إلى استراتيجية فلسطينية للتعاطي مع هذا الوضع.. لكن هل ترون أن في الوضع الفلسطيني الداخلي ما يوحي اليوم بتبلور مثل هذه الاستراتيجية في ضوء حالة الانقسام القائمة؟ الحقيقة أنني أشعر بالخجل والعار أن العقل الفلسطيني أصبح عاجزا عن معرفة أولوياته الوحدة حياة والقسمة موت.. فنحن ما أحوجنا الآن إلى الحياة أي إلى الوحدة.. والفصائل كلها التي جاءت ليست صنما يعبد.. هي جاءت لتحرير فلسطين.. وإذا كانت الفصائل أكبر من الشعب.. والشعب من الوطن فلا داعي لهذه الرحلة.. نحن الآن نقول آن الأوان قد آن أن لا تبقى الكرة في المرمى الفلسطيني وأن تهدى الهدايا القيمة والثمينة للاسرائيليين الذين يقولون أنهم لا يعرفون مع من يتفاهمون.. ما أقوله الآن أنه مطلوب من الأشقاء في مصر أن يمارسوا ضغطا أكبر من أجل توقيع الوثيقة الأخيرة التي قبلت بها «فتح» و«حماس» أيضا تقريبا 90٪. قابلة بها.. يحتاج هذا إلى تحريك بعض الزوايا إلى أن يعطي الموضوع الأكبر للوطن وللقضية شيئا على حساب الفصيل ومهما كان هذا الوضع فإنه غير مقبول فلسطينيا أن نبقى في تناحر ونحن في قلعة.. يجب أن نستنفر ونأخذ مواقعنا لمواجهة التحدّي الأخطر وهو تهويد القدس والجدار الذي يقطع أوصال الأرض الفلسطينية يجب ألا نعطي شرعية ليهودية الدولة التي يتحدث عنها ثالوث التطرف الصهيوني لأنه في الماضي إيهود باراك أدخل شارون إلى الحرم واندلعت انتفاضة الأقصى.. الآن ما يسمى أمناء الهيكل يدخلون إلى الحرم وبالتالي لا بدّ من تحرّك مدروس يحرج العالم الذي يسكت على جرائم إسرائيل خاصة أن غولدستون اليهودي قال رأيه في إسرائيل ويواجه الآن الأممالمتحدة.. نحن نريد الآن كثيرا من غولدستون عربي يظهر على الشاشة، لوقف جرائم إسرائيل المنكرة.. وهذا الأمر لا يتحقق إلا بمناخات فلسطينية إيجابية وأن حجم التراجع الأمريكي أو الاسرائيلي أو استخفاف العالم بالقضية يتوقف على الفلسطينيين.. إذا كان الفلسطينيون في شكل جيد يأخذون كل شيء.. أما إذا كانوا مشتتين فإنها ستكون فرصة وهدية ثمينة تقدم لمن يريد التنصّل من الايفاء بالحقوق الفلسطينية. تبدون هنا في موقف الحريص على الوحدة الوطنية لكن فصائل المقاومة تتهمكم بعرقلة مساعي المصالحة والوحدة بإعلان رئيس السلطة محمود عباس عن عزمه إجراء الانتخابات الرئاسية التشريعية في 25 جانفي القادم.. فما هو تبريركم وتفسيركم لهذه الخطوة؟ هذا أولا كان استحقاقا دستوريا.. كان يجب أن يعلن أبو مازن عن موعد للانتخابات كي لا يحدث فراغ لأن الكل صمّم على أن التأجيل الذي مضى عليه سنة غير مبرّر وآن الأوان وأعطيت فرصة كي يكون في جانفي القادم.. هذا الموقف من «حماس» إذا جرى التصميم عليه فكأننا سنكون بذلك قد شرعنا ليس فقط قسمة الشعب بل قسمة الوطن.. وهي عملية مرفوضة جملة وتفصيلا.. إذن الرئيس ضمن حتى الآن الاجراء الدستوري.. على الكل أن يتنادى الآن إلى الوحدة حتى لا يصبح الموضوع كلمة حق يراد بها باطل أو تصل إلى أضرار خطيرة لأن أهم شيء أن تعالج الأمور قبل موعد الانتخابات. لكن كيف يتم ذلك وما هو تصوركم للطريقة التي يفترض أن تعالج بها الأمور؟ ذلك يتم عبر الورقة المصرية.. نحن موافقون ليس في 25 جانفي القادم بل وافقنا على طلب «حماس» بأن يكون في النصف الأول من العام القادم وهو أمر مقبول ومعقول ممكن في مارس أو في أفريل.. لكن المهمّ هو الوفاق الفلسطيني.. ومن ثمّة يمكن أن أقول إنه لم يعد أحد يعطي عذرا لأي قائد فلسطيني بأن لا يعرف أولوياته وبأن لا يكون قد وضع الحلّ قبل أن يحلّ الوطن وقبل أن تضيع المسيرة بإرثها التاريخي.. من هنا فإن المساعي جارية ومصر تحظى بدعم عربي في المبادرة أو في الاتفاقية أو في الحوار وبالتالي يجب أن تتوفر كل عناصر الضغط لمساعدتها في إيجاد الحل قبل أن تكون لا سمح اللّه رصاصة رحمة سواء على الديمقراطية أو على الشعب ووحدته أو على الأرض ووحدتها.. وبالتالي أقول إننا نشعر الآن أن الوحدة يجب أن تنجز بأقصى سرعة والمجهود العربي يجب أن يواكب الوحدة الفلسطينية بأقصى سرعة..