هدّد رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بالاستقالة من منصبه بعد موجة التنديد العارمة التي أثارها تأجيل التصويت على تقرير «غولدستون» فيما شكّك مراقبون في قدرة أبي مازن على الصمود امام الغضب المحلي والاقليمي المتفاقم. ونقلت صحيفة «الشروق» المصرية في عددها الصادر أمس عن مصادر فلسطينية مطلعة قولها ان محمود عباس هدد بالرحيل عن السلطة مضيفة انه ابلغ عواصم عربية بعزمه على اتخاذ قرار الاستقالة. نوبة غضب حادة وأشارت المصادر ذاتها الى ان الرئيس الفلسطيني دخل في نوبة غضب حادة على خلفية «تنازل» العواصم العربية التي ساندت قرار الارجاء عن موقفها الاول وتنصلها من المسؤولية. وأوضحت ان درجة الشجب الداخلي وصلت الى درجة اتهامه من قبل الدائرة السياسية المحيطة به ومستشاريه بالتخلي عن الثوابت الوطنية الفلسطينية. وبيّنت في هذا السياق، ان عباس بدأ يشعر بالوحدة خاصة بعد ان نأى عنه أقرب المؤيدين لسياساته. في المقابل قلّلت جهات رسمية في القاهرة وعمان من امكانية رحيل محمود عباس معللة موقفها بدأب الأخير على التهديد المتكرر بالمغادرة بعد كل موجة غضب عليه وعلى السلطة الفلسطينية. تشكيك في الاستمرار من جهة أخرى شكك متابعون للشأن الفلسطيني في قدرة «أبو مازن» على مجابهة موجة الغضب المحلي والإقليمي المتعاظمة معتبرين أن تعرّضه الى تبرم قوي من قيادات فتحاوية تتماهى معه في خيار التسوية مع الكيان الصهيوني يكشف عن حجم «المأزق» الذي بات يهدد مستقبل عباس التنظيمي. وأضاف المحللون ان التنديد الواسع الذي أثاره تأجيل احالة تقرير ريتشارد غولدستون الى التصويت في مجلس حقوق الانسان كان بمثابة الشعرة التي قصمت ظهر البعير، مشيرين الى ان الشجب ما كان له ان يكون بتلك الحدة لولا سوء تصرّف السلطة الفلسطينية في العديد من الملفات المصيرية والحساسة. وأبرز المتحدثون ان قبول محمود عباس عقد لقاء ثلاثي مع الرئيس الأمريكي باراك اوباما ورئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو على الرغم من رفض السلطة المعلن اجراء محادثات قبل تجميد الاستيطان عُدّ في نظر الأطراف السياسية تنازلا فلسطينيا لصالح تل أبيب وواشنطن. وعزوا هذا الرأي الى ان أبا مازن لم يستطع إعادة اسرائيل الى طاولة المفاوضات بشروط فلسطينية. وأكدت المصادر ذاتها ان رئيس السلطة الفلسطينية لم يعد مقبولا حتى من تل أبيب التي تعتقد ان ضعف عباس في مواجهة «حركة حماس» بقطاع غزة يجعله غير قادر على ضمان أمن اسرائيل. وشدّدت على ان حركة «فتح» ستعيد ترتيب صفوفها من جديد وستبحث عن قيادات جديدة شابة قادرة على ضخ دماء المقاومة في شرايين الحركة موضحين ان الأنظار الفتحاوية تتجه الى مروان البرغوثي الذي من المرتقب اطلاق سراحه في صفقة تبادل الأسرى.