يذهب في اعتقاد البعض منا ان القيلولة اضاعة للوقت وهي شكل من أشكال الخمول والكسل لكن الحقيقة تبدو عكس هذا الاعتقاد فأخذ قسط من الراحة يسمح باستعادة الراحة الجسدية والذهنية. تنتابنا في الغالب رغبة قوية في النوم في بداية بعد الظهر وخاصة ما بين الساعة (الواحدة) و (الثالثة) اذ يكون الجسم في أدنى درجات لياقته خاصة مع تأثير ارتفاع درجات الحرارة.. وفترات القيلولة النهارية الطويلة تسمح باستعادة نشاط الجسم، يقول الدكتور عبد الرزاق يحيى : «مكاسب القيلولة مزدوجة باعتبار انها من ناحية تقي الانسان من مخاطر أشعة الشمس لما لهذه الاشعة من تأثير على الجلدة». وهي اي القيلولة من ناحية أخرى تساعد على عملية الهضم وتعيد الى الجسم نشاطه وحيويته بما من شأنه ان يحفزه للعمل وعلى تقديم مردودية أفضل. الاهم من كل هذا ونظرا لارتباط الراحة الجسمية بالراحة النفسية فإن القيلولة من شأنها ان تخفّض من حدة الاضطرابات النفسية وتزيل التوتر النفسي. محاسن القيلولة اذن ليست موضع شك خاصة وانها تحفز التركيز وتحسن من أداء العمل خاصة لدى العاملين في بعض المهن التي يتطلب ان يكون القائمون بها على درجة كبيرة من التيقظ (الأطباء، الممرضين، سائقو الشاحنات وسيارات الاجرة...) * رضا بركة ---------------------------------------------------------- **أطوار النوم الخمسة يوجد قسمان للنوم الاول بطيء (sl) lente، والثاني هو العكس paradoxale. يتميز الاول بنشاط كهربائي دماغي أكثر فأكثر بطئا وشمولا ويجزأ الى ثلاث مراحل بزمن يتراوح من (60 الى 75 دقيقة) النعاس النوم الخفيف (نستيقظ لمجرد خبطة الباب) النوم العميق جدا. أما النوم العكسي فيدوم من (15 وحتى دقيقة) يعقب النوم البطيء وبذلك تدوم دورة النوم 90 دقيقة تقريبا. ثم يقظة تقوم من 10 وحتى 15 دقيقة تكون بداية جديدة. وهكذا يمكن ان تتعاقب من ثلاث الى خمس دورات نوم في ليلة واحدة. واذا أردنا من خلال القيلولة استعادة الوظائف الجسدية والذهنية (المقدرة على التعلم والاستعاب) يجب ان نحقق دورة نوم كاملة. لكن الباحثين يوصون بقيلولة قصيرة (أقل من 40 دقيقة) وذلك للافلات من خمول النوم الذي يجعلنا واهنين أثناء اليقظة. ------------------------------------------------------- **جماعات لمناصرة «نوم القيلولة» ! تنتشر في العالم هذه الايام دعوة لمناصرة «نوم القيلولة» تتبناها مننظمات وسياسيون ونواب برلمانيون، ففي البرتغال هناك «رابطة محبي نوم القيلولة» يتولى وزير العمل بنفسه مسؤولية الدفاع العلني عن «القيلولة»، وفي فرنسا يدعو الخبراء الى مشروع ل»تقنين القيلولة» وفي اسبانيا محلات للتدليك اثناء القيلولة» بمقابل مادي كبير، وفي ايطاليا يدعو كبار السياسيين لقيلولة وتسمى مدينة كتانيا في جزيرة صقلية : العاصمة الوطنية للقيلولة، وفي الولاياتالمتحدة «غرف خاصة للقيلولة» أنشأتها بعض المؤسسات والشركات فضلا عن «مؤسسة النوم الوطنية الامريكية» التي تدعو دوما الى مناصرة «القيلولة» وفي الصين يوجد اعتراف دستوري ب»القيلولة» كل حق لجميع العمال، وفي الهند يوجد قانون يعاقب من قطع قيلولة الآخرين، وفي اليابان هناك حضور طاغ للقيلولة.. وهناك أسرة للاسترخاء في معظم الشركات والمصانع بهدف تحقيق زيادة الانتاجية! **القيلولة في السنة النبوية وبداية، القيلولة في «لغة الضاد» هي النوم في الظهيرة كما ورد في معجم «مختار الصحاح» فتقول : فلان «قال» من باع و»قيلولة» ايضا و»مقيلا» فهو «قائل»، وقوم «قيْل» و»قيّل». و»القيلولة» لا يُشترط ان تتضمن نوما، وان كان مشترطا فيها «الاستراحة في منتصف النهار» كما في لسان العرب والمعجم الوجيز، وقد ثبتت القيلولة في السلوك النبوي الشريف وهي في السنّة لا تستلزم النوم اثناء النهار بل تتطلب الرقاد والاسترخاء فقط مثلما تدعو أحدث النظريات العلمية الغربية التي نتعرض اليها، وهناك اكثر من تأكيد نبوي على أهمية التمسك بالقيلولة ومن ذلك : عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله ص «قيلوا فإن الشياطين لا تقيل» رواه الطبراني في الاوسط، ودعوته الصريحة الى الاستعانة ب»قيلولة النهار» على «قيام الليل». يؤكد الدكتور «يسري عبد المحسن» استاذ الطب النفسي بجامعة القاهرة ان هناك فوائد نفسية وفسيولوجية كثيرة ناجمة عن القيلولة التي تعني الاسترخاء في الأساس كما في السنّة النبوية الشريفة، وهذا هو سر التفاف الغربيين حول القيلولة وتنظيمهم رابطات للدفاع عنها والترويج لها، فيوما بعد يوم تجري بحوث ودراسات جديدة، وتتم اكتشاف منافع للقيلولة لا حصر لها. ويضيف د. عبد المحسن : تساعدالقيلولة اوالاسترخاء التام ما بين ثلاثين الى ستين دقيقة، الانسان على شحن بطاريته النفسية والفسيولوجية، وتحقيق حالة من الراحة التامة للذهن وكافة عضلات الجسم والجهاز الحركي. ومع هذا التداعي الحر وتوجيه الفكر بعيدا عن الالتزام بشؤون العمل والحيااة، يعود المرء أقوى وأنشط وأكثر قدرة على العمل والعطاء، أما اذا طالت فترة النوم ووصلت الى ساعتين مثلا، فإن النوم النهاري هنا يقود الى حالة من الخمول والكسل وربما الارق في الليل، ويكون للنوم أثر سلبي. **تجديد النشاط ويلتقط خيط الحديث الخبير النفسي الدكتور «فتحي عفيفي» الاستاذ بجامعة الازهر، موضحا ان الغرض الابرز من القيلولة هو عزل الانسان تماما عن المؤثرا الخارجية ويقول : تساعد هذه الحالة على راحة الخلايا المخية والاعصاب من الاجهاد الذي يحل بها، وليس المهم طول فترة النوم بقدر أهمية التعمق في الاسترخاء.