في هذا الحوار يتحدث محمد ادريس مدير المسرح الوطني وأيام قرطاج المسرحية عن الدورة الجديدة. تمكنتم من اعداد البرنامج وأصدرتموه في كتاب قبل انطلاق المهرجان بأيام، متى بدأتم الاعداد الفعلي للدورة؟ بدأنا العمل على مراحل هناك تحضيرات أولى بدأناها في أكتوبر الماضي يعني قبل عام على اعتبار أننا نقوم بدور الاعداد والتمهيد ومساعدة الهيئة الجديدة التي ستعيّن، هناك تواصل بين الهيئات لأن كل هيئة تعمل من أجل تونس وإشعاعها، هناك فرق ومهرجانات راسلتنا وهناك مهرجانات شاركنا فيها يعني أننا لم نتوقف عن العمل رغم أننا لم نكن مكلفين بذلك رسميا وكنا نستشير بعض الأصدقاء الذين يشاركون في المهرجانات العربية والافريقية حتى نضمن أكثر ما يمكن من العروض المتميزة والتي تحمل الإضافة لتبقى أيام قرطاج المسرحية مرجعا. لكن عملنا الحقيقي والرسمي بدأ في جوان عندما كلّفني السيد الوزير رسميا الأستاذ عبد الرؤوف الباسطي باعداد الدورة الرابعة عشرة.. نحن نتكامل كمسرحيين وهناك تناغم وتواصل بيني وبين رموز الحركة المسرحية لأننا نعمل جميعا من أجل تونس كل من موقعه وحاولنا المشاركة في المهرجانات المرجعية الكبرى وحتى التظاهرات غير المهمة كثيرا شاركنا فيها حتى نستفيد من كل التجارب المسرحية وخاصة التجارب المنفتحة على الفنون مثل الموسيقى والرقص والسيرك الفني وغير ذلك. ولست وحدي الذي أعد البرنامج بل عملنا كفريق متكامل حتى بالنسبة للأصدقاء الذين هم خارج الهيئة استعنا بهم وأشركناهم في الرأي والاختيار وهذا سر ثراء البرمجة والشيء المهم هو تقييمنا للدورة الماضية بكل جدية وانتباه حتى نتجاوز الأخطاء ونثمن المكتسبات. هذه التظاهرة ملك للمجموعة الوطنية ومجهود المجموعة الوطنية وإرادة الدولة هي التي كانت وراء بروز هذه التظاهرة حينئذ المسألة لا تتعلق بمهرجان ينظم بالعفوية والهواية، هناك حرفية وحزم وعندما نختار عملا نقرأه من كل الجوانب وما يقودنا في اختياراتنا هو النظرة التقدمية فلا مجال للمسرح الرجعي المنطوي على ذاته الذي يروّج لخطاب معادي لقيم الحداثة ومكتسبات الجمهورية والمجتمع المدني لا مجال لمسرحية فيها رجل ينهال ضربا على زوجته أو ابنته أو يحتقر المرأة ويعتبرها قاصرا هذا لا مجال لقبوله مع احترامنا لأصحابه، نحن لسنا بصدد تقديم شهادات في المسرح أو دروس لكن لدينا مسؤولية وأمانة حتى نقدّم للجمهور التونسي تنوّع المقترح الابداعي في المنطقة العربية والافريقية وفي العالم بامكانيات محدودة لأنه من المستحيل أن نستضيف كل الأعمال الممتازة ولكن رغم ذلك لدينا أعمال كبرى لمسارح لها اسم راسخ ومسارح سيكون لها اسم في العالم. ٭ المليار المخصص للتظاهرة هل تعتقد أنه كاف؟ ضيق الوقت يجعلك مضطرا إلى التخلي عن كثير من الأحلام حتى وإن كانت هناك ميزانية أكبر، نحن في الإدارة واقعيون نريد تحقيق النجاح بامكانياتنا المتوفرة أما الذي لا يمكن تقييمه بالمال هو الوقت وخبرة العاملين معي وهذا يتجاوز المليار بعشر مرات وبخبرة المؤسسة وقدرتها على التنظيم استطعنا أن تكون برمجتنا جاهزة قبل شهر منذ نهاية سبتمبر ولم يتغير شيء أكثر من بعض التفاصيل الصغيرة جدا وهي مسائل تقنية فقط لهذا تأخرنا قليلا في إصدار الكتالوغ بسبب بعض المسائل التقنية فقط ولأول مرة يحدث هذا في تونس منذ الاستقلال إلى الآن وهذا تقدير واعتراف للمجموعة الوطنية التي وضعت فينا ثقتها وهو دين علينا تسديده لأننا لسنا بصدد القيام بفضل أو «مزية» بل هو واجب. ٭ هناك حضور كبير للمسرح التونسي وخاصة من المسرحيين الشباب والتجارب الجديدة، أنت كمحمد ادريس هل أنت راض عن المشاركة التونسية؟ كل ما هو ممكن وفرناه حتى يكون المسرح التونسي حاضرا بنصيب الأسد وفي كل الدورات التي أدرتها سعيت إلى هذا بعد أن كان المسرح التونسي يمثل بمسرحيتين أو ثلاث، حضور المسرح التونسي ضروري حتى بالنسبة للتجارب التي ليست في الصدارة، لكن هذا جزء من الواقع، المسرح التونسي ليس عظيما بل له مقترحات جيدة ومتنوعة وله مستويات متفاوتة اخترنا أعمالا جديدة وشبابية وأكثر من ثلاثة أرباع المشاركين شباب والمسرحيون التونسيون كذلك أغلبهم شباب وهذا هو الواقع ونحن نتجاوب مع الواقع التونسي وهو واقع شبابي. المهرجان فرصة لاكتشاف مسارح أخرى لا تتاح رؤيتها لأغلب المسرحيين ثم ان المسرح في التلفزة ليس مسرحا فيبقى المهرجان إذن هو الفرصة الوحيدة خاصة مع صعوبات التأشيرة في العالم المتقدم وبالتالي تنقل الشباب لاكتشاف الخطاب المسرحي المتطور ليس سهلا لهذا نحن تولينا هذا الأمر وفتحنا الباب وليس النافذة على العالم. ٭ المسرح التونسي هل تعتقد أنه على أحسن حال؟ لا أريد أن أكون أستاذا يمنح اعداد الامتياز والأصفار هذا شيء خطير ومسؤولية كبيرة، لكن في الكثافة هناك معايير ايجابية وهي ديمقراطية الفعل المسرحي التي ندافع عنها ونفتخر بها أما قضية الجودة والاستحقاق فليست مرتبطة بالعمل وصانعيه هناك حلقات مفقودة، لا تنازل على ثوابت القيم والرصيد الايجابي الذي جمعه المسرح التونسي، لهذا أصبح من الضروري ترتيب بيت المسرح التونسي لذلك جاءت الاستشارة الوطنية حول المسرح التي أذن بها سيادة الرئيس زين العابدين بن علي الذي يقدر مجهود المجموعة المسرحية في التعبير عن أحلامها وهناك خطة تعدّ الآن لترتيب البيت المسرحي التونسي وحضور المسرح التونسي مشرف ولدينا طاقات مسرحية شابة وأعمال مهمة تبشر بمسرح متطور ومتجدد، هناك طابع ربما غالب على غيره لكن لا يمكن أن نقف عند هذا الحد ما اخترناه من أعمال تكشف بنسبة تسعين بالمائة عن الأمل في الجيل الشاب. ليست لدينا «سلعة» بل لدينا مقاربات واقتراحات جمالية ومن المهم أن نقدم مسرحنا إلى النقاد القادمين من العالم حتى يستفيد الشباب من ملاحظات النقاد لذلك لا أحب الأحكام القاسية. ٭ هناك فضاءات لم يتم إدراجها لماذا؟ هناك اعتبار فني أولا، هذه الفضاءات لا تتلائم مع الشروط التقنية المطلوب منا توفيرها وهناك شروط أخرى منها أننا لا يمكن أن نختار فضاء نعرض فيه عرضا واحدا هناك ضغوط مادية أيضا. شخصيا كنت أود أن أشرك كل الفضاءات لكن الميزانية لا تسمح ولا تنسى أن التكلفة ارتفعت عن الدورة الماضية لكن الميزانية لم تتغير. نشكر بلدية تونس التي منحتنا حق التصرف في المسرح البلدي والمسرح الوطني أيضا، نحن لم نقصد اقصاء أحد لكن كل ما في الأمر هو الشروط التقنية والمالية وأنا متأسف فعلا لهذا وأرجو أن تتاح لنا امكانيات أفضل في المستقبل حتى نشرك أكبر عدد من القاعات في البرمجة. ٭ لماذا لم تدرج عروض للأطفال؟ مسرح الطفل شيء آخر، إذا كنّا نريد أن ننظم مهرجانا لمسرح الطفل علينا أن نوفر ميزانية ضعف الميزانية الحالية أربع مرات لأن الجودة غالية ثم هذا اختيار. لا يمكن إدراج الهواة والأطفال في مهرجان واحد. مسرح الطفل يتطلب إلماما بيداغوجيا ومع احترامي لكل العاملين في مسرح الطفل تجربتنا متأخرة جدا، أنا شاهدت مسرحيات في أوروبا وأمريكا وشاهدت الامكانيات المتوفرة لهم، هناك مجموعات تعمل من علماء بيداغوجيا ونفس وعلوم تربية. ٭ لهذا تخليتم في المسرح الوطني عن مسرح الطفل؟ لا، لم نتخل عن هذا قمنا بتجارب لكن هذا ليس اختصاصنا، جمهور مسرح الطفل شيء آخر يتطلب حضورا وإعدادا بيداغوجيا وعلميا وتربويا وامكانيات مالية لكن الآن أغلب ما نراه في مسرح الطفل يتعامل مع الطفل باعتباره ساذجا ويقدمون له أشياء باسم المسرح لكن لا علاقة لها بالمسرح. ٭ ما هي مشاريع المسرح الوطني؟ المسرح الوطني ينتج بانتظام لدينا الآن ثلاثة أعمال جديدة مع شباب ولدينا اقتراحات بصدد الدراسة لسنة 2010. وتركيزنا على الشباب ليس موضة لكن هناك ثلاثة أرباع سكان تونس شباب نحن نواكب التطور السكاني لتونس علينا أن نتصور المستقبل مع الشباب الذي يجب أن يبني تونس معنا.