200 ألف ليلة مقضاة: توقعات بسنة قياسية للوجهة السياحية بتوزر    السودان.. قوات الدعم السريع تعلن القبض على "أبو لولو"    منزل بورقيبة :مفقود منذ 50 عاما ...عائلة تنتظر نتيجة تحاليل جينية للتأكد من العثور على شقيقهم    اعتقال خمسة أشخاص جدد في قضية سرقة جواهر متحف اللوفر..#خبر_عاجل    البطولة العربية للأندية للكرة الطائرة (سيدات): الترجي الرياضي يفوز على فتيات العيون الكويتي بثلاثة أشواط نظيفة    العوينة: خلاف ينتهي بمقتل حفيد وزير أول أسبق    خطبة الجمعة: الغفلة وآثارها    فضائل الصدقة في الإسلام    وزير الخارجيّة يتسلّم رسالة خطيّة موجهة إلى رئيس الجمهورية من أمير دولة الكويت    أولا وأخيرا .. غزة والفجر والديك    دورة الهاشمي رزق الله الدولية لكرة اليد: المنتخب التونسي يفوز على نظيره الغيني 32-27    عاجل: دخول السفينتين'حنبعل 3' و'حنبعل 4' حيّز الاستغلال الرسمي في مجال المراقبة البحرية    حالة الطقس هذه الليلة    حماس تعلن..#خبر_عاجل    العاصمة: هذه القاعة السينمائية تُغلق أبوابها نهائيا    خالد بن يحيي مدربا جديدا للاتحاد الليبي    عاجل: وزير الشؤون الدينية يعلن ثبات تسعيرة الحج وزيادة حصة الحجيج التونسيين في 2026    عاجل: منخفض جوي سريع يلمّس الجزائر وتونس...هذا الموعد    طقس الويكاند: شنوّة يستنّانا التوانسة ؟    فرنسا تلغي اتفاقية الهجرة مع الجزائر الموقعة منذ 1968...شنوا الحكاية ؟    إضراب بيومين في قطاع البنوك    عاجل من السعودية: تعديل جديد في نظام تأشيرات العمرة    16 ديسمبر: جلسة عامة للمصادقة على قانون انتداب الخريجين ممن طال بطالتهم    حادثة مأساوية: مقتل رضيعة على يد طفلة داخل حضانة!!    موعد انطلاق العمل بجهاز تسجيل الاستهلاك بالمطاعم والمقاهي..#خبر_عاجل    عاجل/ الكشف عن السعر المبدئي للتر الواحد من زيت الزيتون    بودربالة يطلع على الوضعية المهنية لعدد من المتعاقدين بمراكز الفنون الدرامية والركحية    عاجل: اكتشاف سمكة ''ذات الراية'' في ليبيا يثير القلق ... هل تصل تونس بعد؟    مؤسسة الأرشيف الوطني ستعمل على حفظ الوثائق السمعية البصرية من الإتلاف وبناء استراتيجية لرقمنة المحامل القديمة (مدير عام الارشيف الوطني)    "جائحة الوحدة": لماذا نشعر بالعزلة في عالمٍ فائق التواصل؟    اليوم الجهوي حول الرضاعة الطبيعية يوم 4 نوفمبر المقبل بالمركز الثقافي والرياضي للشباب ببن عروس    غرفة التجارة والصناعة لتونس تنظم يوم 5 نوفمبر ندوة حول "حماية حقوق الملكية الفكرية..رافد لتطوير الصادرات    الدورة الرابعة للبطولة الوطنية للمطالعة: حين تصبح المطالعة بطولة.. وتتحول المعرفة إلى فوز    10 مشروبات ليلية تساعد على إنقاص الوزن..تعرف عليها..!    سيباستيان تونيكتي يفتتح رصيده التهديفي مع سيلتيك في البطولة    داومان جوهرة أرسنال يصبح أصغر لاعب سنا يشارك أساسيا في تاريخ النادي    الرابطة الأولى: تشكيلة النادي البنزرتي في مواجهة الترجي الرياضي    الرابطة الأولى: الترجي الرياضي يستضيف النادي البنزرتي    عاجل : مصوران يفقدان حياتهما أثناء تصوير إعلان في بورسعيد    قفصة: الدورة 35 للمهرجان الإقليمي للمسرح بدور الثقافة ودور الشباب والمؤسسات الجامعية يوم 31 اكتوبر الجاري    الملتقى الدولي حول 'الانسانية المعززة.. الفنون والتفرد.. تصورجديد لاخلاقيات الغد وجماليته ' من 12 الى 15 نوفمبر 2025 بجامعة قابس    تنبيه عاجل : علامات تخليك تعرف إذا كان تليفونك مخترق وكيفاش تحمي روحك    عاجل/ الاحتلال الصهيوني يغلق مدينة القدس..    ديوان الصناعات التقليدية ينظم المشاركة التونسية في المعرض الدولي للصناعات التقليدية بميلانو من 6 الى 14 ديسمبر 2025    قبلي: توقف عدد من فلاحي منطقة جمنة عن جني تمورهم بسبب تخفيض اسعار قبول دقلة النور من طرف عدد من المجمعين    ولاية تونس: جلسة عمل حول الاستعدادات لتنظيم المؤتمر العالمي للغرفة الفتية الدولية    تمضغ ''الشوينقوم''على معدة فارغة ...حاجة خطيرة تستنى فيك    أكثر أمراض القطط شيوعًا    العوينة: مقتل شاب طعناً بسكين والنيابة العمومية تأذن بفتح بحث تحقيقي    عاجل/ سقط من الحافلة: أول تصريح لوالد طفل ال13 سنة بعد وفاته..    بايرن ميونيخ يحقق بداية قياسية للموسم بانتصاره على كولن بالكأس    فرنسا: القبض على 5 مشتبه بهم آخرين في قضية سرقة متحف اللوفر    علاش نحسوا بالبرد أكثر كي نكبروا في العمر؟    صدمة في لبنان: وفاة مفاجئة لنجم ''ذا فويس'' في ظروف غامضة    رفض مطالب الإفراج عن عبد الكريم الهاروني ومحمد فريخة وتأجيل محاكمتهما إلى نوفمبر المقبل    طقس اليوم: ارتفاع طفيف في درجات الحرارة    بالفيديو : صوت ملائكي للطفل محمد عامر يؤذن ويقرأ الفاتحة ويأسر قلوب التونسيين...من هو؟    زحل المهيب: أمسية فلكية لا تفوت بتونس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المهرجانات السينمائية المكاسب وجب دعمها وإعادة النظر فيها
سنة السينما لنفتح الملف:
نشر في الشعب يوم 26 - 03 - 2011

المهرجان باللغة الفارسيّة هو عيد الفرح أمّا عندنا في تونس تحوّلت المهرجانات إلى عادة وموعد لابدّ منه...
وعندما انطلق أوّل مهرجان عام 1964 لم يكن يحمل اسم مهرجان بل كان يدعى »موسم« وهو أقرب لبعدنا المتوسطي وذلك الموسم أسسه اللبناني سيسيل حُوراني الذي أسّس »المركز الثقافي الدولي بالحمّامات« وهو صديق للرئيس بورڤيبة ساعده على الاقامة في نيويورك لمّا كان الزعيم يشهد عالميّا القضيّة التونسيّة.
وقد افتتح ذلك المهرجان بمسرحيّة »عُطيل« اخراج وتمثيل علي بن عيّاد.
ومنذ ذلك التاريخ انطلقت حمّى المهرجانات ومن بينها المهرجانات السينمائية فماهي المهرجانات السينمائية؟ وماهو دورها؟ وماذا انجزت؟ وهل نحن في حاجة إليها؟ وكيف يقع تنظيمها؟ ومن يسهر عليها؟
كلّها أسئلة تطرح بمناسبة تنظيم كلّ مهرجان سينمائي.
❊ ❊ ❊
الانطلاقة من نوادي السينما
أوّل مهرجان سينمائي كان مهرجان ينظّمه الهواة وهو مهرجان قليبية لفيلم الهواة لكن فيلمه ومنذ 1963 كانت توجد تظاهرة مهمّة تنظّمها الجامعة التونسية لنوادي السينما وهي ملتقى نوادي السينما وأهمّه ذلك الذي نظّم ما بين 25 و28 مارس 1965 والذي أشرف عليه الشاذلي القليبي وكتب بمناسبة افتتاحيّة مجلّة المسرح والسينما التي كان يشرف عليها الطاهر الشريعة ولم تواصل صدورها بعد العدد الثالث وقد تمّ تنظيم تلك التظاهرة في أوّل دار شباب كانت مفخرة دور الشباب في تونس وهي دار الشباب بالبلفدير وحضره أكثر من 50 منشطا.
ويعتبر ذلك الملتقى أوّل لقاء يتمّ فيه فعلاً تخطيط مصير السينما ومنها انطلق مهرجان أيّام قرطاج السينمائية وبعدها المهرجانات الأخرى.
وهاهو السيد الشاذلي القليبي يقدم في الافتتاحية التي ذكرت بأسلوبه الأنيق.
... إنّ السينما التي هي أداة تعبير فنّي وهي بهذا الاعتبار ركن من أركان الثقافة الجديدة...
ومن جهة أخرى فإنّه يمكن القول بأنّ للسينما أهميّة بارزة في معرفة أحوال المجتمعات الجديدة ذلك أنّ السينما أداة تغيير جماعي ومرآة لمشاغل المجتمع وما يعالجه من مشاكل 146 اختلافها ومرآة أيضا للقيم الحيّة التي تهيمن على سلوك الأفراد والجماعات بل انّ السينما كثيرًا ما تكون هي نفسها أداة ابراز وتوضيح لهذه القيم... وبذلك تصبح السينما مساهمة فعّالة في توحيد الشخصية الجماعية داخل الشعب الواحد بتقريب الطبقات الاجتماعية بعضها من بعض من حيث تقاليد الشعور والتفكير.
وتصبح السينما كذلك عاملاً من عوامل التقريب بين الشعوب والقارات باعتبار ما تحمله من تيّارات التبادل وما يترتّب عنها من تشابه وتماثل بين الأمم في الأزياءِ والسلوك وأساليب العيش...«
هكذا كانت إلى آخر ذلك المقال فلسفة للدولة خاصة بدور السينما ومن بينها التظاهرات والمهرجانات.
I أيّام قرطاج السينمائية مكسب عظيم
وبعد نجاح ذلك الملتقى وبعد أن حاول السينمائيّون الهواة عرض أفلامهم في مدينة قليبية وبعد مشاركات عديدة للطاهر الشريعة في مهرجان »كان«السينمائي برزت فكرة بعث مهرجان عربي افريقي ينظّم في تونس وقد بدأ فعلا مهرجان »أيّام قرطاج السينمائية« الذي احتفظ بعنفوانه مدّة 45 سنة »أيّام« وليس »مهرجانًا« وعرف بكلمة »جي سي سي« JCC وقد كان هذا المهرجان واضحًا في أهدافه ودوره.
وهاهو قانون أوّل دورة له يحدّد تلك الأهداف التي كثيرًا ما حاد عليها منذ 1972 عندما سحبت ادارته من الطاهر الشريعة.
ويقول المقال الخاص به في مجلة المسرح والسينما عام 1965. لقد قرّرت كتابة الدولة للشؤون الثقافي تنظيم مهرجان دولي اسمته »الأيّام السينمائية بقرطاج« (تحوّل بعدها إلى أيّام قرطاج السينمائية« وهاهو القانون العام لهذا المهرجان السينمائي الثقافي الذي وجهت في شأنه الدّعوة لسائر الدّول الشقيقة والصديقة (ولاسيما دول حوض البحر المتوسط) والذي ينتظر أن يلقى نجاحًا كبيرًا نظرًا إلى ما تتمتّع به تونسنا من صيت طيب بين الأمم.
الفصل الأوّل
الأيّام السينمائية بقرطاج مهرجان سينمائي وطابع فنّي وثقافي وغاية هي:
أ) المساهمة في تنمية السينما فنًّا وأداةَ تعبيرٍ وظاهرةً ثقافيةً ووسيلةً للتعريف بالعالم وأهله.
ب) المساهمة في نشر الآثار السينمائية الكبيرة.
ج) تمكين رجال السينما (من مخرجين وممثلين ونقاد) ورجال المسرح والأدب من الاتصال ببعضهم اتصالاً مباشرًا من تبادل الآراء حول الأفلام المشاركة في المهرجان.
د) التعريف خاصة بمختلف الثقافة والتيارات الحضرية للبحر الأبيض المتوسط واستخراج أوجه التلاؤم والتشابه التي تربط بين هذه التيارات والتي تمثّل أصولاً أساسيّة للتقارب والتفاهم الأفضل بين الشعوب.
ه) المساهمة في التقدّم نحو الثقافة الشاملة التي هي الممثّل الأعلى لكل البشر والأمانة السياسية لسائر الثقافات.
هكذا اتخذ مهرجان »أيّام قرطاج السينمائية« أو »الأيّام السينمائية بقرطاج« برنامجًا واضحًا ومحدّدا.
ماذا حقّق؟
فعلا دورة بعد أخرى تحوّل مهرجاننا إلى موعد لابدّ من عقده كلّ سنتين وتمّ التفكير أخيرا في جعله سنويّا ومن أهدافه علاوة على تنشيط المدينة فرصة للقاء بين الجمهور والمبدعين مدّة عشرة أيّام في لقاء حميمي لدى جلّ قاعات السينما توجد في وسط العاصمة وهو ما يجعله يختلف عن المهرجانات العربية الأخرى.
كما أنّ هذا المهرجان أصبح بخلاياه التي تطورت من دوره إلى أخرى (سينما الأطفال، الندوات، السوق السينمائية وخاصة الورشات وورشات دعم المشاريع) وأساسًا اعتمادًا على موعد هام وهو مناقشة الأفلام بعد عرضها تحت اشراف الجامعة التونسية لنوادي السينما حتى يُقاس علاقة الجمهور وذلك بحضور المخرجين والممثلين.
وتحوّل المهرجان إلى لقاء لابدّ منه وهو كذلك حافز للانتاج السينمائي فهكذا تتضافر الجهود كل سنتين حتى تشارك تونس بأربعة أفلام على الأقل في كلّ دورة وبالعديد من الأفلام القصيرة.
وإن كانت الأفلام التونسية تتحصّل على الجوائز الأولى فإنّها انسحبت من قائمة الجوائز منذ عدّة سنوات وأدّت وجهة المهرجان الثقافية العربية الفرصة الوحيدة التي يلتقي فيها الساهرون عن السينما العربية والافريقية بعضهم ببعض وهكذا لم تكن السينما الافريقية معروفة في مصر وسوريا ولبنان وبلدان الخليج.
إشعاع أيّام قرطاج السينمائية
كان لمهرجان أيّام قرطاج السينمائية اشعاع كبير ففي صلبه بعثت الجمعيات القارية كجامعة السينما الافريقية التي اعترفت بها منظمة الوحدة الافريقية وقد اندثرت تلك الجامعة منذ وفاة ابراهيم باباي ومن هنا انطلق مهرجان »وغادوغو« الذي نظّم دوراته الأولى الطاهر الشريعة وهاهو مهرجان وغادوغو يصبح أكثر أهميّة من المهرجان الأصل ويتحوّل إلى تظاهرة عالميّة كبرى... ومن هنا انطلقت فكرة مهرجان القاهرة ودمشق ومراكش وماغديشو غير أنّ مهرجاننا أصبح اليوم بعد الدّورات السابقة وقد كتبنا حولها الكثير إلى نسخة ممسوخة من مهرجان »كان«، أصبح يتخبّط في عديد المشاكل.
وماهي الحلول؟
1) الحلّ الأوّل أن يقع القرار رسميّا ببعث جمعيّة لتنظيم ذلك المهرجان وتكون هذه الجمعية مستقلّة ولا يسيطر عليها السينمائيون القدامى الذين عرفوا بالبحث عن مصالحهم الشخصيّة والفنّية بل بمشاركة الجمعيات من محبّي سينما ونقاد وهواة وجمعيات أهلية أخرى.
2) أن يصبح للمهرجان ادارة قارة توثق وتتابع المهرجانات العالميّة الأخرى الصديقة والشقيقة.
3) أن تتمّ التنسيق مع المهرجانات السينمائية العربية والافريقية الأخرى وهي اليوم عديدة، وخاصة في ما يخصّ مواعيد الانعقاد فقد انطلقت مهرجانات في الخليج لها امكانيات مالية ضخمة حوّلت وجهة النقاد والمخرجين العرب من المهرجانات المتواضعة لأنّ جوائز المهرجان الخليجية خيالية.
4) أن تتمّ عمليّة اللامركزيّة حتى تعرض الأفلام المشاركة في المهرجان بالولايات الأخرى.
5) وإن تمّ تحويل المهرجان سنويّا يمكن أن تكون دورة في العاصمة ودورة موزّعة على الولايات الأخرى.
II المهرجان الدولي لفيلم الهواة بقليبية: تجربة متميزة
من أهم المكاسب السينمائية المهرجان الدولي لفيلم الهواة بقليبية انطلق هذا المهرجان عام 1964 كمبادرة متواضعة ومن دورة إلى أخرى تحوّل إلى موعد للّقاء بين السينمائيين الهواة من جميع أنحاء العالم.
ومن أجمل ما في هذه التجربة هي أنّ هذا المهرجان بنى نفسه بنفسه سنة بعد أخرى وليلة بعد أخرى حتى تحوّل إلى قبلة السينمائيين الهواة من جميع أنحاء العالم.
وان كان في الأوّل يعرض كلّ الأفلام وإلى جانب العروض تنظّم الندوات وورشات التكوين فقد بدأ يعيد النظر في تنظيمه حتى أصبح سنويا سنة دوليا وسنة وطنيا، ومنذ دورتين أصبح سنويّا ودوليّا غير أنّ أقسامه تعدّدت فينظّم مسابقة للأفلام الوطنية وأخرى للأفلام الدّولية وأخرى للمعاهد. ولم يقتصر على الأفلام التي تقدّمها النوادي غير أنّه فتح باب الترشّح للمخرجين المستقلين وأمام زحم العروض أصبح المهرجان يستغني على ورشات التكوين ويستبدل صبيحة كلّ يوم بندوات وورشات حول مواضيع جماعية وجعلت الجامعة التونسية لنوادي السينما التكوين من أولوياتها اذ خصّصت لها دورات سنوية في كلّ من شهري ديسمبر ومارس تتمّ فيها عمليّة التكوين بطريقة حرفيّة ومدقّقة وجدّية.
وأهم ما في مهرجان قليبية هو اكتشاف المواهب وخاصّة حرّية التعبير في فترة كانت فيها الكلمة ممنوعة والنظرة مكبّلة والرقابة دائمة وقد تخطّى هذا المهرجان بشجاعة كلّ أنواع الرقابة وما حقّقه هذا المهرجان هو استقطاب الشباب من طلبة معاهد السينما ومعاهد الفنون التشكيلية وتحوّل إلى ساحة نقاش بحرية ومدرسة للديمقراطية وبوتقة لتبادل التجارب.
وأعتقد جازمًا أنّ من بين الذين خرجوا في شهري ديسمبر وجانفي اعدادًا للثّورة كلّ من تابع ذلك المهرجان من شباب الذين وثقوا بالصورة والفيلم للثورة وما إخال الدّورة القادمة إلاّ زاخرة بالأقلام والتحقيقات حول الثورة في مختلف أوجهها وفي مختلف الجهات خاصة أنّنا لاحظنا وجود السينمائيين الهواة على الفايسبوك وفي المظاهرات والمسيرات وفي صلب قوافل الدعم للجهات.
والمطلوب دعم هذا المهرجان بمضاعفة ميزانيّته... وكذلك منح الساهرين عليه فرصة متابعة المهرجانات الأخرى باقتراح أقلامهم في المهرجانات الدولية وتمويل سفر المخرجين الهواة لتلك المهرجانات.
تنظيم دورة سنوية لمهرجان أفلام الهواة والمدارس في العاصمة ما للجامعة من تجربة على تنظيم المهرجانات وما من انتاج زاخر الذي يقوم به المخرجون الشبّان.
III مهرجان سوسة الدولي للطفولة والشباب: نجاح ومثابرة
بدأ هذا المهرجان الذي ينظّم منذ عشرين سنة مرّة كلّ سنتين في سوسة، بدأ مُحتشمًا اذ كان قرار بعثه نابع من برمجة قام بها قسم السينما في وزارة الثقافة اذ تمّ الاقرار ببعث مهرجان خاص بالأطفال وآخر بالنساء وأفلامهنّ.
وقد استجابت سوسة في دورة أولى وبعد أن ترأس نجيب عيّاد هذا المهرجان تحوّل ما يسمّى اليوم فيفاج FIFEJ (المهرجان الدولي لأفلام الطفولة والشباب) إلى مهرجان دولي بأتمّ معنى الكلمة له خصوصيته ونكهته ونجاعته فهو علاوة على العروض والنقاشات والندوات أصبح أكبر مشغل متوسطي ودولي يلتقي فيه أكثر من 400 طفل يتوزّعون على أكثر من عشرين ورشة تكوين يسهر عليها مختصّون ويشارك فيها السينمائيون الهواة بكثافة. مهرجان سوسة اكتشف المواهب العديدة وتحوّل إلى ملتقى تطرّق فيه مواضيع علاقة الشباب وبالسينما ومنه انبعثت مشاريع إعادة نوادي السينما المدرسية حتى تفرّغ لذلك المشروع مع دعم من وزارة التربية والتعليم لاعادة الروح للنشاط السينمائي بالمعاهد والمدارس وأصبح لذلك النشاط ندوته السنوية فمهرجان أفلام الطفولة والشباب لم يكتف بطرح قضايا الطفولة والشباب بل أصبح فرصة لحقن المشاركين حبّ السينما والتعريف بدورها الابداعي والتثقيفي وهو هذه السنة يحتفي بعيده العشرين غير أنّ موعده المعدّد لشهر مارس الحالي أي هذه الأيّام قد أجّل جرّاء التخبّط الجهوي اثر الثورة والواجب دعم هذا المهرجان والمحافظة عليه شكلاً ومضمونًا وبرمجة وتنشيطا كأحد أهمّ المكاسب السينمائية لميزته اللامركزية وهو مهرجان أصبح يضاهي مهرجان أيّام قرطاج السينمائية ودليل على أنّ تونس العاصمة ليست المدينة الوحيدة القادرة على تنظيم مهرجانات دولية مهمّة.
IV المهرجانات الأخرى: نساء، أفلام قصيرة وثائقيّة وجهوية: في البحث عن منقذ
بدأت في الأفق مبادرات مهمّة نتطرّق إليها جميعًا لعدم مثابرتها الاّ مهرجان واحد انطلق مدويّا وممتازا غير أنّه اندثر هذه السّنة وهو مهرجان Doc à Tunis مهرجان تونس للأفلام الوثائقية فموضوعه مهمّ وتنظيمه كان محكما وخاصّة انّ عروضه مجانيّة غير أنّه اندثر لسبب واحد وهو أنّه مهرجان شخص واحد فباعته من بين مشاريعها المتعدّدة من رقص وموضة هي نشاطات بُنيت على المبادرة الشخصية وتتسّم بالتدخل لدى المؤسسات عن طريق قنوات غير شفّافة وخاصّة ان تسييره أحادي القرار والتصرّف ولذلك اتضح عنه في هذه السنة كلّ المساهمين ونشروا تبريرات حول المشاركة السابقة وكان هذا المهرجان يشوبه غموض في التمويل والدّعم.
وفي جربة انطلق مهرجان يبقى مهرجانًا طريفا غير أنّه تعثّر نتيجة الخلاف بين أعضاء الجمعيّة المنظمة وهو مهرجان بدأ يخطو خُطاه الأولى بتؤدة أعني مهرجان جربة للأفلام التاريخيّة والاسطورية وقد استقطب العديد من المخرجين ونظّم ندوات جدّية حول الفيلم التاريخي نشرت أعمالها في كتب بمناسبة دورتين غير أنّ هذا المهرجان توقف ويجب عودته قريبا تنشيطا لجزيرة جربة ودعمًا لهذا النّوع من الأفلام.
وقد بدأت مبادرات لتنظيم مهرجان لأفلام النساء وأفلام مواضيعها المرأة في طبرقة ومدنين وسوسة وجربة وڤابس ولم يصمد منها أي مهرجان ولابدّ من التفكير في إعادة الروح لسينما المرأة... في مهرجان يلتقي بها وتونس هي البلد العربي الوحيد الذي يليق فيه تنظيم هذا النوع من المهرجانات.
❊ أيّام الفيلم التونسي هي مبادرة طريفة قامت بها جمعيّة النهوض بالنّقد السينمائي تعرض كلّ سنة أفلام عشرين من السينما التونسية وكان لهذه التظاهرة أن تعيش 5 سنوات على الأقل غير أنّ وجهتها التونسية وان تستقطب طلاب المعاهد السينمائية والفنية فإنّها يجب أن تتحوّل إلى مهرجان وطني للسينما خاصة أمام زخم انتاج الشباب وقد بادرت الجمعيّة بتنظيم تظاهرات في ڤفصة وتوزر والڤصرين وغيرها فلابدّ أن يكون لجمعية النهوض بالنقد السينمائي مهرجانها المختص بأفلام تونسيّة أسوة بمهرجان طنجة في المغرب الذي يلاقي نجاحًا كبيرًا.
هذه هي حصيلة المهرجانات السينمائية ولابدّ اليوم من التنسيق بين تلك المهرجانات وإعادة النظر فيها ودعمها دعمًا كلّيًا فهي الحافز على استقطاب الجمهور وهي المبرّر الوحيد لدعم الانتاج وذلك:
1 بتخصيص مكتب خاص في وزارة الثقافة بالمهرجانات السينمائية.
2 دعم تلك المهرجانات بتخصيص ميزانيات تليق بها وطنيا وجهويّا ومحلّيا.
تخصيص ادارة خاصّة للمهرجانات الكبرى مثل قرطاج وقليبية.
المساعدة على المساهمة في المهرجانات الدولية لمتابعة الانتاج العالمي بتمويل البعثات.
ففي غياب قاعات عرض فإنّ المهرجانات السينمائية هي الرابط الأهم بين المبدع والمتفرّج.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.