عمان الشروق حاورتها مبعوثتنا الخاصة فاطمة بن عبد الله الكراي في ترابط محكم موجود في تصوّرها الخاص والعام للمشهد الاردني، بين قضاياه الداخلية والشأن الاقليمي المحيط، واصلت الاستاذة الوزيرة اسماء خضر الناطقة الرسمية باسم الحكومة الاردنية تشخيصها لهذا المشهد في تعاطيه المستجدّ مع «قواعد العمل الديمقراطي» كما يحلو لها تسمية المسار السياسي الذي يمر به الاردن اليوم... وأرجعت اسماء خضر عملية «التصحيح» التي تبنّاها الاردن الى سنة 1989 حين ألغيت في المملكة الهاشمية الأحكام العرفية، وبدأ الرأي العام الاردني ينخرط مؤسساتيا في العمل السياسي والمدني عبر احزاب ونقابات لم يكن معمولا بها قبل ذاك التاريخ، مؤكدة على أن الاصلاح والتغيير ينبغي ان يستجيبا الى تطلّعات المواطن. سألت السيدة أسماء خضر عن القضية الفلسطينية وعن دور الاردن القادم وهل أنه سيضاهي او يحاكي الموقف المصري في غزّة، ففضّلت قبل ذلك أن تواصل فكرة لها مرتبطة بما سبق عن الاصلاحات السياسية في الاردن، مشيرة الى «أننا رفضنا اصلاحا مفروضا في الخارج... وأن ليس لنا موقف عدائي من اجل العداء او رفض من اجل الرفض» وكانت الناطقة الرسمية باسم الحكومة الاردنية والمؤتمنة على حقيبة الثقافة في انتظار تعيين بوزارة الثقافة تلمح الى أن للأردن استراتيجية اصلاح «خاصة» به او لنقل انها استراتيجية مخطّطه داخل الاردن ومستوعبة للتقلبات العالمية والمستجدات الاقليمية ولوضع وموقع الاردن الجغرافي السياسي التاريخي لكن عن فلسطين آثرت التأكيد اولا على أن: «حكومة شارون تسعى الى الافلات من الاستحقاقات... مهما كانت هذه الاستحقاقات متواضعة... لكن من جهتنا، في عمّان، نواصل التنسيق مع القيادة الفلسطينية باتجاه العودة الى المسار السياسي... على أن المرجعيات الدولية المتمثلة في خارطة الطريق والعربية المتمثلة في المبادرة العربية، هي التي يجب ان تكون المنطلق والاساس للحل... وهنا لابد من بذل كل الجهود الممكنة ومن جميع الاطراف الاقليمية والدولية حتى نحقق تقدّما ونوفّر حماية للشعب الفلسطيني. كانت وهي تتحدث عن القضية الفلسطينية، تتردد في ذهني صور متواترة بين الضرورة السياسية وحكم «فن الممكن» وبين الشعار والهدف الحر من كل أغلال... لكن هل تقدر هذه المرأة المعروفة بحماسها ونشاطها وطاقاتها الكبيرة والخلاقة على ان تتابع المشوار من منطلق انها «تُفيد وتستفيد»... لا أدري، لكن كل ما مسكته به في لحظة انتهائه من تصوير الحل السياسي للقضية الفلسطينية، حتى تفطّنت انني ومنذ سنة ونصف او اكثر بقليل، اي قبل الحرب على العراق باسابيع، كنت أجلس في مكتب وزيرة نظيرة لها ومكتبها يشبه مكتبها، لكن في بغداد... تذكّرت الدكتورة هدى عمّاش، وكان التذكّر على أساس انهما امرأتان مسؤوليتان ولهما قدرة على بلورة الفكرة والاقناع. سألت الوزيرة اسماء خضر عن المعتقلات العراقيات في سجون الاحتلال، وعن هدى عمّاش بالذات تلك التي أودعت السجن والاعتقال، بسبب علمها وكفاءتها العلمية فقالت محدّثتي وهي تتذكّر مناضلات العالم ومناضلات فلسطين من اجل الحريّة والمساواة ودرء الاحتلال والقهر. لا شك أن النساء حول العالم وفي فلسطين والعراق اللائي عملن معا من اجل مساواة وشراكة لا تنطوي على تمييز، تمكّن المرأة من ابداعات في بناء حاضر ومستقبل مشرق، هنّ في القلب والوجدان وأي ممارسة تحتجز الحريّة ولا توفّر المحاكمة العادلة بالمعايير الدولية... تنديدنا قويّ وعال تجاه الانتهاكات والتعذيب التي عرفها المعتقلون والمعتقلات من ابناء العراق في سجن «أبو غريب»... لقد كان تعذيبا فيه اهدار لانسانية محل استنكار... إن سجناء الكلمة والموقف والرأي الذين دفعوا حياتهم وحرّيتهم من اجل كلمة حق وحقوقهم المشروعة هم دائما في ضميرنا. ونحن نقول انه من الضروري والمؤكّد المطالبة باطلاق سراحهم وحمايتهم... وهذا مطلب دائم. * معروف عنك بأنك محامية «شاطرة» ان لم نقل «شرسة» في قضايا الدفاع السياسي... لو كانت الاستاذة اسماء خضر في غير منصب الوزارة الآن، هل كانت ستنضمّ الى كوكبة المحامين عن صدّام؟ وبالمناسبة أودّ ان اعرف تعليقك عن هذه المحاكمة من وجهة نظر قانونية؟ من منطلق كوني محامية أقول انه لكل سجين في العالم حقّ في أن يحظى بدفاع قانوني وهو حق مشروع. وعندما يتبنّى أي محامي الدفاع عن سجين فهو ليس بالضرورة متبنيا لمواقفه الايديولوجية وللافعال المنسوبة اليه بل ان المحامي يعمل على توفير ظروف الدفاع القانوني للسجين او المتهم... ولا يجوز ان ننحو بمهنة المحاماة باتجاه ان ننحاز سياسيا لأي طرف. فهي مهنة ضمان حق الدفاع... كنت محامية لاشخاص متّهمين بجرائم مختلفة... وأعتبر ان من واجبات مهنة المحاماة ان نقدّم الدفاع القانوني بل عندما لا يكون لمتّهم لسان دفاع يجب ان يتوفر له. * معالي الوزيرة، هل الزرقاوي ظاهرة ام حقيقة... صورة موجودة ام خيال؟ سمعنا الكثير من التقارير المضادّة لما يقوله الاحتلال الامريكي عن «الزرقاوي» وهو أنه شخص حُمّل ما لا يحتمل. فهل لك معلومات او تصوّر، كحكومة طبعا؟ هو ظهر على الفضائيات... والأقوال المنسوبة اليه اتضح منها انه يسعى بالفعل الى تنفيذ اعتداءات على ادارات عامّة ومواقع مختلفة في الاردن وغير الاردن، وهو شخص محكوم عليه منذ فترة. و»الزرقاوي» مطلوب في قضية أخرى بناء على اعترافاته العلنية ولكن نحن لا ننظر اليه باعتباره الفرد الخارق، نحن نتطّلع لتحقيق العدالة. الاجرام الذي لا يحقق سوى تشويه صورة الاسلام خاصة اذا ما ثبتت صلة الزرقاوي بعمليات الاختطاف وقطع رؤوس الرهائن نحن نتمسّك بسيادة القانون... وكل ما يحدث يدخل تحت اطار القانون وحكم وسيادة القانون. * معالي الوزيرة... السيدة اسماء خضر المناضلة والأم والزوجة، أسألك من هذا المنظار فأقول: في «المطبخ السياسي» و»المطبخ الغذائي» اي طبق منهما تقدّمه الاستاذة اسماء خضر، وكلاهما فنّ. فهل تتقنين «فن السياسة» افضل أم «فن الطبخ» يا ترى؟ تبتسم محدّثتي، وبالتأكيد لم تكن تنتظر هكذا سؤال من امرأة ثم عدّلت من جلستها وقالت وهي تضحك بلاانقطاع دون قهقهة: الاثنان «شَبَه بعض» (باللهجة العامية). الشخصية العامة عرضة للتباين في الاراء... صحيح ان لي صعوبات سواء في العمل (كثرة الجهد) لكن انا اعتبر ان تجربتي مرضية... والآن مرّ على تكليفي بالمهمّة في الوزارة تسعة اشهر تقريبا. * طيّب من يؤثر في من المرأة (ربة البيت) ام الوزيرة؟ في موقعي لدي الفرصة للتأثير في الخطاب العام... هناك خطوات مهمة... في النظام الصحي... واقرار نظام الاسرة... وقد تم اعتماد المقترحات... طبعا من خلال هذه الزاوية اعتقد ان التأثير موجود... أو على الاقل له بصماته وأثره... وهذا يفرح... في هذه الدورة الاستثنائية (للبرلمان) هناك مشروع قانون الطفل... كما ان هذه الحكومة بها ثلاث وزيرات من ضمن الفريق الحكومي المكوّن من عشرين وزيرا... ومن جهتي أتحمّل مهمة الوزيرة الناطقة الرسمية باسم الحكومة ووزارة الثقافة تكليفا والاعلام ا يضا تكليفا... لكن اعود وأقول إن «المطبخ السياسي لم يأخذني من المطبخ الغذائي... ولا من البيت الا بما يتفهّمه أهلي وعائلتي... فقد وجدن منهم العون والتشجيع. * في جل بلدان العالم حتى الديمقراطيات الغربية منها يتم اعطاء مهمة «الناطق الرسمي» باسم الحكومة (الجهاز التنفيذي) الى رجل، كيف تمارس السيدة اسماء خضر مهمتها مع زملائها في الوزارات الاخري. هل هي مهمة تنسيقية، أم هناك توزيع مهام حتى لا تأخذي منهم كل مهمات التواصل مع الاعلام... كيف تتم العملية؟ طبعا في مهمّتي المناطة بعهدتي، اعتمد على التقارير السياسية والخطاب السياسي العام... سواء من جلالة الملك او من رئيس الحكومة. هناك اجتماعات اسبوعية لمجلس الوزراء يتناول قضايا الساعة... أصرّح بها وأعلن عنها فور انتهاء الجلسة... وهنا أشير الى أننا في الاردن، أنشأنا شبكة الناطقين الاعلاميين بالوزارات وكذلك موقع الاردن (الحكومة) على الانترنيت... لدينا ايضا في الموقع: «اسأل الحكومة» بحيث اي مواطن يستطيع الحصول على جواب...