للمرّة الثانية في ظرف حوالي شهرين يصدر تحذير عن هيئة السوق المالية للعموم من أنشطة مالية لشركات مشبوهة منتصبة بالعاصمة نجحت في الإيقاع ببعض «الضحايا» بدعوى تقديم خدمات مختلفة لهم على غرار الوساطة في الاستثمار في الأسواق العالمية أو الاستشارات المختلفة... وكانت بعض المصادر الإعلامية قد ذكرت في وقت سابق أن عدد ضحايا هذه العمليات فاق الثلاثين وأن حجم المبالغ المسلوبة منهم فاق 300 ألف دينار وهذا دون اعتبار الضحايا الذين فضّلوا الصمت حتى لا يتعرضوا بدورهم إلى التتبعات.. استثمار وهمي في 2 سبتمبر الماضي، صدر بلاغ عن هيئة السوق المالية للعموم تحذّر فيه من شركة شخص واحد ذات مسؤولية محدودة كائنة بالمنار (Premier marketing Tunis) يديرها وكيل هولندي وتتولى بصفة غير قانونية جمع أموال عن طريق السعي المصفقي المالي بالاتصال مباشرة أو عن طريق الهاتف بالعموم لتقترح عليهم الاستثمار في الأسواق العالمية للمواد الأولية عن طريق شركة بريطانية مقرّها لندن لكن اتضح فيما بعد أن الشركتين لا تملكان أي ترخيص للنشاط في السوق المالية التونسية بل أن الشركة البريطانية المذكورة غير موجودة أصلا! وفي يوم 9 نوفمبر الجاري، صدر بلاغ ثان عن هيئة السوق المالية يحذّر من خطورة التعامل مع شركة شخص واحد ذات مسؤولية محدودة كائنة وسط العاصمة (Tele Trade-TN) يديرها وكيل تونسي وتنشط على أساس تمثيل شركة مالية عالمية (Tele Trade Dow Jones) مقرها بهونغ كونغ وتعرض هذه الشركة على التونسيين وعلى غير التونسيين المقيمين ببلادنا بواسطة البريد الالكتروني والإعلانات الإشهارية خدمات تتعلق بالتكوين والاستشارة والاستثمار في الأسواق المالية العالمية كالسوق المالية الأمريكية والسوق الدولية للعملة (Forex)... واتضح فيما بعد، حسب بلاغ هيئة السوق المالية أنه لا الشركة المذكورة ولا وكيلها التونسي مرخص لهما للقيام في تونس بعمليات السعي المصفقي أو بإسداء خدمات استثمارية بالأسواق المالية أو بأية عمليات مالية أخرى. انتصاب يرى المختصون أن بداية ظهور هذه الأنشطة المشبوهة لبعض الشركات المنتصبة في بلادنا، وهي إما شركات أجنبية أو تونسية تمثل شركة أجنبية سببه بعض الثغرات في القوانين والتشريعات المنظمة للاستثمار والانتصاب وخاصة الجانب المتعلق بالحرية الممنوحة في هذا المجال وأيضا بالتشجيعات والامتيازات الممنوحة للأجانب ويرى هؤلاء المختصين أن المتحيلين وعديمي الصفة استغلوا كل ذلك للانتصاب في مجال مهن الخدمات بمجرّد الحصول على تصريح من وكالة النهوض بالصناعة وعلى باتيندة... ثم يحوّلون نشاطهم فيما بعد إلى أنشطة أخرى مشبوهة. ويأتي هذا الأمر والحال أن التفاوض بشأن تحرير قطاع الخدمات بين بلادنا والاتحاد الأوروبي لم ينته بعد لكن مع ذلك فإن عدد الشركات الأجنبية المختصة في الخدمات المختلفة تكاثر في بلادنا إضافة إلى انتصاب شركات تونسية تمثل ماركات وعلامات أجنبية وهو ما فسح المجال للاحتيال عكس ما هدف إليه أمر 1994 المتعلق بالأنشطة المنتفعة بالامتيازات الجبائية والمالية وهو الاستفادة من خبرات وتجربة الأجانب في هذه المجالات. مراجعة يعتبر الخبراء والمختصون أن الحل الآن لوضع حد لهذه الظاهرة هو مراجعة أمر 1994 لسد الثغرات القانونية الواردة به وأيضا مزيد النظر في تأهيل قطاع الخدمات وخاصة تأهيل كل مهنة على حدة وضبط سجل خاص بمهن الخدمات على غرار السجل التجاري ووضعه على شبكة الانترنات مثلما هو الحال في الدول المتطورة حتى يكون كل متعامل مع هذه المهن على اطلاع بالصفة القانونية والحقيقية للمنتصب. ولا يقع ضحية تحيّل مثلما وقع مع الحالتين اللتين حذّرت منهما هيئة السوق المالية.