بقلم: روضة بن عثمان (جامعة تونس) عزيزي الطالب، يعتقد العديد من الطلبة خاطئين أن هنالك علاقة مباشرة بين كم العمل الاكاديمي والنجاح وكأني بالعمل الاكاديمي بنك يودع فيه الطالب ساعات معلومة من العمل فتتحوّل بطريقة آلية الى صكوك نجاح في الامتحانات. لو أمعنا النظر قليلا لوجدنا أن ساعة من العمل الاكاديمي الجاد الذي يخلص الى تعلم جيد لا يمكن أن تضاهي بأي حال من الاحوال ساعة من العمل الذي في ظاهره جاد ولكنه لا يفضي الى تعلّم جيد. ترى الطلبة ينهكون أنفسهم بالتفكير في الامتحانات التي يرهبونها ويقرؤون لها ألف حساب، ولو أنهم خصصوا ربع الوقت الذي يقضونه في الخوف والتذمر والتشكي في التعلم الفعلي لضمنوا فرصا أكبر للنجاح في الامتحانات وفي حياتهم العملية بعد التخرج. لا أستطيع أن أتصوّر أن هنالك طالبا واحدا يُقدم على حياته الجامعية وكله عزم على الفشل أو رداءة النتائج. يبدأ كل طالب سنته الجامعية وهو متفائل، عازم على النجاح. لا يمكن أن أتصور أنه يوجد طالب واحد يستيقظ في الصباح الباكر وينتقل الى مؤسسته وهو عاقد العزم على ألاّ يتعلم شيئا طوال اليوم. هذا نادر بل ومستحيل. ولا أتصورك، عزيزي الطالب، تعقد العزم على عدم التعلّم حتى في الأيام التي تستيقظ فيها ولا تشعر بأي رغبة في الدراسة. تفيد جل الادبيات عن التعليم والتعلّم أن الطلبة المتميزين يمتلكون ذخيرة من الاستراتيجيات والتقنيات الجيدة للتعلّم طوّروها خلال حياتهم الدراسية ولا يتوقفون عن تطويرها كلما استدعت الحاجة لذلك، أي كلما واجهوا مهمة تعلّم صعبة أو جديدة لا يملكون في جعبتهم استراتيجية أو تقنية تعلم تمكنهم أو تضمن لهم أكبر فرص النجاح في تعلم ما قرروا تعلّمه بدرجة الجودة التي يريدون أن يكون عليها تعلمهم. ولعل أكبر صفة يتصف بها الطلبة المتميزون أنهم يعرفون طبيعة تعلمهم ويحسنون منها وغالبا ما يختارون الطريقة التي تتماشى مع هذه الطبيعة ولا تأتي ضدها. أما الطلبة المتعثرون فغالبا ما يجهلون طبيعة تعلمهم ولا يعرفون ما يتماشى معهم. فلا يعرفون مثلا التوقيت المثالي للتعلم لديهم ولا الطريقة المثلى التي تتماشى مع طبيعتهم في التعلم والتي تضمن لهم فرصا أكثر للتعلم الجيد. فلا يعرفون مثلا أن تعلمهم يبلغ ذروته في الصباح فيضيعون فترة الذروة في أشياء أخرى غير التعلم أو لا يعرفون أنهم يتعلمون أكثر وبطريقة أحسن لو تعلموا ثنائيا أو في مجموعات صغيرة فيصرون على التعلّم الفردي معتقدين أنه الطريقة المثلى للتعلّم. مهما كانت طبيعة التعلم لدى الطالب، فيتوجب عليه أن يتعرف عليها أولا وأن يعمل ثانيا على التحسين منها ولا يختار تقنيات تعلّم قد تضره بدل أن تنفعه. وبهذه المناسبة، أنصح كل الطلبة بأن يتخذوا يوميات تعلّم يدوّنون فيها كل الملاحظات التي تهم طبيعة تعلّمهم والتقنيات التي يستعملونها حتى يتسنى لهم التعرف عليها وانتقاء الطرق الجيدة وترك الرديئة. تنفع اليوميات الطالب كثيرا إذ تساعده على تنمية قدرات التحكم في التعلم (metacognitive skills) التي لاحظت كل الدراسات أنها متطورة لدى الطلبة المتميزين وضعيفة عند غيرهم وتمثل الركيزة الاساسية لتحسين جودة تعلمهم. إن أكبر فائدة نستخلصها من دراسات أساليب التعلم أنه يمكن كل الطلبة أن يتعلموا تقنيات التعلم الجيدة من خلال التمرين والمراقبة لأنفسهم. ويشترط في الطالب الذي يريد أن يحسن من أساليب تعلمه أن يحدد وبكل وضوح من يتحمل مسؤولية تعلمه. عزيزي الطالب، إن كنت من الذين يوكلون مسؤولية تعلمهم الى غيرهم فلن يجديك اكتساب التقنيات الجيدة للتعلّم نفعا. ما فائدة تعلم تقنيات جديدة لتدوين الملاحظات، على سبيل الذكر لا الحصر، أو للقراءة أو للكتابة الخبيرة أو لتقديم العروض أو لإجراء الابحاث إذا ما كنت تعتقد في قرارة نفسك أن التعلم يعني إعادة المعلومات التي «صبت» أثناء الدرس صبا أو ما اصطلح على تعريفه ببضاعتكم ردت إليكم؟ ما فائدة أن تتعلم كيف تتعلم وأنت لا تعتقد أنك قادر على صناعة المعرفة وتقيد نفسك بكل المواثيق لتقبع أبد الدهر في عجز المستهلك؟ تهدف كل التقنيات والاستراتيجيات للتحسين من مردودية عملية التعلم وإنتاج المعرفة لا فقط استهلاكها. عزيزي الطالب، اسمح لي أن أكرر نصائح اليوم: 1 اعرف نفسك. تأكد أي نوع من المتعلمين أنت؟ 2 يمكنك أن تتعلم الاستراتيجيات والتقنيات الجيدة للتعلم وستعطيك نتيجة أحسن بغض النظر عن سنّك أو درجة ذكائك أو اختصاصك. 3 لكل متعلّم نقاط قوة ونقاط ضعف. 4 طوّر من قدرات التحكم في التعلم لديك حتى تطور من أسلوبك في التعلم. 5 لا توجد طريقة واحدة جيدة للتعلم بل طرق عديدة وتقنيات مختلفة. اختر لنفسك ما يناسبك. 6 النجاح في الامتحانات مهم ولكن أن تتعلم تعلّما جيدا لهو أهم وأنفع. بإمكانك عزيزي الطالب، عزيزتي الطالبة أن تتواصل معي عبر الهاتف الجوال: 930 . 358 (98) عبر طرح مشاغلك أو مشاكلك أو الصعوبات التي تعترضك... وسنحاول أن نتواصل معك لإيجاد الأجوبة اللازمة.