إعداد: روضة بن عثمان (جامعة تونس)[email protected] كنا نشرنا سابقا الجزء الأول من هذا المقال وقد تطرقنا فيه إلى بعض الأسباب التي تؤدي بالطلبة إلى قراءة النصوص المختصة قراءة رديئة ونسوق في هذا المقال جملة من الملاحظات التي يمكن للطالب استعمالها للتحسين من مردود قراءته. تثبت كل الدراسات الحديثة أن القراء المهرة يستعملون جملة من استراتيجيات وتقنيات القراءة الجيدة عند قراءتهم للنصوص الخبيرة وتتمثل بعض هذه الاستراتيجيات في الآتي: 1) يحدد القارئ الماهر الهدف أو الأهداف من قراءة النص بكل وضوح ويكتب هذه الغايات في أعلى الصفحة التي سيدون فيها ملاحظاته حتى لا ينسى هذه الأهداف أو يحيد عنها. غالبا ما يركن الطالب إلى أن الأستاذ الذي طلب منه قراءة النص لا بد وأن يضع أهدافا لمثل هذا الأمر. وهذا صحيح. ولكن الطالب الذي يحدد أهداف عملية القراءة الخبيرة بوضوح وعزم يقبل عليها ويحسنها أكثر بكثير من الطالب الذي يقرأ نصا لا يعرف بالضبط لماذا يقرؤه. 2) إن المطالعة الخبيرة تختلف اختلافا جذريا عن المطالعة الحرة إذ تعتمد هذه الأخيرة على لذة الإطلاع وعلى الرغبة الشخصية في القراءة ولعل مطالعة صحيفة يومية أكبر مثال على ما نقول. من النادر أن يطالع المرء جريدة من أول كلمة فيها إلى آخر كلمة. نتصفح الجرائد ولا نتوقف إلا على ما يشد انتباهنا ونشعر بالرغبة في قراءته. لا يمكننا أن نقرأ نصا خبيرا مثلما نقرأ جريدة. لا يشعر الطالب بنفس لذة المطالعة عندما يقرأ النصوص الخبيرة. 3) بعد أن نحدد بكل وضوح الأهداف التي نرسمها لأنفسنا، نتصفح النص الخبير لنطلع على مجمل مكوناته. وإذا ما كان كتابا نركز على الفهرس والإندكس وإن كان مقالا على الملخص والأجزاء. وتتمثل الخطوة الثالثة في تحديد الأجزاء التي تبدو أكثر اتصالا بالأهداف التي حددناها من وراء عملية القراءة قبل الشروع في عملية القراءة العميقة. 4) ينبني كل ميدان معرفي على جملة من المفاهيم المفاتيح التي لا يمكن للطالب أن يقرأ أي نص ويفهمه من غير أن يكون له تصور ولو بسيط لهذه المفاهيم. ننصح كل الطلبة بالشروع في كتابة تعريفات بسيطة وأولية لهذه المفاهيم وكثيرا ما يجدون مثل هذه التعريفات في النصوص نفسها وان اختلفت التقاليد الأكاديمية من ميدان إلى آخر في كيفية مد القارئ بهذه التعريفات. يحتاج الطالب إلى تحديد التعريفات تحديدا بسيطا قبل الشروع في القراءة وأثناء القراءة حتى يقف على أبعاد ما يقرأ بصورة أفضل. كثيرا ما تقوم الموسوعات العامة والمختصة بتوفير التعريفات بصورة جيدة. كما ننصح الطالب بتدوين التعريفات على حدة حتى يسهل عليه الرجوع إليها عند الحاجة. ويجدر به أيضا أن يدون المصدر الذي أخذ منه التعريف بكل دقة ومهنية حتى لا تختلط عليه الأمور فيما بعد. 5) غالبا ما يطالع الطلبة النصوص المختصة بالفرنسية أو الإنقليزية. وبما أن الطالب ينهل من المعرفة بلغة أجنبية فعليه أن يتوقع أحد الأمرين أو كلاهما. أولا، أن يقرأ بصورة بطيئة. فقد أثبتت كل الدراسات أن القارئ الذي يقرأ نصوصا بلغة ليست لغته الأولى يأخذ وقتا أطول. ثانيا، يجب على الطالب الذي يتعثر في القراءة أن يتأكد من أن مشكله نتيجة عدم إلمامه بالمفاهيم أم نتيجة لقصور لغوي. كثيرا ما لا يفهم الطالب ما يقرأ لعجزه اللغوي أكثر من عجزه المعرفي. أعزائي الطلبة، استعملوا المنجد عند قراءة النصوص الخبيرة حتى لا تدعوا اللغة تقف حجرة عثرة بينكم وبين النهل المعرفي. 6) يجب على الطالب أن يتعلم كيف يتفاعل مع النص عند قراءته وكيف يدون تفاعله هذا في الإبان. ينتج عن كل قراءة عميقة نوع من الحوار المفيد بين القارئ والنص وكثيرا ما يخلص هذا الحوار لتساؤلات أو انتقادات مفيدة إن لم يدونها القارئ في التو ويستغلها فقد تضيع في طي النسيان. يجب على الطالب أن يعطي نفسه حق التفاعل مع النصوص بغض النظر عن نوعيتها. 7) كثيرا ما يدون الطلبة فقرات وفقرات من غير تفحص. وتجد بعض الطلبة يدونون ما لا يفهمونه وكأن في تدوين ما لا يفهمون ضمانة لفهمه. نادرا ما تنتج عملية النسخ هذه فهما. يجب على الطالب أن يحدد العائق الذي يحول بينه وبين عملية الفهم ويحاول إزالته، وإلا فليغلق الكتاب ويفعل شيئا آخر. لا يجمع بين القراءة السطحية المرفقة بالنسخ والبناء المعرفي شيء. الأسئلة نشكر كل الذين بعثوا برسائل قصيرة معبرين عن آرائهم أو طارحين أسئلة عن تعلمهم أو تعلم أولادهم. نرجو من السادة القراء أن يأخذوا بعين الاعتبار أنه لا يمكننا نشر الأسئلة التي لا تخص التعليم والتعلم مباشرة وإن كنا واعين بتأثيرها على العملية التعليمية. لذلك فإننا نستسمح القراء في الإجابة عن الأسئلة المباشرة فقط. السؤال الأول: تسأل مجموعة من الطلبة تتخرج هذه السنة من إجازة تطبيقية في الاقتصاد عن مصيرهم في التشغيل وتتساءل إذا ما كانت الوزارة تفكر في إنشاء ماجستير مهني بالتعاون مع أحد البلدان الأوروبية يتمكن الطلبة بواسطته من العمل في أوروبا. السؤال الثاني: تسأل حذام وهي طالبة سنة ثانية إجازة علوم الحياة والأرض عن عنوان منجد عربي فرنسي جيد وعصري تستعمله عند القراءة والكتابة. أشكر حذام على هذا السؤال الجيد إذ أظن أن العديد من الطلبة يبحثون عن منجد عربي فرنسي أو عربي إنقليزي جيد يكون أداة عمل بالنسبة لهم. وإني أنصح الطلبة باستعمال المنجد إلا أنني لا أشجعهم على استعمال منجد ثنائي اللغة لسببين، أولهما أن الطالب يوسع من فرص تعلم الفرنسية أو الانقليزية باستعماله لمنجد فرنسي- فرنسي أو إنقليزي -انقليزي. وثانيهما، أن الترجمة قد تفقد أحيانا المعنى الأصلي للكلمات. وأنصح بالمناسبة الطلبة باستعمال الحواسيب المرقمنة لسهولة استعمالها سواء تلك المتوفرة على الشبكة العنكبوتية أو على قرص مضغوط. وفي كل الحالات، لا تدع، عزيزي الطالب، فرصة تعلم كلمة جديدة تمر بك من دون أن تستغلها.