هل ستجد الاجراءات الجديدة التي عرفتها منظمة التربية والأسرة بخصوص الدروس الخصوصية في المدارس والمعاهد طريقها للحد من ظاهرة الدروس الخفية التي يجبر التلاميذ تحت طائلة الضغط غير المباشر على حضورها؟ سؤال حيّر الأولياء بوجه الخصوص بوجود قرارات جديدة أو غيرها خاصة أن موسم الدروس الخصوصية انطلق هذا العام قبل بداية العام الدراسي. ولم تسلم منه حتى السنوات الأولى للتعليم الابتدائي. «أسجّل» أو «لا أسجّل».. تلك هي الكلمات التي وحّدت إجابات كل الأولياء الذين التقتهم «الشروق» سؤال وراءه حيرة كبرى خاصة في ما يتعلّق بخلفيات ما وراء عدم الانخراط في هذه الدروس. سؤال بقدر ما كانت الردود حوله احتجاجية إلا أنها اجتمعت حول عدم ذكر الهوية بررها أغلب الأولياء أنها ليست خوفا بل تفاد لوقوع مشاكل لأبنائهم داخل المدرسة. كان يقف أمام باب المدرسة الابتدائية المتواجدة بالعاصمة بعد ما أوصل ابنه الذي يدرس بالسنة الرابعة ابتدائي يتجاذب أطراف الحديث مع ولي ثان حول عدد الساعات التي خصصها معلّم الفصل لحصة التدارك.. حوار لم يخل من نقاط كبرى استفهامية كانت أقرب إلى سوق للعرض والطلب رغم إصرار الولي على أن المعلّم الذي يعطي الدروس هو من أفضل المعلمين على الاطلاق بتلك المدرسة السيد محمد اسم مستعار لموظف مرموق أجبرته الظروف بحسب قوله على اللجوء لهذه الدروس نظرا إلى انشغاله الدائم بالعمل إذ يقول: «بصراحة أنا أعمل طيلة اليوم وكذلك زوجتي ونعود ليلا منهكين إلى درجة يصعب فيها أن أراجع مع ابني دروسه وهذا الاشكال هو اشكال عام يخص أغلب الأولياء الذين يغادرون منازلهم للعمل، وليس استثناء لذلك نكون مجبرين على الاستنجاد بالمحاضن التي فتحت أبوابها بمحيط المدرسة ومنها إلى الدروس الخصوصية». يسكت السيد محمد لحظات قبل أن يواصل كلامه بكثير من الاحتراز: «أعلم أني كولي مساهم بشكل مباشر في تفشي مثل هذه الظاهرة أتابع القرارات والاقرارات الوزارية لكني في المقابل مجبر على خوض التجربة مثل كل ولي فمعلم الحساب يدرس حصتين في الأسبوع في نفس الحضانة المدرسية التي يؤمها ابني حصتين بمعلوم 100 دينار شهريا لا يمكنني أن أترك ابني من دونها بصراحة رغم كوني مثقفا إلا أني أخاف على طفلي من أن يقع تهميشه في الفصل وأغلب الدروس التي ينجح فيها صغيري هي تلك التي سبق له دراستها في حصة التدارك معناه أن الفهم الحقيقي للدرس ليس في القسم، لقد عاينت هذا الأمر السنة الفارطة حيث كان ابني يدرس بالسنة الثالثة ابتدائي كنت مجبرا على الانخراط في دروس تدارك لدى معلمين اثنين العربية والفرنسية وفاتورة كل واحد منهما 100 دينار نعم أدفع مائتي دينار لدروس التدارك و95 دينارا للمحضنة المدرسية المهم أن ينجح طفلي». وقبل توديعنا ذكر السيد محمد «قد أتعظ من الدرس لكن ابنتي التي لم تدخل المدرسة بعد سألحقها بالتعليم الخاص على الأقل معلوم المحضنة مع معلوم حصص التدارك يساوي أكثر بكثير معلوم الشهر الواحد في مدرسة خاصة. مكرهون رغم القانون «مكرهون رغم القانون وليس باليد حيلة» هكذا علقت على الأمر السيدة نزيهة اسم مستعار لسيدة حقوقية اعتبرت ان دروس التدارك أمر تجاوز صلاحياتها وأضحت خاضعة له بكل المقاييس حالها حال غيرها من النساء اذ تقول : ماذا افعل اعمل طيلة اليوم بين مكتبي والمحكمة وطفلتي الوحيدة لا اجد لها الوقت تمنيت لو وجد فعلا هذا الاجراء على ارض الواقع على الأقل يمنح اطفالنا فرصة دروس التدارك داخل المدرسة لا أمانع في دفع أي مبلغ مالي لكن المهم تحت رعاية المؤسسة التربوية حيث يكون كل التلاميذ سواسية عند المعلم مع احترامي الشديد للمعلمين لكن لا اقبل أن تدرس مجموعة دون اخرى عند معلم الفصل حينها سيصبح هناك تمييز بينهم وبين باقي زملائهم مهما حاول المعلم ان يعاملهم سواسية. اذ لا يعقل ان يحصل التلميذ الذي يتلقى عنده درسا خاصا بالمعدل لذلك أكون مجبرة للخصوع لهذه الحصص اعتبرها فرصة حتى تتخلص ابنتي الخجولة من خجلها وخوفها المفرط من المعلم فحصة التدارك تجعلها في نظري اقرب الى المعلم وربما تكون لها فرصة حقيقية لفهم الدروس خاصة في مادة الحساب. دروس سرية نعم هناك دروس غير مرخص فيها وهي تكاد أن تكون سرية بحتة بمجموعة صغيرة فقط تدرس عند المعلم في كنف السرية التامة حتى الأولياء لا يثرثرون حولها ولا يتحدثون عنها هكذا تحدث إلينا وليّ مهنته طبيب بالقطاع الخاص بخصوص طفله الذي يدرس بالسنة السادسة ابتدائي اذ علّق على الأمر بالقول : «اعترف اني لم أجد فرصة لادخال طفلي إلى هذه المجموعة الا بصعوبة كبرى فالأمر يكاد يكون سريا للغاية علمت به عن طريق الصدفة عندما تحدثت مع طفلي عن غياب بعض زملائه من المحضنة مساء فحدثني ورجاني كتم الخبر بكون زملائه يدرسون في بيت فلان زميلهم بالفصل والذي يقطن غير بعيد عن المدرسة قمت باتصالات عديدة مع باقي الأولياء وفي كنف السرية ايضا لأجد لطفلي مكانا بينهم فقد كنت مجبرا لأن ثقافتي فرنسية واعجز عن حل تمارين الحساب بالمنزل لذلك ففاتورة 100 د ينار شهريا لحصتين في الأسبوع تريحني من تلك اللحظات التي أخجل فيها من نفسي حين اعجز عن تفسير درس الفواصل مثلا لابني الصغير» هكذا تحدث الينا الولي سفيان راجيا عدم ذكر اسمه بالكامل أو اسم المدرسة خوفا من حدوث مشاكل للمعلم وبالتالي لطفله. !!! حصص التربية والأسرة مفقودة بعض المدارس لا تتمتع بما يسمى بحصص التربية والأسرة للتدارك بحسب ما أكدته لنا السيدة ناجية أم لطفلين مازالا يدرسان بالتعليم الابتدائي اذ تقول: «خلال السنة الفارطة علقت إدارة المدرسة يافطة طويلة وعريضة تعلمنا فيها بانطلاق التسجيل في حصص التدارك لمنظمة التربية والأسرة بمبلغ 15 دينارا للشهر الواحد وكأم فرحت كثيرا بدروس تدارك لطفلين ب 30 دينارا في الشهر وهذا كان بمثابة الحلم الا انه لم يتحقق فبعد ان سجلت اسم طفليّ تم إلغاء هذه الدروس وحين اتصلت بمدير المدرسة علق على الأمر بكون التسجيل ألغي لعدم وجود اقبال من التلاميذ هكذا بكل بساطة ولا أدري لماذا لم تنطلق الدروس بمن حضر إذ بعدها سيسجل الجميع حتى لا يترك هذا المدير الفرصة مفتوحة للدروس الخصوصية المنزلية وقد كنت مجبرة مع عدد آخر من الاولياء لادخال أطفالنا لدى معلّمة القسم في حصص بمنزلها الخاص بمبلغ 75 دينارا للتلميذ الواحد». اجبارية الحصص بالمدرسة أغلب الأولياء الذين استجوبناهم بخصوص هذا الموضوع عبروا عن رغبتهم في ان تخضع دروس التدارك المدرسية بصفة اجبارية اي ان تنطلق بمن حضر من التلاميذ حتى لو ان المجموعة الواحدة لاتتعدى 10 تلاميذ كي يقع اغلاق ملف الدروس الخاصة بالمنازل إلى الأبد، مؤكدين ان أمر الاجبار الضمني يقلق راحتهم خوفا من ان يصبح أبناؤهم غير المنضوين تحت هذه المنظومة منبوذين أو متأخري الفهم في القسم رغم احترامهم الشديد للمعلمين.. دروس التدارك الخصوصية ملف كبير ومتشعّب أضحى اليوم يتم تحت طائلة السرية بين التلاميذ وأوليائهم من أجل الظفر بالنجاح المضمون.