حوار وإعداد فاطمة بن عبد اللّه الكرّاي قدّم وزير الصحة والشؤون الاجتماعية في أول حكومة للجمهورية في تونس، مشروع تأسيس صندوق الضمان الاجتماعي، وذلك أمام مجلس وزاري موسّع، برئاسة بورقيبة، كما ذكر ذلك الأستاذ أحمد بن صالح، في عدد أمس. بعد أن تدخّل أحد المسؤولين عن منظمة وطنية، وقد طلب منه بورقيبة (الرئيس) بأن يدلي برأيه في موضوع الإحاطة الاجتماعية عبر الصندوق الذي يقترحه وزير الصحة والشؤون الاجتماعية، وقال رأيه «المعارض» لمشروع إحداث الصندوق يقول «سي أحمد» بن صالح إن «بورقيبة وبعد أن استمع إلى هذا الرأي، وقبل أن ينهي «الأخ» المسؤول عن منظمة وطنية كلامه، التفت إليّ بورقيبة وقال لي: «واللّه صحيح.. توّة هذا وقتو» يعني لم يحن بعد موضوع الصندوق! قلت في سؤال: هل يعني ذلك أن الموضوع انتهى؟ فردّ بسرعة: «طبعا لم أستسلم.. بقيت في كلّ مرّة أرى فيها بورقيبة أعيد على مسامعه أهمية تأسيس صندوق للضمان الاجتماعي في تونس، وكرّرت الموضوع لأكثر من مرّة، لأن المسألة سياسية.. فالبلاد مستقلة حديثا. وكان الاتحاد العام التونسي للشغل في أوجه، ثم رأيت أنه كان من الطبيعي أن أطرح هكذا موضوع، وأن أعيد وألحّ في الكلام عنه، حتى يرى النّور.. ولكن بعد أشهر عدّة، «كلّمني» الباهي الأدغم، كاتب الدولة للرئاسة، وأعلمني بأن جلسة وزارية ستتمّ برئاسة بورقيبة (الرئيس) وذلك في مقرّ الحكومة بالقصبة، ولكن الأدغم وهو يدعوني إلى الجلسة لم يعلمني بفحوى الاجتماع، ولم يقل لي أحد، قبل الجلسة، شيئا عن الموضوع.. لكني كنت مستعدّا.. فالموضوع لم يفارقني أبدا ولم يحد عن اهتمامي.. في هذه الجلسة التي دعيت إليها، حضر الهادي نويرة الذي كان محافظ البنك المركزي وحضر الباهي الأدغم وعبد اللّه فرحات مدير ديوان رئيس الجمهورية وأحمد التليلي الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل والفرجاني بلحاج عمّار وعلى ما أظنّ أن عزالدين العباسي وزير الصناعة والتجارة كان حاضرا.. لست متأكدا على كلّ، وأذكر أن بورقيبة التفت إليّ في بداية الجلسة، وقال لي: «سي أحمد» عاود ابسط الموضوع.. موضوع صندوق الضمان الاجتماعي، مضيفا: ابسط لي المشروع، وفعلت، وأعدت الحديث عن مشروع الصندوق، وتكلّمت عن المشروع كما تكلّمت عنه أول مرة في المجلس الوزاري الموسّع، منذ أشهر عن هذه المرّة. وبعد أن أتممت كلامي، التفت بورقيبة إلى نفس المسؤول الذي سأله المرّة الفارطة عن رأيه في مشروع الصندوق للضمان الاجتماعي، وإذا به يردّ على بورقيبة بعكس موقفه السابق، وبان وكأنه يريد هذا الصندوق من أجل صالح الأجراء، وقال إنه يوافق بقدر ما هناك منافع للعمّال.. وهنا ضرب بورقيبة على الطاولة وقال له بصوت عال: أتظن أنني نسيت ما قلته المرة الماضية، فقد قلت إن احداث الصندوق من شأنه أن يشجع العمّال على الكسل والتقاعس واليوم تسأل أو تتحدث عن المنافع؟ ما الذي حدث فيما بعد.. وهل مرّر مشروع احداث الصندوق؟ هذا ما سيعملنا به الأستاذ أحمد بن صالح وهو يتذكر الفترة والمهمّة..