قبل النص... إذا كنت نائما في مركب نوح... حامل الفانوس في ليل الذئاب... الأول والثاني وغيرها من الكتابات الأخرى... هي أعمال الشاعر الكبير سركون بولص الذي رحل يوم 22 أكتوبر 2007... عامان مرّا على رحيله ولكن قصيدته ظلّت على بهائها وشعريتها العالية الأمر الذي جعل بولص أحد أهمّ شعراء البلاد العربية... هذا النص اليه بمناسبة الذكرى... الطفل في مهده الهادئ نام... وكنت أحمل الفانوس... (الى سركون بولص) «العازف في ركنه يعانق عوده بوداعة كأنه يصغي الى بطن حبلى بينما أصابعه تعذّب الأوتار...» أبعاد لسركون بولص ... وبعيدا عن آثام الزوائد تأتي اللغة كالنور في زهد فائق وعطاء هائل حيث الهامش نوارة أخرى يلح معها الاحتفال والضجيج المتأنّق كالخفة العالية... ودون تكاليف مثل شيوخ الصين الذين يراهم سركون على هيئة باذخة: «يطرب الشيوخ في الصين دون تكاليف كبيرة...». هذا هو ذهول العازف الذي في ركنه نام، العابر في مدينة أمريكية... كيف شرب الرجل قهوته ومضى مثلما تمكث التفاصيل واللحظات في القصائد... يستجمع الشاعر حكايات الكون وهو يرفس النص الحجري (المألوف) بقدميه الحافيتين (اللغة الخفيفة)... هي حكايات جميلة تخصّ: النمل الطائر، الإمبراطور، الفراشة، الغزالة، المغول، الحرائق، السنما سكوب... الى آخر ذلك... ترى ماذا يجمع بين هذه العناصر... لعلّه... بل هو نص بولص المتشكّل بعيدا عن رأسمال الشكل وبهرج اللغة وحنين الفراغات وبطولات القرون اللاحقة... لا النص هو غير ذلك... تماما مثل دودة القز وهي تتحول الى فراشة تحت شمس الليالي... انها المتاهة الباذخة التي يتقصّدها الشاعر وفي رأسه وداعات أخرى... يمضي قطار الحياة، يتخيّر الشاعر محطاته... ليسافر نحو الأبدية... يتأكد عندها أكثر أن القصائد كالأطفال، كالأحلام، هي عذوبة فائقة... عذوبة الشعر الخالص والشاعر هنا حارس أمكنة... في النصوص... «الطفل في مهده الهادئ نام... وكنت أحمل الفانوس...»