استفاقت المدينة العتيقة بصفاقس صباح أمس الجمعة على حريق هائل هز مصنعا صغيرا للأحذية لم يخلف خسائر بشرية لكنه خلف في المقابل خسائر مادية لم تتحدد قيمتها بعد. الحريق شب في حدود الساعة الثامنة صباحا بمنطقة سكنية تحولت إلى منطقة شبه صناعية وحرفية بعد أن هاجر سكان المنطقة مدينتهم التقليدية بمفعول الحداثة و لأسباب أخرى لعل من أبرزها النسيج الإجتماعي الجديد بالمنطقة و الذي دفع بالبعض لمغادرة محلاتهم السكنية والتجارية في اتجاه المدينة الحديثة بصفاقس والموزعة في الواقع على منطقتين هما باب البحر و7 نوفمبر . في هذا المكان الذي تتسم أنهجه بالضيق، شب صباح أمس الحريق داخل مصنع صغير تعلوه محلات سكنية مهجورة، وقد ارتفعت ألسنة اللهب عاليا بسرعة مذهلة بسبب توفر مواد قابلة للإشتعال السريع من أهمها المواد الملصقة والبلاستيك وغيرها من المواد التي يستعملها الحرفيون لصناعة الأحذية. ومع ألسنة اللهب المتعالية و التي فاق ارتفاعها سور المدينة، استمع الأجوار إلى صوت انفجار هائل بسبب اشتعال قارورة غاز طبيعي عادة ما تستعمل في هذه الصناعات الحرفية، ورغم ضيق المكان، إلا أن أعوان الحماية المدنية معززين بفرق أمنية هبوا مسرعين على عين المكان للقضاء على ألسنة اللهب ودخانها الذي انتبه إليه سكان مدينة صفاقس صباح أمس. الجهات المعنية من حماية مدنية وشرطة نجحت في تطويق الحريق وتبعاته في نهج ضيق يؤمه عدد كبير من السكان والحرفيين والتجار، وتبرز معاينات «الشروق» التي تحولت على عين المكان هول الحريق الذي لم تتضح أسبابه الحقيقية بعد وهو ما انطلقت الجهات المعنية في التحري فيه لتحديده. بقي أن نشير إلى أن الحريق أضاء نقطة مهمة بصفاقس وهي أن المدينة العتيقة التي حرصت البلدية على «تأهيلها» وإعادة الحياة فيها ولم تفلح، تحتاج إلى نظرة أعمق باعتبارها القلب التجاري النابض بصفاقس علاوة على مرجعيتها التاريخية والحضارية والتي تستوجب العناية و الإهتمام رغم إقرارنا بالمجهودات المبذولة في الغرض.