مسنّان وقد كسى الشيب ذقنيهما... أرملان وقد أنهكهما تعب الحياة.. رجلان وقد استوى الألم لديهما.. يلتقيان صدفة على مقعد في أحد الأحياء الشعبية لتبدأ رحلة الأمل من جديد.. هكذا أراد المخرج الفلسطيني أمير نزار الزعبي ان يعالج موضوع الشيخوخة وما ينجرّ عنه من تأثيرات نفسية وجسدية. من خلال «قصّة خريف» مسرحية فلسطينية تم عرضها مساء أمس الاول بقاعة المونديال بالعاصمة في إطار أيام قرطاج المسرحية. رجلان وامرأة اعتلوا خشبة المسرح ومن خلال كوميديا الموقف والسخرية أراد كل واحد منهم ان يروي جانبا من حياته. جوانب مأساوية استطاع «لينو» ان يكشف عنها في حين حاول «بوكا» اخفائها رافضا سماع اي انتقاد لها.. سهيل حدّاد وسلوى نقارة وسليم ضو هم عيّنة من المسرحيين الفلسطينيين الذين استطاعوا ان يفجّروا موهبتهم في ظل المعاناة والحصار حتى ان ما خفي وراء مأساة الشيخوخة هي مأساة هذا الشعب مع الحصار والاحتلال فبالرغم من هروب المخرج من الحديث عن القضية الفلسطينية الا ان ما استبطنته الشخصيات متولد من رحم المعاناة ومأساة شعب في ظل الاحتلال. وهو ما جعل «بركة» يبحث عن السرية بالرحيل عن المكان والزمان. مواقف مختلفة مواقف مختلفة أراد مخرج قصة خريف ان يدرجها في المسرحية بطريقة هزلية نقدية، الموت، الحياة، الحرية، الحب، الغيرة.. كل هذه المواقف يعيشها الانسان الفلسطيني والعربي باحثا عن بصيص أمل يرتحل به الى مكان ليس كهذا المكان وزمن ليس كهذا الزمان حيث اغتصبت الحريات وتضاعفت المعاناة وتخدّرت الاجساد واستسلمت العقول الى وضع قد يصعب الهروب منه غير ان شخصيات «قصة خريف» حاولت الهروب بشتى الطرق متطلعة الى مستقبل أبهى وحياة أفضل علها تتخلص من معاناة العائلة وسوء المعاملة والاهمال.. غير ان الموت كان أقرب من الرحيل وتتواصل المأساة مع الوحدة والضعف والوهن بعد ان فُقد الصدق ورحل معه الأمل.. تأثر «قصّة خريف» أبكت الجمهور وأدخلت الممثل السوري جهاد سعد في موجة من البكاء جعلته يعانق سهيل حدّاد إثر العرض معبّرا عن مدى تأثره بالمواقف التي كشفت عنها الشخوص وهي تعبّر عن «قصّة خريف». «قصّة خريف» لم تتطلّع الى الربيع وبقيت في إطار خريف حزين مشحون بالآلام والأحزان لكن يبقى الأمل في حلول الربيع قائما.