كشف أحد أتباع جهيمان العتيبي أمس تفاصيل جديدة عن العملية التي قاموا بها في الحرم الشريف وكيف كانوا يحشدون أنصارا لهم ولفكرهم المتطرف. وروى ناصر الحزيمي الذي كان في الثالثة والعشرين من العمر عند اقتحام الحرم المكي الشريف يوم عشرين نوفمبر 1979، كيف أصبح مقربا من جهيمان منذ التحاقه بالجماعة التي أطلقت على نفسها اسم «الجماعة المحتسبة»، وأشار إلى أنهم كانوا يدخلون إلى قلوب الشباب عبر البوابة الدينية قبل تجنيدهم، ثم يمرون إلى تقديم أسسهم الفكرية. وأبدى الحزيمي أسفه الشديد مؤكدا أنه عندما علم بتفاصيل عملية اقتحام الحرم المكي التي كانت الجماعة تخطط لها اكتفى برفض الاشتراك في تنفيذ العملية وقال إنه انسحب مع بضعة عشرات آخرين قبل ستة أشهر من موعد التنفيذ. ووفق ما نقلته قناة «العربية» اعتبر المتحدث أن أكبر خطأ قام به المنسحبون جميعا إنهم «لم يبلغوا السلطات عن هذه العملية وهو ما كان يمكن أن يساهم في حقن الكثير من الدماء» لو أنهم أقدموا على تلك الخطوة حينها. وقال ان ساعة الصفر التي اتفقوا عليها كانت بعد صلاة الفجر «حيث وقف العتيبي في قلب الحرم المكي وأعلن مبايعة القحطاني على أنه المهدي المنتظر. وقام المئات من أتباعه باستخراج كميات كبيرة من الأسلحة من التوابيت التي أدخلوها على أنها أموات ليصلي عليهم.. وتمكن المسلحون من إغلاق الأبواب وسد منافذ الحرم والتحصن داخله وأخذوا المصلين الذين تصادف وجودهم داخل الحرم كرهائن» على حد قوله. وتابع: «بدأ أتباع جهيمان بإطلاق النار فقتلوا بعض حراس المسجد الحرام الذين حاولوا منعهم من إغلاق الأبواب ثم تحصن قناصة منهم في مآذن الحرم واستخدموها لإطلاق النار على القوات التي حاولت تحرير الحرم والمصلين». وأشار الحزيمي إلى أن ما ضاعف من صعوبة الموقف «عدم قدرة القوات السعودية على استخدام أسلحة ثقيلة للرد على القناصة خوفا من إلحاق الأذى بالحرم الشريف أو قتل مئات الرهائن الذين استخدمهم أتباع جهيمان دروعا بشرية». واستمرت المعركة نحو أسبوعين قبل أن تنجح قنوات الحرس الوطني السعودي في السيطرة على الوضع والقضاء على القناصة المتحصنين في المآذن ثم تطهير الحرم من باقي المقاتلين الذين تحصنوا داخل بئر زمزم. وقال الحزيمي بعد سبع سنوات من السجن، «سنوات السجن كانت عظيمة الأثر في نفسي لأنها ساعدتني على مراجعة الأفكار التي كانوا يعتنقونها والتي كانت تمثل السلفية المتطرفة في ذلك الوقت» حسب تعبيره. وعن علاقة الجماعة ب«القاعدة» قال إن أسامة بن لادن لم يرتبط بالجماعة بشكل مباشر لكنه يعرف إنه اطلع على أفكارهم من خلال بعض أعضائها الذين كانوا يقيمون معه في ذلك الوقت في مدينة جدة. وأضاف قائلا: «تتشابه (القاعدة) مع جماعة جهيمان في التطرف الديني والتجرأ على حمل السلاح وسفك الدماء في غير مواضعه الشرعية، وكذلك طريقة تجنيد الشباب والتأثير فيهم بقيم دينية تبدو للوهلة الأولى شديدة المثالية والالتزام بمبادئ مثل السمع والطاعة والخضوع التام للنص وعدم تشجيع الأتباع على استخدام العقل وعلوم المنطق في تمحيص الأحكام والاستدلالات.