صادم/ الإحتيال على الناس يطال الحج!!    يوم عرفة: توصيات هامّة من مفتي الجمهورية ودعوة لتجديد العهد مع رسول الله.. #خبر_عاجل    رولان غاروس: الامريكية كوكو غوف تتجاوز مواطنتها ماديسون كيز وتبلغ المربع الذهبي    حركة النهضة تعبر عن استنكارها للحكم الصادر ضد نور الدين البحيري    عاجل: تعيينات جديدة بوزارة التربية.. اليك التفاصيل    أنس جابر تتراجع في الترتيب العالم الجديد    كرة اليد: نظام جديد لبطولة النخبة بداية من الموسم الجديد    لأول مرة: تمكين 200 حاج تونسي من ساعات ذكيّة لتحديد مواقعهم ومُتابعة حالتهم الصحية..    ترامب يتحدث عن أكبر فضيحة سياسية في تاريخ أميركا    بالتفاصيل: هكذا يتم توزيع الأضاحي المدعومة في سرت    مصالح الديوانة بميناء حلق الوادي الشمالي تحبط محاولة تهريب أكثر من 10 آلاف حبة مخدرة نوع إكستازي    جلسة عمل استعدادا للمشاركة التونسية في المعرض الكوني "اكسبو اوساكا 2025" باليابان    عاجل-أرقام الأطباء البيطريين في خدمة التونسيين في عيد الأضحى... تعرّف عليها    لمن يُعانون من مشاكل المعدة... نصائح ضرورية قبل تناول لحم العلوش في عيد الأضحى    توصيات هامة لضمان سلامة الأضاحي و تخزين اللحوم..    في معرضه الشّخصي الأوّل جمال عرّاس يرسم " جولة الألوان" بتقنية السكّين    عاجل- مباراة تونس و المغرب : كل ما تريد معرفته عن التذاكر والموعد و القنوات الناقلة    الكاف: وزير التربية يتابع سير بكالوريا 2025    القضاء الماليزي يرفض وقف دعوى اعتداء جنسي ضد رئيس الوزراء    السعودية تشدد اجراءات الحج وتؤكد أنه لا دخول لمكة دون تصريح الحج..    ثماني سهرات فنية ضمن برمجة الدورة 49 من مهرجان دقة الدولي    مهاجم المنتخب المغربي ابراهيم دياز يغيب عن مباراة تونس الودية وعبد الصمد الزلزولي في دائرة الشك    حجّ 2025 تحت الرقابة الصارمة: منع التصوير والأعلام وملاحقة المخالفين    جريمة مروعة: شاب ينهي حياة زوجة شقيقه وابنها طعنا بالسكين..!!    يا تونسي، هل أنت مستعد ل''حجة علوش'' صحية؟ !    يوم ''الوقفة'' تحت رحمة الغيوم: أمطار غزيرة متوقّعة بهذه المناطق التونسية    نسور قرطاج يحطّون الرحال في فاس: مواجهة نارية أمام المغرب بحضور 40 ألف متفرّج    الرابطة الأولى: الأولمبي الباجي يكشف عن موعد جلسته العامة الإنتخابية    وزير السياحة يشدّد على ضرورة تكثيف الجهود في التّرويج الرّقمي عبر مزيد التعاون مع صانعي المحتوى والمؤثّرين    عاجل/ خامنئي يحسمها ويعلن..    مسجد باريس الكبير: اغتيال التونسي هشام ميراوي جريمة إرهابية معادية للإسلام    مجلس وزاري مضيّق يتخذ هذا الاجراء..#خبر_عاجل    مع اقتراب العيد...''تمضية السكينة والساطور'' يصبح ''بزنس والأسوام بين 5 و10 دنانير فما فوق''    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    صور: وزير الشؤون الدينية يعاين ظروف إقامة الحجيج التونسيين بمكة المكرمة    النقل البري: 92 سفرة إضافية وتأمين رحلات استثنائية بمناسبة عيد الأضحى    عملية زرع كبد ناجحة في مستشفى فطومة بورقيبة بالمنستير    وجيه الذكار يكشف: من 1900 طبيب تخرّجوا حديثًا 1600 هاجروا    الساعة بزوز ملاين ونصّ: بلدية تونس ''أسعار مسبح البلفيدير في المتناول''    عاجل/ رئيس الدولة يتخذ قرار هام..وهذه التفاصيل..    الحجاج يتوجهون الى مشعر منى لتأدية التروية…    لا تفوت بركة هذا اليوم.. أجمل دعاء ليوم التروية 2025 من السنة النبوية    محمد علي بن رمضان ينتفل رسميا الى الاهلي المصري    بعد قرار رئيس الدولة حل هذه الشركة وترسيم العمال: أول لتعليق من اتحاد الشغل..#خبر_عاجل    بمناسبة عيد الأضحى.. تعرف على الطريقة الصحية لتناول اللحوم لمرضى السمنة والسكري..    عاجل : الصحة السعودية تحذر الحجاج    انطلاق حجاج بيت الله الحرام إلى مشعر منى في يوم التروية...تفاصيل هذا الركن    بن عروس : المصالح الطبية البيطرية تواصل برنامجها الميداني للمراقبة الصحية للاضاحي    نتنياهو: الثمن الذي ندفعه في الحرب باهظ    جالة الطّقس ليوم الأربعاء 4 جوان 2025    المنستير: نجاح عملية زرع كبد لطفل ال8 سنوات في مستشفى فطومة بورقيبة    آخر جوائزها من غزّة ... وداعا... سيدة المسرح سميحة أيوب    برنامج استثنائي للنقل    الدورة 49 لمهرجان دقة الدولي: آية دغنوج وجنجون وامال المثلوثي وعرض رقوج في الاختتام    حذاري من حجر الأساس للتطبيع مع الصهيونية    صفاقس.. لحم الخروف ب68 دينارا و البلدية تشن حملة على" الجزارة"    مبادرة إنسانية في جبنيانة: سائق نقل ريفي يرافق تلاميذ البكالوريا مجانًا    المؤرخ التونسي عبد الجليل التميمي يفوز بجائزة العويس الثقافية    









حديقة بلا سياج: يتامى الأدب العربيّ
نشر في الشروق يوم 23 - 11 - 2009

مرّة أخرى يصنع الأدب الموجّه إلى الناشئة الحدث. ومرّة أخرى تتحوّل إحدى أكثر السلسلات الروائيّة مبيعًا إلى سلسلة من الأفلام الأكثر استقطابا للمشاهدين. وهو ما أكّده في المدّة الأخيرة الاستقبال الهيستيريّ الذي حظي به الجزء الثاني من فيلم توايلايت (Twilight) المقتبس من روايات الأمريكيّة ستيفيني ميير (Stephenie Meyer). وهي أمريكيّة تابعت دراسة اللغة الإنقليزيّة وظلّت طيلة حياتها الجامعيّة مثال الفتاة المورمونيّة المحافظة شديدة التديّن التي لا تتمنّى غير أن تحتفظ بنفسها للرجل الذي سيطلبها للزواج. وهو ما تمّ لها فعلاً. فجأة وذات ليلة من ليالي سنة 2003 شاهدت في نومها حلمًا فوضعته على الورق. هكذا تقول وليس مهمًّا إن كان الأمر حقيقة أم جزءًا من أسطورة دعائيّة. كان ذلك من أجل متعتها الشخصيّة ودون أن تفكّر لحظةً في احتراف الأدب. لكنّ شقيقتها أقنعتها بإرسال المخطوط إلى دور النشر.
هكذا بدأت رحلة سلسلة توايلايت (Twilight)، التي تروي مغامرات مراهقة تعشق مصّاص دماء. وما أن نُشر الجزء الأوّل حتى انضمّ «إدوارد كولين» و«بيلا سوان» بطلا السلسلة إلى «هاري بوتر» وغيره من الشخصيات «الظواهر»، التي يتداعى لها مراهقو العالم بالسهر والتدافع واللهفة على المطالعة، ولا يكتفون بذلك، بل يقتدون بهذه الشخصيات في مغامراتها وهندامها ولغتها وتحديدًا في قِيَمها.
نحن هنا أمام «ظاهرة كونيّة» أخرى من تلك الظواهر التي سرعان ما تبسط نفوذها على الكون دون أن تكون مضامينها بالضرورة «كونيّة». ثمّةَ أسئلة كثيرة تتعلّق بأدبيّة هذا النوع من الأعمال، وبفنيّتها، وبما يعبّر عنه هذا الهوس بمصّاصي الدماء وهذا الولع بمخلوقات الرعب الجذّابة. ثمّةَ أسئلة كبيرة تُطرَحُ على عالم الإباحة المتوحّشة ونزعته الطهرانيّة المتستّرة باستعارات الرغبة الممنوعة. وهو جدل يخاض في أمريكا تحديدًا وفي الغرب عمومًا لأسباب وجيهة لصيقة بمناخات سوسيو ثقافيّة معيّنة. لكن ما علاقة ذلك بناشئتنا في البلاد العربيّة، التي تتلقّف تلك الأعمال ومضامينها من خلال شخصيّات روائيّة وسينمائيّة وتلفزيونيّة مغرية سرعان ما تصبح نماذج يُقتدى بها فكرًا وقِيَمًا وحتى لغةً وهندامًا؟
ممّا يعود بي مرّةً أخرى إلى طرح سؤال إبداعنا العربيّ الموجّه إلى الناشئة.
أطفالنا يتامى أدبيًّا وفنيًّا.
لقد تخلّى عنهم مُعظم أدبائهم ومُعظم فنّانيهم، ولم يعد أمامهم إلاّ استهلاك ما تجود به عليهم الترجمة أو الوسائل السمعيّة البصريّة من إبداعات الغرب، ولو قيّض لهم الاطّلاع على الماضي لتحسّروا على كتابات كامل الكيلاني وغيره.
طبعًا لا مجال للتشكيك في أنّ في الأدب العالميّ ما هو كونيّ فعلاً بحكم تفاعل الثقافات وتحاورها لإنتاج أعمال أصبحت جزءًا من مخيالنا البشريّ المشترك. فليس من السهل اليوم أن نتبيّن أين تنتهي ألف ليلة وليلة وأين تبدأ أعمال أندرسون والإخوة غريم وغيرها من محطّات التراث السرديّ الذي أصبح يشكّل نوعا من المدوّنة الكونيّة. وقد تطوّرت هذه المدوّنة واخترقتها الوسائل السمعيّة البصريّة والرقميّات وفضاءات الشبكة العنكبوتيّة. واستطاعت شعوب عديدة أن تسهم في بناء مفرداتها انطلاقا من خصوصيّاتها. ولكن لا طفل اليوم من شرق العالم إلى غربه ومن شماله إلى جنوبه، إلاّ وهو في جزء ما من عالمه الخياليّ ابنُ علاء الدين مثلما هو أخو هاري بوتر، مثلما هو العاشق المتيّم بالبلاي ستايشن وغيرها من أدوات صنع المخيال، التي ظللنا للأسف قاصرين عن المساهمة في بنائها من منطلق خصوصيّتنا، بالشكل المطلوب.
وهذه هي المشكلة. فالانفتاح على العالم ضرورة حياتيّة، وربّما حتميّة، لكنّه لا يعني الاكتفاء بالاستهلاك ولا يعني التغافل عن ضرورة قول الخصوصيّة والتعبير عنها. ومن المؤسف أن يكون أغلب ما يُكتَب لناشئتنا هذه الأيّام فقيرا من كلّ النواحي (الجماليّة والفكريّة واللغويّة والتخييليّة). وكأنّ الطفل قارئ من درجة سفلى، يستحقّ كتابًا من نوعيّة سفلى أيضا. ومُعظَمُ ما يُكتَبُ لناشئتنا ضعيف يغتنم فرصة غياب أعين النقد عنه فيخبط كيفما شاء. ومُعظَمُهُ غيرُ قادر على مدّ أطفالنا بشخصيّات نموذجيّة تقولهم وتقول بيئتهم وتنبع منهم. قلتُ هذا وأعيد.
والنتيجة: يتمٌ أدبيّ وفنّي يدفع ناشئتنا إلى البحث لهم عن «آباء» مستوردين من الخارج.
وتلك قصّة أخرى، قد يكون من بين عناوينها:
«تهيئة الأذهان لثقافة الحرقان»...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.