أعود الى الحديث عن جنات جندوبة وأعني بها تلك الغابات المصنفة في الذاكرة الجماعية أرضا غير صالحة للزراعة، رغم انها مزروعة كنوزا من الروعة والشموخ والجلال والجمال، ولا تنتظر من الأهل إلا أن يمدوا الأيادي للحصاد. ولكن كيف تمتد تلك الأيادي، وهي مكبلة بسلاسل قانون الغاب الذي سنه الاستعمار الفرنسي على الغابات وأتاح فيه من الحقوق للحيوانات الغابية ما لم يتحه لسكان الغابات من البشر، فكان الحصار وقيد الحركة وغلق أبواب الرزق ومنافذه وهو القانون الغابي الذي مازلنا نعيش الى اليوم على جانب منه ومن تبعاته فكانت النتيجة ان لا الغابة استفادت من سكانها ولا هم استفادوا من الغابة، فهل تضع مجلة الغابات المنتظر صدورها ربما قريبا لهذا التنافر حدّا فنرى أبراج المراقبة لحركة سكان الغابات المنتشرة في أعالي الجبال تتحول الى مجامع للتنمية ومنارات وضاءة تحدد لكل مستثمر مرسى الخير العميم في بحر تلك الغابات، هكذا كنت أفكّر، وربما أحلم، وأنا في طريقي الى رحم عين دراهم صحبة الوفد الاعلامي الذي نزل ضيفا على ولاية جندوبة الى أن حط بنا الترحال هناك فأعطينا المكان حقه من الغبطة والدهشة والاعجاب. وفي غمرة الانتشاء بالروعة هناك استدرج عقلي سؤال الى احدى القضايا المشفرة والمسكوت عنها يقول: في عين دراهم وجدنا العين فأين الدراهم التي تنفع العباد والبلاد؟ فجاء الجواب يشير الى أحد ينابيع هذه الدراهم الذهبية بالقول: إن عدد الفرق الرياضية الاجنبية التي مارست الغوص في بحر غابات عين دراهم تجاوز الاربعين فريقا في الآونة الاخيرة، دون اعتبار الوافدين عليها للاستشفاء والراحة والاستجمام. وهنا يبرز سؤال يستجدي جوابا يسد الرمق ويقلّم أظافر الجوع الى معرفة الحقيقة يقول كيف يكون الامر لو تضاعف مرات ومرات عدد هؤلاء الزوار هل يجدون من المرافق الأساسية الضرورية ما يلبي الرغبة ويسد الحاجة في غابات عين دراهم والحالة على ما هي عليه اليوم هناك؟ أم أن المسألة تكمن في أن عين دراهم مازالت في أشد الحاجة الى الدراهم!!؟