كنت ضمن الوفد الاعلامي الذي استضافه السيد والي جندوبة في ولاية جندوبة مشكورا لا على كرم الضيافة فقط وإنما كذلك على تلك النافذة التي فتحها أمامنا للإطلالة على جندوبة الأعماق وجندوبة الأقطاب الثلاثة القطب الجامعي والقطب السياحي، والقطب التكنولوجي الذي تستعدّ الجهة لاعتلائه، وكذلك على جملة من المتناقضات التي آن الأوان لأن تزاح من الذكر والذاكرة في الساحة، والتي أتوقف عند بعضها في هذه البطاقة والبطاقات اللاحقة. يقول أهل الذكر من أهل الكيل والتحديد والتصنيف رسميا ان المساحة الجملية لولاية جندوبة تبلغ 310200 هك، منها 174000 هك صالحة للزراعة معنى ذلك أن 136200 هك غير صالحة للزراعة وهي تعني أساسا غابات بلطة بوعوان وغار الدماء وفرنانة وعين دراهم وطبرقة أساسا، تلك الغابات التي إذا دخلتها غمرتك بهيبتها وجلالها وسلبت منك اللبّ روعتها وكنوز جمالها، وأحالتك على عالم من الأحلام فيه للطير كلام وفيه للنبت كلام وفيه للماء غناء وفيه حتى للتضاريس فيض من الأحاسيس. كل ما فيه نشوة، وكل ما فيه انتشاء، ولعلني هنا أجزم القول لكل من وصل الى تلك الغابات، وخاصة منها الفايجة وعين دراهم وطبرقة ومليلة لا تبحث عن الجنة فأنت فيها..! وأعتذر لكل من صنّف هذه الجنّة أرضا غير صالحة للزراعة إن قلت له إنك مخطئ، وعليه أن يسأل المندوب الجهوي للسياحة كم هي خصبة تلك الجنة باليمن، والبركة، وكم هي صالحة لزراعة الخير، وعليه أن يسأل رئيس الجمعية التونسية لحماية الطبيعة والبيئة بغار الدماء العائد لتوّه من اليابان كيف أدرك هناك أنه لا توجد في جندوبة أرض أخصب وأثرى عطاء وتربة من جنان غاباتها المصنفة في المنظور العام غير صالحة للزراعة فهل لا يكون قانون الغاب مسلطا على الغابات؟ في انتظار الجواب أعيد القول لكل زائر هناك: لا تبحث عن الجنة فأنت فيها.