توسّع انتشار مرض انفلونزا الخنازير بدخوله الى مرحلة العدوى الجماعية وأساسا في المؤسسات التربوية وتحولت كل أنواع «الانفلونزات» الى نوع واحد هو AH1N1. وفي الحقيقة فإن هذا الحدث كان منتظرا ولم يفاجئ الاوساط الصحية والطبية التي كانت تهيأت له وأعدت له كل السيناريوهات للتقليص من حدة الاصابات وأساسا حالات الوفيات التي تبقى واردة للحالات التي تشكو من أمراض مزمنة والتي لا تسارع بالاتصال بالهياكل الطبية. وبقدر توسع حملات التوعية والتحسيس في كل الاوساط ومنذ أشهر، وبرغم ما أدركه التونسيون من وعي ونضج، فإن أخبارا وإشاعات المرض خلقت حالة من «الفوبيا» والهلع في كل الاوساط بما في ذلك المتعلمة والمثقفة صحيا، وهو خوف مبالغ فيه إن لم نقل بلا موجب. فأنفلونزا الخنازير أقل خطورة من الأنفلونزا الموسمية وكل أنواع الزكام الاخرى بإجماع الأطباء وأهل الاختصاص في الامراض الجرثومية والفيروسية ونسبة الشفاء منها عالية جدا وتفوق 95٪ باستعمال الأدوية العادية والمضادات الحيوية التي يصفها الأطباء للأنفلونزا العادية أو الموسمية. فالخوف يكمن في سرعة انتقال الفيروس فقط أو عدم المبادرة بالعلاج عند بروز أولى العوارض او العلامات وهو ما قد يهدد بتعكّر الحالة وأساسا لدى الذين يعانون من أمراض مزمنة لها علاقة بالجهاز التنفسي في مرتبة أولى. ولا تفترض الاصابة بالأنفلونزا التوافد على الهياكل الصحية العمومية او الخاصة في حالة من الذعر او الخوف بحثا عن العلاج اذ يكفي زيارة الطبيب وتناول الأدوية والبقاء في المنزل لمدة لا تزيد على ستة أيام مع العزل عن بقية أفراد العائلة لمنع انتقال الفيروس اليهم. والعزل في المنزل ليس سجنا للمريض بل هو احتياط فقط يكفي فيه ان يضع المريض كمّامة ويقبل على تناول الدواء. إن تونس وإن كانت كبقية بلدان العالم معرضة لانتشار الوباء وحصول حالات من الوفيات فإنها يمكن أن تفخر بأنها من البلدان القليلة التي صنعت الأدوية الخاصة بالانفلونزا ووفرت اللقاحات للراغبين فيها وهيأت هياكلها الصحية ومختبراتها للقيام بالتحاليل وضمان العلاج المطلوب للجميع. المرض موجود وتعداد حالات الاصابة به لم تعد مجدية والخوف والاشاعات مرفوضة وعلينا مواجهته بكل أريحية وعن طريق الأطباء والهياكل الصحية.