لم يطل استبشار الروائيين العرب بولادة جائزة بوكر العربية فسرعان ما تسرب إليها داء غياب المصداقية الذي تعاني منه معظم الجوائز العربية فرغم الصبغة الأوروبية للجائزة وعضوية عدد من الكتّاب الأوروبيين فيها فإنها لم تستطع أن تصمد في دورتها الثالثة إذ كشفت مصادر متطابقة بأن الجائزة محسومة سلفا لروائية لبنانية اسمها علوية صبح. شخصيا لا يعنيني كثيرا اسم من فاز بالجائزة فلا أنا روائي ولا شأن لي بالرواية أكثر من متعة القراءة والمتابعة الصحفية ولكن ساءني أن يتمّ تجاهل الروائيين التونسيين بدرجة أولى فهل يمكن أن نصدّق أن كل الذين ترشحوا لا يستحقون الجائزة بل لا يستحقون حتّى مجرّد التنافس على نيل الجائزة! إن الانحياز واضح وجلي وهو يذكرنا للأسف بالخلاف المغربي المشرقي منذ قرون فالمشرق لا يمكن أن يغفر للمغرب العربي ريادته ونجاحه لفتح منافذ على أوروبا والتجربة التونسية في المسرح والسينما والرواية والشعر تثير حفيظة بعض المشارقة لأنها تزعجهم بتنوعها وثرائها وتعدّد أصواتها وحداثتها فالجامعيون التونسيون اليوم هم أهمّ ما في العالم العربي ويكفي أن نذكر محمد لطفي اليوسفي أو مبروك المنّاعي أو عبدالله صولة رحمه الله أو عادل خضر أو ألفة يوسف أو رجاء بن سلامة وغيرهم ومن أجيال سابقة حمادي صمود وعبد المجيد الشرفي وهشام جعيط ومحمد عبدالسلام وأحمد عبدالسلام رحمه الله أما في الرواية والشعر والنقد والسينما والمسرح والفنون التشكيلية فالمجال لا يسمح بذكر وتعداد العلامات التونسية. هذا الإقصاء الذي تعرض له الروائيون التونسيون وقبلهم الشعراء أرجو أن يدفع بعض «المتعهدين» من الكتاب والإعلاميين بإعادة النظر في الإطراء المبالغ فيه لتجارب عربية لا ترقى حتّى للمستوى المتوسط.