لا يشك اثنان أن أسامة فرحات من الموسيقيين الذين اكتسبوا مكانة هامة في المشهد الموسيقي التونسي بما يختزنه من ثقافة وإبداع في هذا المجال علاوة على رفعة ذوقه وانحيازه اللامشروط والغير متصنّع للطرب والفن الاصيل مما بوّأه درجة كبيرة من المصداقية جعلته يترأس نقابة الموسيقيين، ودعّم أسامة خصاله الموسيقية ببرنامج تلفزي على قناة 7 يدعم «الاصوات والالحان القيّمة» فكان له حضور متميزا، إلا أن إطلالته الاخيرة على قناة حنبعل من خلال برنامج «بلا مجاملة» عكست وجها آخر لهذا الفنان حيث صرح بصراحة وبحدّة مبالغ فيها برأي يقصي الهواة من القطاع الموسيقي آمرا إياهم بملازمة بيوتهم وواصل تهكمه عليهم بقوله: «عليهم بالاعتناء بالفراشات وتلوينها»!! وبقطع النظر عن مقاصد هذا التصريح والذي قد لا نشكك في حسن نواياه ولكن يعتبر مفاجئا وغير متوقعا من فنان يحمل احدى مسؤوليات الابداع، وقد يتحمّل هذا التصريح عدة تأويلات فكان من المفروض يا أستاذ أسامة وانطلاقتك كانت أساسها الهواية أن تحدد مفهوم المحترف والهاوي في قطاع اختلط فيه الحابل بالنابل، فالابداع غير مشروط بالاحتراف في كل الحالات كان من المفروض يا أستاذ وبرنامجك معنون «بالكلمات» أن تتحرّى في كلماتك والتي تضمنت الكثير من القسوة على الهواة قد نتفهّم غيرتك على الموسيقى وعلى مبدعي القطاع ولكن لا مجال في الفن للاقصاء ولا لمبدإ الوصاية مثلما لا مجال لادعاء امتلاك كل الحقيقة فقد تكون لك تصورات وهذا أمر مشروع، وواجب من منطلق اختصاصك ومسؤوليتك ولكن أن تصر على إمكانية حل كل أزمات ومشاكل القطاع الموسيقي بتونس بمجرد حصولك على الضوء الاخضر من وزارة الاشراف فهذا أمر لم يكن فيه الكثير من الثقة فإنه يحتوي على القليل من الواقعية، ولما استوجب القطاع الموسيقي في حد ذاته الى استشارة وطنية ولكانت استشارة فرحاتية!! وانتهى الموضوع، نورد ذلك لا استنقاصا من التصورات التي تقدمت بها بقدر ما إن العقلية التي يتطلب تنفيذها تستوجب الاتزان والاعتدال وخاصة التواضع، فنحن نقدّر قيمتك الفنية ولكن وددنا لو كانت إطلالتك على قناة حنبعل امتدادا لاسامة فرحات الكلمات ونبل العبارات بعيدا عن العروض وعقلية الاقصاءات والاتهامات لانها لا تزيد القطاع الموسيقي إلا أزمات.