وتبقى أيها الشابي حيّا أبدا. عشت نسرا فوق القمة الشماء وربيعا مزهرا يترنّم به الشباب مرتّلا أغاني المجد والعظمة وحلما طفوليا راقصا له أجنحة ذات ريش من الشعر يرتفع الى ما وراء الغيوم فيرى الكون مغمو را بأشعة ملونة بألوان قوس قزح. عشت شاعرا للحياة والأمل والإرادة ورمزا للحرية والأحلام والأماني وبركانا ثائرا أعتق رقابا من قيود العبودية وسراجا منيرا يضيء خبايا النفس ويرفعها الى مقام سام ويصبغها بلون سحري فتغدو نقية صافية. مررت كنسيم الفجر فارتعشت لك صفحات الماء في السواقي وكقطرات ندية فوقعت على بتلات زهرة ذابلة فانتصبت شامخة ترنو الى الشمس بجفون جامدة وتقبض على الشوك بأصابع غير مرتعشة. أسمعتنا نشيد صباح جديد وسيّرتنا أحرارا في موكب الحرية وغنّينا معك أغاني الحياة بلغة سماوية تترفع عن الأصوات والمقاطع التي تحدثها الشفاه والألسنة. لغة خالدة تجمّعت فيها جميع لغات البشر. ثم شاءت السماء وأسكتتك على حين غفلة وكأنك عرفت أن في الصمت قوة وأن للحياة سرّا تفهمه أرواحنا وتفرح به أما أجسادنا فتقف أمامه محتارة تحاول تحديده بالألفاظ ولكنها لا تستطيع. وقبل صمتك كتبت بأحرف من نار في كتاب الوجود سنفتحه دوما في ظلماتنا للاهتداء الى أنفسنا ولإيجاد ما بين السماء والأرض في داخلنا.