علياء بن نحيلة مازال عدد من المواطنين إلى اليوم ونحن في الأيام الأخيرة للحملة الانتخابية يلوحون بلامبالاة بجمل ك"لن أصوت " أو أنا لا افهم شيئا أو ان"هذه الانتخابات لا تعنيني لأنني لا أثق في احد ولان الكل يطمع اليوم في صوتي وسيجوعني ويرهبني ويهمشني عندما يجلس على الكرسي" او "ما الذي سيغيره صوتي ؟"... مواقف قد نعذر عليها ونتفهم نفسية قائلها اذا كان من بين الشباب الذين طال تهميشهم وعانوا من الفقر والبطالة وضاق الأفق أمامهم... قد نتفهمها أيضا عندما تصدر عن ربات البيوت اللائي يدرن ظهورهن إلى العالم الخارجي فلا يدركن ما يسمعن ويشاهدن ويقرأن ما تخصهن به وسائل الإعلام بكل أنواعها ولا يحاولن الفهم ولا يتجشمن عناء السؤال. ولكننا لا نعذر قائلها إن كان من المتعلمين المتنورين القادرين على البحث عن المعلومة وإلقاء السؤال بغاية الفهم ونرفض سماعها من الذين يعملون ويعيلون أسرهم ويشاركون في نهضة تونس وبناء ركائز اقتصادها وأسس بنيانها ونستهجن سماعها في أروقة الجامعة والإدارات والمعاهد الثانوية والفضاءات العامة وفي المواقع الاجتماعية. انه من المؤسف حقا أن نرى جانبا من التونسيين يلقون بسلاحهم ويتجرعون مرارة هزيمة حرب لم يخوضوها إلا في أذهانهم يقتلهم الخوف من مستقبل يرفضون المساهمة في تسطيره بالإقبال على التصويت ويسلمون بالأمر "الواقع" وهم قادرون على ان يكونوا فاعلين فيه. ومن المؤسف أيضا أن نستشف في نبرات بعض الأصوات التي نريدها اليوم جسورة الإحساس بالعجز ونلمس التشكيك في قدرة هذا الشعب على تغيير أوضاع تونس إلى ما هو أحسن كلما لزم الأمر بعد ان عاشوا وامضوا بالحضور الفاعل على أحداث ثورة 14 جانفي وبعد أن قال الشعب التونسي -لا- فاق وقعها حدود السماء. هؤلاء الذين لم يحسموا أمرهم مطالبون اليوم بان يكملوا المسيرة ويساهموا في إنجاح انتخابات المجلس التأسيسي وبان يؤمنوا بان لكل صوت قيمة تماما كقطرات الماء التي تتجمع فتغدو سيولا وكالذرات تتكتل فتكون إذا اصطفت وتراصت صرحا منيعا. قد نقبل اليوم بان تتصف مواقف بعض المقبلين على الانتخابات بالطراوة والتردد وقد نفهم ظروف من لم يحزموا أمرهم بعد ولم يختاروا لمن سيصوتون فبعضنا يعشق التصرف في اللحظات الحاسمة ولكن ما لا يمكن أن نقبله هو أن لا نثق في قدرة هذا الشعب على التغيير أو أن لا نتوجه يوم الأحد إلى الدوائر الانتخابية لنساهم جميعا في بناء مستقبل تونس.