أنهت أمس السلطة التشريعية مداولاتها بخصوص ميزانية الدولة للسنة المقبلة بمصادقة مجلس المستشارين على قانون المالية والاستماع إلى الكلمة النهائية الّتي ألقاها الوزير الأوّل السيّد محمّد الغنوشي. «الشروق» التقت عددا من المستشارين وبحثت معهم تقييمهم لسير المداولات والنقاشات مع الحكومة وانتظاراتهم بخصوص المرحلة القادمة. السيّد علي الحليوي قال ل»الشروق» إنّ الحكومة أخذت بالعديد من المقترحات والتوصيات وخاصة في ما يتعلّق بقانون المالية للسنة المقبلة معتبرا ذلك مؤشرا إيجابيا على حالة التناغم الموجودة بين السلطتين التشريعية والتنفيذيّة ونوّه الحليوي بالأجواء الّتي جرت فيها جلسات اللجان والاستماع لأعضاء الحكومة والّتي حكمتها روح التفاهم وتغليب المصلحة الوطنية، من جهته أشار المستشار برهان صفية إلى أنّ النقاش والجدل داخل مجلس المستشارين يتطوّر من سنة إلى أخرى وأنّ ما أصبح يشدّ الاهتمام هو الجديّة في التعاطي مع مختلف الملفات وتعميق النظر بخصوصها حسب منوال التنمية الموضوع وبحسب ما يتلاءم مع ما جاء في البرنامج الانتخابي الرئاسي للفترة المقبلة. تحديات ورهانات أمّا المستشار الحبيب المستوري فقد أوضح أنّ المداولات والنقاشات الّتي جرت في اللجان أو في الجلسات العامة كانت متطابقة مع متطلبات المرحلة وقد حقّقت كلّ تلك الأعمال أهدافها في طرح كلّ التحديات والرهانات والاتفاق بخصوص خطة عمل للتنفيذ والانجاز ، والمهم بالنسبة للمستوري أنّ المشاغل الّتي تهم التونسيين قد تمّ التعرّض لها وما يبقى هو المتابعة الحكومية للتفاعل ومواصلة العمل على تجسيد ما تمّ اقتراحه من نقاط ومسائل تهمّ جلّ القطاعات. المستشار سمير المغراوي أفاد أنّ هناك تطوّرا حاصلا في المداولات وأنّ المتابع للشأن البرلماني يُلاحظ حالة من التميّز عن أعمال الغرفة الأولى وهو ما من شأنه أن يكون عامل إثراء للحوار الوطني، وقال المغراوي إنّ التفاعل الحكومي مع ما يقدّم لها من مقترحات هو دليل على الرغبة في مزيد النهوض بالعمل البرلماني في تونس ، ولاحظ أنّ المداولات قد طرحت مختلف القضايا وهي ستُساهم مستقبلا في تطوير التجربة التعدّدية والديمقراطية في البلاد ومزيد توسيع دائرة المشاركة بين مختلف الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين والسياسيين. كفاءات ومقاربات في جانب آخر عبّر عضو المجلس السيّد جمال الدين خماخم عن ارتياحه للعمق الّذي تمّ به تناول مختلف أبواب الميزانية انطلاقا من اللجان ووصولا إلى الجلسات العامة والّتي طرحت الإشكاليات الكبرى الّتي تمثّل تحديات حقيقيّة للمستقبل ناهيك وأنّ المجلس يضمّ كفاءات مختصة وهي نقطة قوّته وتساهم بشكل فعّال في تحليل القطاعات وتقديم المقترحات. أمّا السيّد محمّد مواعدة فقد أشار إلى أنّ المداولات بخصوص الميزانية تندرج ضمن إطار الحوار الوطني بما قدّمته من قراءات وتحاليل ومقاربات عكست حالة التنوّع الّتي تعيشها الحياة العامة في تونس، وقال مواعدة إنّ أعمال مجلس المستشارين قد أكّدت إطلاع كلّ الفاعلين ومن بينهم الحكومة والأطراف السياسية على معطيات الواقع وكذلك استشراف التطوّرات المستقبلية الممكنة بما يؤدي إلى وضع ورسم الخطط والحلول الملائمة في إطار الضوابط الّتي حدّدها البرنامج الرئاسي الّذي ارتقى ليكون محلّ توافق وطني واسع ونادر، وأضاف مواعدة أنّ المتابع لسير أعمال مجلس المستشارين يلاحظ أنّها تعكس صورة حقيقيّة عن خصوصيّة التعدّد الديمقراطي في تونس. أهداف واستجابة أمّا السيّدة ريم السلامي فقد أشارت إلى أنّ المداولات تعرّضت للأهداف الوطنية الكبرى في مختلف القطاعات وخاصة في مجال الاستثمار والتشغيل والتنمية الجهوية واقتصاد المعرفة ، كما جسّدت تلك المداولات العلاقة الجيّدة الّتي يجب أن تكون بين السلطتين التشريعيّة والتنفيذيّة ، ولاحظت السلامي حالة الثراء في الآراء الّتي قدّمها أعضاء المجلس من مختلف الجهات والقطاعات ومن الكفاءات الوطنيّة، وقال السيّد منير المؤخّر إنّ المداولات جرت في أجواء ديمقراطية وشفافة وأنّ الحكومة تفاعلت مع ما قدّم لها من مقترحات وعبّر السيّد الوزير الأوّل على أنّ الحكومة مهتمّة بما تمّ تقديمه أثناء النقاش وهذا عامل مهمّ جدّا يُضاعف من مسؤولية المجلس في تقديم التصورات والمقترحات الفاعلة والناجعة على أنظار الحكومة. ونوّه المؤخر بحالة الصراحة الّتي ميّزت المداولات والّتي مكّنت من التعرّض لمختلف المشاغل الوطنية بقدر كبير من الجرأة والوضوح. وأكّد المستشار محمّد نجيب حمادي أهمية ما جرى من نقاش بين أعضاء المجلس والحكومة وقال إنّ الحكومة قامت بالاستجابة خلال نقاشات اللجان إلى تعديل أربعة فصول من قانون المالية وخاصة منها الفصلين 48 و51 بعد حوار مع وزير المالية دام أكثر من 4 ساعات ونصف واشار حمادي إلى أنّ استجابة الحكومة بخصوص هذه الفصول كان بمثابة الاستحالة ولكن بالجدل والنقاش تمّ التعديل والحذف وهذا مصدر اعتزاز كبير داخل المجلس. وأضاف حمادي أنّه تمّ تقديم عديد المقترحات وأنّ الحكومة عازمة على متابعتها خلال الفترة المقبلة وفي المخططات القادمة بما يُغذّي في المجلس روح التطوير والسعي لتحقيق الإضافة النوعية.