لقد أصبحنا نعيش عالما انقلبت فيه كل الموازين اذ اصبح الحق باطلا والمحتل محررا والجلاد ضحية. ان سياسة التناقضات هذه وسياسة الظلم والحيف والتضليل تحركها دول عظمى خدمة لمصالحها وأغراضها. إن العديد من الأحاديث التي يفاجأ بها العالم اليوم تبعث على الاستغراب والحيرة وإلا كيف يحال الرئيس السابق «شيراك» على العدالة في قضية وظائف وهمية لا تتجاوز الواحد والعشرين وظيفة خلال الفترة الممتدة بين 19831998 يوم كان عمدة لبلدية باريس والحال انه يعدّ رمزا من رموز فرنسا وقد كان ولايزال يتمتع بشعبية عريضة وقد انتخب في العديد من المرات من قبل الشعب الفرنسي. إن السؤال الملح والمحيّر الذي يتبادر الى الذهن، هل حقا ان الديمقراطية التي يتغنى بها الغرب بصرف النظر عن تصرفاته إزاء الآخرين هي التي استوجبت تقديم «شيراك» الى العدالة؟ وهل أراد الذين أحالوه الى القضاء ان يبرزوا ان القضاء فوق الجميع مهما علت مرتبة الأفراد؟ أم أن هناك وراء الأكمة ما وراءها؟ إن بإمكاننا القول بوجود «لوبي أمريكي صهيوني» تعاظم نفوذه في العديد من أقطار العالم ومن بينها فرنسا وربما كان لهذا اللوبي الفضل في اعتلاء «ساركوزي» سدّة الحُكْم في بلده وها هو اليوم مطالب بتنفيذ أجندة من ساعدوه بالأمس. هل يمكن لأمريكا ان تنسى موقف «شيراك» و«دوفلبان» المعارض لاستهداف العراق في مجلس الأمن؟ فهل يمكن لاسرائيل ان تغفر مواقف هذا الرئيس السابق لفرنسا المتعاطفة أحيانا مع العرب والفلسطينيين؟ لذا فها قد جاء الحساب لدفع الثمن ولتكن هذه الحادثة عبرة للعديد من قادة العالم. فهل يندرج تراجع «أوباما» عن موقفه تجاه الاستيطان ضمن هذا السياق؟ أم لأن العرب متشتتون لا تتوفّر لديهم الارادة السياسية ولا يثقون لا بقدراتهم ولا بأنفسهم ولا بشعوبهم وهم غير قادرين على رد الفعل لأن ما أصابهم من بؤس وفشل لا مثيل له تحت الشمس.