عندما وجد النجم الرياضي الساحلي نفسه من دون مدرب لم يطل بحث المسؤولين وسرعان ما وجدوا ضالتهم في ابن الجمعية المدرب خالد بن ساسي ليكون الربان الجديد لسفينة النجم وسط أنواء لا يمكن أن تهدأ إلا بشجاعة التصرف والتعامل مع طبيعة الظرف... وهو ما تحلى به بن ساسي الذي تعجب الجميع من جرأته وشجاعته وخاصة من تفاؤله عندما صرح بأنه قادر على إعادة الفريق الى سكة المراهنة على اللقب. ولم يكن بن ساسي يقول ذلك من فراغ بقدر ما أسس رأيه على معطيات موضوعية يؤمن بها كل مدرب يعرف جيدا بأن ليس في الكرة علم صحيح... وبالعمل والمثابرة بالامكان تجاوز كل الظروف الصعبة والقفز على الاوجاع لبلوغ النجاح... فكانت «العقيدة» التي دخل بها بن ساسي مركب النجم الرياضي الساحلي وانبرى يعمل ويجتهد... متحديا ضيق الوقت وعدم استقرار الرصيد البشري... فراهن وغامر وتفاعل مع لاعبيه ليصل بهم مرحلة الاقتناع بأن لا شيء يغيّر حال النجم وترتيبه وطموحاته غير الميدان الذي يحتاج للاعبين برتبة أناس ليس في أذهانهم غير الفوز... فكانت البداية نصف عثرة لها أسبابها ضد الافريقي بتعادل كان انتصارا لولا إصابة البلبولي وما ترتب عنها من اضطراب مفروض في التغييرات... إضافة الى النقص العددي جراء إقصاء بالراضية... قبل أن يتعاقد الفريق مع الانتصارات المتتالية بشكل يقيم الدليل على وجود أكثر من لمسة إضافية من بن ساسي خاصة في المستوى المعنوي بأن نجح في تغيير حال وأداء عديد اللاعبين ممن كانوا الى وقت ليس بالبعيد غير الذين نراهم اليوم. بصمات بن ساسي بعد نهاية التجربة ورغم صعوبة هضم «إبعاد» مدرب حقق نجاحا لا ينكره أحد وغيّر وضع الفريق وبث روحا أخرى في اللاعبين... فإن ما زاد في رفع أسهم المدرب خالد بن ساسي من حيث احترام الجميع له وتقديرهم لعمله ومواقفه ما صرح به عقب نهاية مشواره في النجم من كلام لا يعكس غير قوة الرباط الذي يشد بن ساسي الى فريقه... فلم ينقد ولم ينتقد ولم يهاجم أحدا ولم يناور... مؤكدا أنه يبقى دوما في خدمة النجم... وهل أعزّ على فريق الساحل من مثل هذه المواقف الاصيلة من أبنائه الذين تربوا على حبّه ولا يعرفون غير الحب للنجم... ولسان حال بن ساسي يقول: «أنهيت مهامي وسآخذ موقعي كمشجع»... حقا إن خالد كسب بهذا التصرف ما لا يمكن تقديره من احترام وتقدير الجميع له... لأنه أثبت أصالة ونبلا لا يمكن أن يأتي إلا ممن هم بمثل تلك الخصال. هناك معادلة تختلف فيها الآراء والقراءات مضمونها هل أن الفريق هو الذي يصنع المدرب أم أن المدرب هو من يصنع الفريق؟ إلا أن الثابت والاكيد أن الفرق الكبرى في جميع أنحاء العالم لديها تقاليد في هذا السياق... وفي تونس هناك عديد النماذج على غرار خالد بن يحيى مع الترجي ويوسف الزواوي مع النادي البنزرتي وخميس العبيدي مع الشبيبة القيروانية وغازي الغرايري مع النادي الصفاقسي... وكثيرة هي الامثلة... ولئن لم يبق خالد بن ساسي ولم يواصل تجربته الموفقة في النجم فإن الفترة الوجيزة التي قضاها على رأس الفريق أكدت أن بن ساسي قد دخل فعلا نادي الكبار رغم صعوبة الظرف الذي جاء فيه... وبذلك فإن النجم قدم مدربا بإمكانه أن يذهب الى بعيد... وهو قادر على المراهنة على الالقاب... مثلما نجح بن ساسي سابقا في تحقيق الصعود مع عديد الفرق وكسب مع أخرى رهان البقاء في الرابطة الاولى وبذلك تتحقق الاستفادة المتبادلة بين النجم الساحلي والمدرب خالد بن ساسي... فالنجم كسب الرهان مع بن ساسي وخرج من أزمة النتائج وأصبح بإمكانه المراهنة على الألقاب... وفي المقابل نجح بن ساسي في إثبات كفاءته وشجاعته وقوة شخصيته كمدرب باستطاعته أن يكون مدرب ألقاب. آخر الكلام الدكتور حامد كمون وصف قرار تغيير خالد بن ساسي بالقرار الصعب... وهو محق لأنه من السهل إنهاء مهام مدرب فشل في مهامه ولكن الاصعب هو التخلي عن مدرب نجح في تغيير وجه الفريق ليكسب معه 10 نقاط في 4 مقابلات فقط وأكثر من النقاط إعادة نكهة الكرة لعديد اللاعبين واكتشاف مواهب صاعدة ستكون فاعلة لا شك في ذلك...