في خشوع كبير تم ظهر أمس الخميس تشييع جثمان أناستازيا شبرينسكي أو «Babou» كما كان يدعوها خلانها الى مقبرة المسيحيين ببنزرت عن عمر ناهز 97 سنة، وكانت تعد آخر شاهدة من الأحياء على مأساة لجوء آلاف من الروس البيض الهاربين من الثورة البولشفية التي اندلعت سنة 1917. وقد حضر هذا الموكب الخاشع بالخصوص السفير الروسي بتونس ونائب عن السفير الفرنسي وعن رئيس بلدية باريس والسيد المنصف بن غربية رئيس بلدية بنزرت شيخ المدينة والسيد الحبيب الوسلاتي معتمد بنزرت الشمالية وعدد هام من عائلة الفقيدة الروس والاطارات الجهويين ببنزرت الذين تتلمذوا على يدي الراحلة اذ كانت استاذة في مادة الرياضيات بمعهد فرحات حشاد بنزرت. تأبين الفقيدة الرمز إلقاء نظرة الوداع الأخيرة على الفقيدة «أناستازيا» كان مناسبة لتأبينها بذكر مناقبها الحميدة لا سيما محبتها للناس ورحابة صدرها ودماثة اخلاقها ونضالها وصبرها وتحديها. وكانت الفقيدة قد أصدرت سنة 2000 بتونس سيرتها الذاتية باللسان الفرنسي تحت عنوان : «La dernière escale» «Le siècle d'une exilée russe à Bizerte» المحطة الأخيرة. قرن من حياة لاجئة روسية الى بنزرت». وقد ضمنت هذه السيرة الذاتية مأساة آلاف من اللاجئين الروس الذي قضوا سنوات جابوا فيها البحار على متن بوارج عسكرية بحثا عن مستقر لهم فكانت مدينة بنزرت بالنسبة اليهم المرفأ الموعود الذي وطأته الفقيدة سنة 1920 وكان عمرها لا يتعدى 8 سنوات. وفي هذه المدينة التي كانت ترزح تحت الاحتلال تلقت الفقيدة تعليمها الى أن تخرجت استاذة في مادة الرياضيات، ودرست مدى حياتها المهنية بمعهد فرحات حشاد ببنزرت حاليا، وكان رئيس بلدية باريس «برتران دي لانووي» الى جانب عدد هام من الاطارات الفرنسيين والتونسيين تلاميذها. وعلى خطى والدها القائد العسكري الروسي وبجواره اختارت «أناستازيا» مدينة بنزرت المرفأ الأخير.