توفيت أمس المعمرة الروسية اناستازيا شيرنسكي (Anastasia Manstein-Chirinsky) في مدينة بنزرت.. عن عمر يناهز الثامنة والتسعين.. قضت أكثر من 90 عاما منها في تونس.. وتحديدا في مدينة بنزرت التي وصلتها مع 6388 لاجئا روسيا كانوا قد فروا من روسيا في أعقاب الثورة البلشفية لعام 1917.. وفر حوالي 150 منهم إلى شمال أفريقيا ومستعمرات فرنسية بدعم من السلطات الفرنسية.. والفقيدة جاءت إلى بلادنا وهي في الثامنة من عمرها.. واستقرت بها مع جالية روسية.. ساهمت لاحقا في بناء عدد من أجمل الكنائس المسيحية الاورتودوكسية في بنزرتوتونس العاصمة.. مثلما لا تزال مدن تونسية عديدة تزخر بالكنائس المسيحية الممثلة لمختلف الطوائف المسيحية.. من الكاثوليك الى البروتستان والاورتودوكس.. فضلا عن الكنائس اليهودية المتعددة الالوان والاشكال.. التي تتعايش منذ 14 قرنا مع الاف المساجد والجوامع ذات الطابع الاندلسي والتركي والعربي والحفصي.. والتي تشهد عراقة قيمة التسامح في تونس. تعايش أهل بنزرت وجمعياتها الثقافية طوال قرن مع السيدة اناستازيا شيرنسكي ومع آلاف اللاجئين الروس.. ومع كنيسة الاورتودوكس المسيحيين.. قبل الاستقلال وبعده مثال رائع للتعايش بين الاديان و الثقافات والحضارات.. ودليل آخر عن التعايش الجميل بين كل سكان هذه البلاد بصرف النظر عن معتقداتهم وجذورهم.. بل لقد كرمت الفقيدة مرارا في تونس.. واعتبرت مع رفاقها القدامى ومع كنائس الاورتودوكس من بين أوراق الدعاية الناجحة للسياحة الثقافية والدينية في تونس.. وهو ما ساعد على اغراء أكثرمن 100 الف روسي بزيارة بلادنا سنويا.. دليل آخر على ضرورة التمسك بورقة التسامح والانفتاح.. في بلدنا الجميل..