يمثّل التراث عنصرا ثقافيا مساهما في التواصل بين الحضارات والثقافات والشعوب ذلك ان ما يربط بين الناس انطلاقا من التاريخ والتراث أكثر مما يفرق بينهم فالمسألة ثقافية وفيها الكثير من الوشائج ولذلك يقبل الناس من مختلف الثقافات والأفكار والجغرافيا على التعرف على تراث الغير لمعرفة جانب من الحياة الإنسانية في خصوصياتها والبحث عن نقاط وألوان الالتقاء.. وقد أقرّت اليونسكو عددا من القوانين والنظم والبرامج لدعم هذا الحوار التراثي وللحفاظ على التراث باعتباره هاما في حياة الناس والشعوب فضلا عن كونه الذاكرة الحيّة الممثلة لثقافات وطرائق عيش وسلوك.. في هذا السياق شاركت الباحثة والشاعرة المربية لطيفة شاكر مؤخرا في فعاليات المؤتمر العربي الاقليمي لمكوّني المدربين للتربية على التراث بعمان عاصمة الأردن الشقيق ضمن مأمورية من قبل وزارة التربية والتكوين. وقد كانت هذه المشاركة التونسية فاعلة وذات خصوصية بالنظر للاهتمام التونسي بمجالات التراث والحفاظ عليه وحضرت تونس الى جانب عدد من البلدان العربية وهي البحرين ومصر والعراق والكويت ولبنان والمغرب وموريتانيا وعمان وفلسطين وقطر والمملكة العربية السعودية والسودان وسوريا واليمن والإمارات العربية المتحدة. الافتتاح كان من قبل السيدة آنا باولينا رئيسة مكتب اليونسكو بعمان ثم كانت كلمة نائب وزير التربية والتعليم العالي الاردني الدكتور وليد المعاني الذي رحّب بالضيوف والمشاركين مبرزا أهمية هذا اللقاء العربي التربوي والثقافي في شأن التراث والحفاظ عليه والعمل على الاهتمام به في مجالات التربية والتكوين. السيدة كرملا كوين رئيسة الجلسة الأولى ومديرة مكتب التراث العالمي لليونسكو بباريس ذكّرت ببرنامج التربية على التراث العالمي وأهدافه وبمحتوى الوثيقة المعدة للغرض والتي تتنزّل تحت عنوان «التراث العالمي بين أيد شابة» ثم قدمت بيانا تأليفيا لبعض الأعمال المنجزة في المدارس المنتسبة لليونسكو بمختلف الأقطار العربية بما فيها تونس. وتواصلت المداخلات حول الاخلاقيات المهنية للمحافظة على التراث والمتحف في متناول التلاميذ وقدمت الوفود المشاركة مختلف تجاربها في هذا الخصوص. وكانت هناك زيارة للمدينة الأثرية والمتحف الأثري بجرش وقد جاءت مشاركة تونس عبر مداخلة للباحثة لطيفة شاكر بعنوان التربية على التراث في إطارها المرجعي تمشيا ونتاجا أبرزت خلالها أمام المشاركين خصائص هذه التجربة التونسية في التعاطي مع التراث وصلته بالفضاء التربوي ضمن المرجعيات والقوانين والبرامج التونسية الى جانب مداخلة الأستاذ أحمد بن عبد الله حول المواقع الأثرية بالبلاد التونسية والتي مثّلت عرضا بانوراميا حول المخزون الأثري لتونس عبر المعالم والمواقع وغيرها من المناطق الأثرية.. وتطرّق المشاركون الى التحديات التي تعترض المدارس في تطبيق حقيبة «التراث العالمي بين أيد شابة» حيث ان هذا النشاط هو خارج المناهج بالنسبة لكل البلدان المشاركة باستثناء تونس كما تم الاستماع الى مداخلة من الدنمارك حول التجربة في هذا الغرض. بقية الأنشطة تمثلت في الورشات المتصلة بمواضيع التراث والهوية والسياحة والبيئة وثقافة السلام في علاقاتها بالتراث وقدمت الأستاذة لطيفة شاكر خطة عمل يمكن اعتمادها في الفصل حول التراث العالمي والهوية.. وقد أوصى المشاركون في اختتام أعمال المؤتمر بإدراج التراث العالمي داخل المناهج واعتماد الوثيقة الجديدة المنقّحة وتوسيع رقعة شبكة المدارس المنتسبة لليونسكو وتم إسناد شهادة مشارك على المساهمين في أعمال هذا اللقاء العربي..