قالت منظمة الصحة العالمية في أحدث تقديراتها، إنّ عدد ضحايا مرض السرطان، سيصل نحو 84 مليون شخص بحلول عام 2015، إذا لم يتم اتخاذ المزيد من الإجراءات للحيلولة دون ذلك. وتأتي تقديرات المنظمة بمناسبة اليوم العالمي للسرطان، الذي يوافق الرابع من فيفري المقبل، والذي أطلقه الاتحاد الدولي لمكافحة السرطان، من أجل الترويج لسبل التخفيف من العبء العالمي الناجم عن المرض، والوقاية منه وتحسين نوعية حياة المصابين به، والتقليل من حجم الخسائر الاقتصادية التي تقدّر بعشرات المليارات من الدولارات الأمريكية! ويبقى التساؤل المحوري الذي يطرح في هذا الإطار لماذا يقتصر التعرض إلى هذه الإشكاليات على المناسبات بالنسبة لمرض خطير وقاتل بدأ زحفه بشكل رهيب منذ سنوات ولا يزال يواصل رحلته في حصد الأرواح، اليوم تلو الآخر؟ لماذا إذن تقتصر الحملات التحسيسية والتوعوية على تواريخ معينة، ولماذا هذا التقصير في اتخاذ الإجراءات العملية الهادفة إلى التقليل من خطورة المرض والمتمثلة أساسا في التوعية بأهمية الكشف المبكّر للمرض في تجنّب مضاعفاته الخطيرة والمتعلقة أيضا بنمط الحياة ونوعية الغذاء التي أثبتت عديد الدراسات العلمية أنها تتدخل في زيادة احتمال الإصابة بالمرض؟ تساؤلات تبقى بدون إجابة ضافية إذا ما قارنا الضجة الإعلامية الكبيرة التي رافقت ظهور انفلونزا الخنازير والسرعة التي تم بها صنع التلاقيح الخاصة بالمرض وحجم الاستنفار الذي أبدته منظمة الصحة العالمية في التصدي لهذا المرض بكل السبل على الرغم من أنه يبقى في النهاية غير خطير على الصحة العامة مقارنة بأمراض أخرى تبقى الأشد فتكا بالبشرية؟ فهل أنّ هذه المنظمة تفتح عينا وتغمض الأخرى؟ وهل اقتصر مجال تدخلها على مرض انفلونزا الخنازير فسخرت ما سخرت من أموال ل«فائدته» دون غيره؟ هل يستحق فعلا هذا المرض كل هذا العناء؟ الأكيد أنه ليس بتلك الخطورة التي تستحق كل هذا الاستنفار أو لم يكن من الأجدى صرف الأموال في مجالات أخرى تعتبر ذات أولوية في مجال الصحة العامة، وتسخيرها من أجل الحد من وطأة أمراض أخرى تعتبر أكثر خطورة وتستحق فعلا مزيدا من العناء والمجهودات الإضافية في محاولة الحد من خطورتها على مجتمعاتنا ومن بينها مرض السرطان؟ ألم يكن من الأجدى أن تحول هذه الأموال إلى البلدان الضعيفة ومرضاهم الذين يعانون جرّاء نقص التجهيزات الطبية والأدوية التي تبقى مكلفة جدا بالنسبة للبلدان النامية؟ كثيرة هي تلك المجالات التي تستحق تلك الأموال، وما من أحد يستطيع اليوم أن يُحصي عدد المرضى عبر العالم ممّن يستحقون إحاطة طبية غير متوفرة لهم خاصة إذا علمنا أن كثيرا من هؤلاء المرضى يصل إليهم الموت قبل أن يحين دورهم على قائمة الانتظار من أجل التكفل بحالاتهم الصحية وخاصة من مرضى السرطان. أيّة مفارقة تلك التي تحكم عمل هذه المنظمة وأشباهها من المنظمات التي ما إن غيّرت توجهها إلى «الربحية» حتى أصبحت «لا إنسانية»!