تونس تحتفل بعيد الشغل العالمي وسط آمال عمالية بإصلاحات تشريعية جذرية    دوري ابطال اوروبا.. التعادل يحسم مباراة مجنونة بين البرسا وانتر    شهر مارس 2025 يُصنف ثاني الأشد حرارة منذ سنة 1950    يظلُّ «عليًّا» وإن لم ينجُ، فقد كان «حنظلة»...    الاتحاد يتلقى دعوة للمفاوضات    تُوّج بالبطولة عدد 37 في تاريخه: الترجي بطل تونس في كرة اليد    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    قضية مقتل منجية المناعي: إيداع ابن المحامية وطليقها والطرف الثالث السجن    رحل رائد المسرح التجريبي: وداعا أنور الشعافي    القيروان: مهرجان ربيع الفنون الدولي.. ندوة صحفية لتسليط الضوء على برنامج الدورة 27    الحرائق تزحف بسرعة على الكيان المحتل و تقترب من تل أبيب    منير بن صالحة حول جريمة قتل المحامية بمنوبة: الملف كبير ومعقد والمطلوب من عائلة الضحية يرزنو ويتجنبو التصريحات الجزافية    الليلة: سحب مع أمطار متفرقة والحرارة تتراوح بين 15 و28 درجة    عاجل/ الإفراج عن 714 سجينا    عاجل/ جريمة قتل المحامية منجية المناعي: تفاصيل جديدة وصادمة تُكشف لأول مرة    ترامب: نأمل أن نتوصل إلى اتفاق مع الصين    عاجل/ حرائق القدس: الاحتلال يعلن حالة الطوارئ    الدورة 39 من معرض الكتاب: تدعيم النقل في اتجاه قصر المعارض بالكرم    قريبا.. إطلاق البوابة الموحدة للخدمات الإدارية    وزير الإقتصاد يكشف عن عراقيل تُعيق الإستثمار في تونس.. #خبر_عاجل    المنستير: إجماع خلال ورشة تكوينية على أهمية دور الذكاء الاصطناعي في تطوير قطاع الصناعات التقليدية وديمومته    عاجل-الهند : حريق هائل في فندق يودي بحياة 14 شخصا    الكاف... اليوم افتتاح فعاليات الدورة العاشرة لمهرجان سيكا جاز    السبت القادم بقصر المعارض بالكرم: ندوة حوارية حول دور وكالة تونس إفريقيا للأنباء في نشر ثقافة الكتاب    عاجل/ سوريا: اشتباكات داخلية وغارات اسرائيلية وموجة نزوح..    وفاة فنانة سورية رغم انتصارها على مرض السرطان    بمناسبة عيد الإضحى: وصول شحنة أغنام من رومانيا إلى الجزائر    أبرز مباريات اليوم الإربعاء.    عملية تحيّل كبيرة في منوبة: سلب 500 ألف دينار عبر السحر والشعوذة    تفاديا لتسجيل حالات ضياع: وزير الشؤون الدينية يُطمئن الحجيج.. #خبر_عاجل    الجلسة العامة للشركة التونسية للبنك: المسيّرون يقترحون عدم توزيع حقوق المساهمين    قابس: انتعاشة ملحوظة للقطاع السياحي واستثمارات جديدة في القطاع    نقابة الفنانين تكرّم لطيفة العرفاوي تقديرًا لمسيرتها الفنية    زيارات وهمية وتعليمات زائفة: إيقاف شخص انتحل صفة مدير ديوان رئاسة الحكومة    إيكونوميست": زيلينسكي توسل إلى ترامب أن لا ينسحب من عملية التسوية الأوكرانية    رئيس الوزراء الباكستاني يحذر الهند ويحث الأمم المتحدة على التدخل    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    ابراهيم النّفزاوي: 'الإستقرار الحالي في قطاع الدواجن تام لكنّه مبطّن'    القيّمون والقيّمون العامّون يحتجون لهذه الأسباب    بطولة إفريقيا للمصارعة – تونس تحصد 9 ميداليات في اليوم الأول منها ذهبيتان    تامر حسني يكشف الوجه الآخر ل ''التيك توك''    معرض تكريمي للرسام والنحات، جابر المحجوب، بدار الفنون بالبلفيدير    أمطار بكميات ضعيفة اليوم بهذه المناطق..    علم النفس: خلال المآزق.. 5 ردود فعل أساسية للسيطرة على زمام الأمور    بشراكة بين تونس و جمهورية كوريا: تدشين وحدة متخصصة للأطفال المصابين بالثلاسيميا في صفاقس    اغتال ضابطا بالحرس الثوري.. إيران تعدم جاسوسا كبيرا للموساد الإسرائيلي    نهائي البطولة الوطنية بين النجم و الترجي : التوقيت    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    في جلسة ماراتونية دامت أكثر من 15 ساعة... هذا ما تقرر في ملف التسفير    ديوكوفيتش ينسحب من بطولة إيطاليا المفتوحة للتنس    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    شحنة الدواء العراقي لعلاج السرطان تواصل إثارة الجدل في ليبيا    الميكروبات في ''ديارنا''... أماكن غير متوقعة وخطر غير مرئي    غرة ذي القعدة تُطلق العد التنازلي لعيد الأضحى: 39 يومًا فقط    تونس والدنمارك تبحثان سبل تعزيز التعاون في الصحة والصناعات الدوائية    اليوم يبدأ: تعرف على فضائل شهر ذي القعدة لعام 1446ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبد المجيد بن مراد ل «الشروق»: بلخوجة تحامل على الترجي.. وبورقيبة أنصفنا
نشر في الشروق يوم 02 - 01 - 2010

«إنّي أحبّ الترجي حبّا ليس يبلغه فهم ولا ينتهي وصف إلى صفته» ذلك ما ردّده عبد المجيد بن مراد منذ أن كان طفلا غريرا ضئيل الجسم يداعب الكرة في «باب الخضراء» ولا يملك من متاع الدنيا سوى حذاء بال اقتناه بثمن بخس من سوق «سيدي بوحديد» قبل أن يلتحق بشبان الترجي عام 1962.
لم يكن لاعبا صاعدا عاديا، فسرعان ما تفطّن المدرب «بازمندي» إلى مواهبه الفذّة في أكثر من مركز فزجّ به ضدّ عمالقة الافريقي في سنّ 17 عاما ولكنه اجتاز الاختبار ببراعة قوامها السرعة الفائقة والمراوغات المذهلة.
يوم 13 جوان 1971 خاض بن مراد مع فريقه نهائي الكأس ضدّ زملاء رؤوف النجّار وانحنى الترجي بطريقة دراماتيكية منذ الدقيقة الأولى بعد الهدف الذي سجله عبد الوهاب الطرابلسي ويومها وعد بن مراد جماهير الترجي ب«شيء» ضدّ نفس المنافس.
يوم 7 فيفري 1972، أنجز بن مراد ما وعد به عشّاق الترجي عندما سجل هدفا في شباك النادي الصفاقسي بقي راسخا في ذهن كلّ من شاهده على طول الحياة إلى الممات: فقد اخترق دفاع الأبيض والأسود بأكمله وراوغ الحارس قبل أن يركب رأسه إلى حيث شاء فأوقف الكرة على الخطّ النهائي للمرمى ثم لم يجد بدّا من دعوة لاعبي المنافس في إشارات ساخرة منتشية.. ثم أسكن الكرة في الشباك معتمدا على كعب قدمه!!!
وأطلق العنان إلى فرحة عارمة وأنشد قائلا: «هذا مصير كل من يتطاول على الترجي».
هكذا صال وجال بن مراد وامتطى صهوة البطولات ومنصّات التتويج في أربع مناسبات: ثلاث بطولات مواسم 1969 1970 و1974 1975 و1975 1976 والكأس يوم 24 جوان 1979.
ولأن لكلّ شيء إذا ما تمّ نقصان فقد حالت الأقدار دون مشاركته في ملحمة الأرجنتين 1978.
«الشروق» التقت عبد المجيد بن مراد فكان الحوار التالي:
«سي» عبد المجيد ماذا لو نستعيد معك عهد الماضي المجيد؟
(تنّهد طويلا) ألا ليت الشباب يعود يوما فأخبره بما فعل المشيب.. فقد ولدت يوم 25 فيفري 1949 وترعرعت في عائلة ترجية في الصميم وسرعان ما ظهرت موهبتي إلى الوجود في أزقّة «باب الخضراء» فالتحقت بأشبال الترجي عام 1962.
هل تذكر أول مقابلة لك مع فريق الأكابر؟
أنسى! ذلك ما لا يمكن أن أنساه فقد كانت مقابلتي الأولى ضدّ النادي الافريقي خلال موسم 1966 1967 عندما أقحمني المدرب بازمندي في التشكيلة الأساسية للفريق وسط معارضة عارمة من قبل رئيس الفريق محمد بن إسماعيل بحكم أن جسمي كان ضئيلا ولكن عزيمتي كانت من حديد في مواجهة العمالقة: عتوقة والشايبي وبوعجيلة.
لا بدّ أن المنحة كانت على قدر ذلك العطاء الغزير؟
(يبتسم طويلا) بعد المقابلة جاء أحد المسؤولين في الفريق وناولني ظرفا مغلقا فتناولته ثم فضضت غلافه فإذا هي ورقة من فئة دينار واحد!! ومع ذلك فإنني كنت سعيدا لأن المال كان آخر همّي..
ولكن ألم تعترضك صعوبات في الفريق الأول خاصة وأنك لم تتجاوز 17 عاما آنذاك؟
إنها حجّة واهية تلك التي يتداولها بعضهم عن صغر سن اللاعب وافتقاده للخبرة وما شابه ذلك.. فالطاهر الشايبي لعب في صفوف المنتخب الوطني ولم يتجاوز سنّه آنذاك 17 عاما أيضا، و«الجوهرة السوداء» (بيلي) شارك في نهائي كأس العالم مع بلاده بالرغم من أنه لم يبلغ 18 عاما (يقصد نهائي 1958).
هذا يعني أنه لا خوف على يوسف المساكني (18 عاما أيضا)؟
بكلّ تأكيد.. إنني أعتبره شخصيا أفضل لاعب تونسي صاعد على الإطلاق.. فهذا الفتى يملك موهبة فطرية استثنائية تفوق بكثير تلك التي يتمتع بها زميله في الفريق أسامة الدراجي خاصة (Balle au pied) ثم إنه لا يخشى المنافس بل إنه يستفزه (Provocateur) لذلك أراهن عليه شخصيا كموهبة كروية استثنائية صاعدة في الكرة التونسية وإنني أجزم بأن يوسف لم يشابه والده منذر بل إنه تفوّق عليه.
لكن عند التحاقك بأكابر الترجي عام 1966 لا بدّ أنك وجدت عدة أسماء ساعدتك في البروز؟
بكل تأكيد، أذكر أن موسم 1966 1967 كان الترجي يضم في صفوفه عدة أسماء لامعة ومتألقة وفي مقدمة هؤلاء الشاذلي العويني ذلك المهاجم الذي كان يهابه حراس المرمى بمن في ذلك العملاق عتوقة.
ولكن بالرغم من تواجد العويني ونورالدين ديوة فإن فريقكم انحنى أمام الافريقي في نهائي الكأس يوم 13 جويلية 1969؟
لا بدّ في البداية من التأكيد على أن نورالدين ديوة هو أفضل لاعب شهدته كرة القدم التونسية منذ ظهورها إلى الوجود مطلع القرن الواحد والعشرين.. أما الهزيمة في النهائي ضد النادي الافريقي فكانت متوقعة بحكم أن الافريقي كان في أوج قوته ويضم في صفوفه آنذاك عتوقة والشايبي والجديدي ورتيمة وحمزة وبوعجيلة.. بقيادة المدرب الاسباني المجري أندري ناجي..
يبدو أنه رافقك سوء الطالع كلّما تعلق الأمر بهذا المدرب؟
نعم، فهو من تسبّب في خروجي من الفريق الوطني أيضا في منتصف السبعينات نتيجة الغلطة في المعاملة والمنهج الذي يتبعه في التدريب حيث يجد اللاعب نفسه في أكثر الأحيان مجبرا على التدرب بدون كرة! وهو ما جعلني أواجه تلك الطريقة بالازدراء مما عجّل بمغادرتي الفريق الوطني.
بما أنك تحدثت عن فترة السبعينات بماذا يذكرك يوم 13 جوان 1971؟
إنه يوم أشهر من أن نذكّر به، فقد واجهنا النادي الصفاقسي في نهائي الكأس وكنّا الأفضل على جميع المستويات في الوقت الذي باغتنا فيه عبد الوهاب الطرابلسي بهدف مبكر وقد افتقدنا في ذلك النهائي إلى خدمات الهمامي وعبد القادر بحكم العقوبة المسلطة عليهما وكان من المفترض أن يجرى النهائي بعد انتهاء مقابلات البطولة ولكن حدث العكس.. وقد استبسل في ذلك النهائي المدافع المحوري رؤوف النجار بشكل لافت للانتباه وواصل اللقاء معصوب الرأس بعد تصادم عفوي مع أحد لاعبي الترجي.. وإنني أحمّل شخصيا المسؤولية كاملة للسلطة التي تعمّدت تقديم موعد نهائي الكأس.
لو توضح كلامك أكثر؟
إنه الطاهر بلخوجة الذي تحامل على فريق الترجي.. ولا أعلم بالتحديد من كان معه!
ولكن 42 يوما فحسب كانت كافية لإبطال قرار حلّ الترجي بعد الأحداث التي رافقت ذلك النهائي الشهير؟
نعم، والفضل في ذلك إلى الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة الذي أعاد المياه إلى مجاريها بعد عودته من سويسرا حيث كان يتلقى العلاج.
لكن البعض يصرّ على أنه كان منحازا للترجي خاصة وأنه سبق له أن شغل خطة نائب الرئيس في صلب الترجي؟
أبدا.. إنه كان رئيس الجمهورية التونسية بأسرها من بنزرت إلى بن قردان لذلك ليس بإمكانه أن يعشق فريقا دون سواه فهو أكبر من هذ الانتماءات الضيقة.. وكل ما في الأمر أنه أنصف الترجي بحكم الظلم الذي لحقه على يد فئة صغيرة من المسؤولين البارزين ومن يدّعي عكس هذا فهو يتوهّم.
ولكن ماذا كان شعورك إزاء هذه الحادثة؟
الجميع يدرك أن بن مراد لا تفارقه الابتسامة.. ولكن خلال تلك الفترة توعّدت بردّ الاعتبار للأحمر والأصفر في القريب العاجل ذلك أن نهائي 1971 خلّف في نفسي جرحا بليغا استسلمت من خلاله إلى البكاء والنحيب..
يبدو أن ذلك النحيب سرعان ما تحوّل إلى فرحة عارمة يوم 7 فيفري 1972؟
لنكون أكثر دقّة إنه يوم الأحد 7 فيفري 1972.. فهو يوم ليس ككل الأيام.. إنه اليوم الموعود قد سجلت هدفا في شباك النادي الصفاقسي قد يكون الأجمل في تاريخ كرة القدم التونسية وذلك لغضبة غضبتها للأحمر والأصفر وردّا للاعتبار ولكل ما حدث في نهائي 1971..
ماذا فعلت تحديدا؟
راوغت المليتي وقراجة والطرابلسي والحجري وأوقفت الكرة على الخط النهائي ونظرت إلى الحكم وعمّ صمت رهيب في ملعب المنزه وقمت باستفزاز لاعبي النادي الصفاقسي ثم سجلت الهدف بالكعب فشعرت بفرحة عارمة بعد أن نلت مبتغاي وهتفت جماهير الترجي مردّدة: «لا إله إلاّ اللّه، سيدي بن عيسى يا بابا والعمال على اللّه جاي من الوادي والماشي للوادي على مجدة بن مراد والعمال على اللّه».
هل تريد أن تقنعنا بأن هذا الهدف أجمل من هدف يوم 18 جانفي 1988 في شباك بادو زاكي؟
طارق أكثر من شقيق وقد لعبنا جنبا إلى جنب ولا أنكر أنه خطف الأضواء بمجرد التحاقه بفريق الترجي مما اضطرني إلى التنازل عن مركزي كصانع ألعاب لفائدته لأنني أؤمن بسنّة التداول.. ولكنني أقول لطارق: عفوا إنّ هدفي أجمل بكثير..
ولكن «الأمير» لم يتعرض إلى العقوبة بسبب هدفه مثلما حدث مع الهدف الذي سجلته أنت؟
(يبتسم طويلا) قد أكون أنا الوحيد الذي تمت معاقبته نتيجة هدف رائع سجله! وحتى الانقليز الذين وضعوا أصول كرة القدم لم يقدموا على معاقبة نجم مانشستر يونايتد جورج باست عندما سجل هدفا مماثلا!! ولكن الجامعة التونسية وربما محافظة على الأجواء داخل الفريق الوطني قررت توجيه توبيخ لشخصي ولكن تلك العقوبة لم تفسد عليّ فرحي كما أنها لم تنقص شيئا من جمالية الهدف الذي سجلته.
ذكرت جورج باست، هذا يعني أنك تعترف بأن هدفه يضاهي هدفك روعة؟
بكل تأكيد إنه الهدف الوحيد الذي يمكن مقارنته بالهدف الذي سجلته عام 1972.
لا أعلم لماذا استحضرت لتوّي صورة هدف قودوين أترام ضدّ الترجي؟
هدف قودوين ممتاز ولكن من الاجحاف أن نصنّفه ضمن الهدف الذي سجله جورج باست أو الهدف الذي سجلته أنا أيضا ضد النادي الصفاقسي.
وماذا عن بقية الأهداف التي سجلتها؟
بالفعل فقد تمكنت من تسجيل عدة أهداف رائعة وخاصة ذلك الهدف الذي سجلته في شباك العملاق عتوقة من مسافة بعيدة ارتطمت الكرة بالعارضة ثم ولجت الشباك أمام ذهول عتوقة!
وما حكاية الهدف الذي سجلته من المطار؟!
إنها حكاية أغرب من الخيال! فقد كنت في صفوف المنتخب في الوقت الذي يجري فيه الترجي مقابلة صعبة ضد نادي الجريصة بالمنزه.. وبمجرد أن وطأت أقدامنا المطار الدولي بقرطاج رفقة المدرب الوطني عامر حيزم: وجدت المرحوم (علي ورق) ومعه القميص والتبان والحذاء.. فأدركت عندها أن الترجي يواجه صعوبة في الفوز على الجريصة وبمجرد أن وصلت إلى الملعب أقحمني المدرب عبد الرحمان بن عزالدين ضمن التشكيلة الأساسية وقد مضى من الوقت أكثر من نصف ساعة.. فتغلبت على ارهاق الرحلة الجوية مع المنتخب الوطني والتي دامت حوالي ثلاث ساعات ووفقني اللّه عزّ وجل فسجلت هدف الفوز لفريقي.. فكان من الأهداف التي أفاخر بها في مسيرتي الرياضية.. ولكن هدفي ضد النادي الصفاقسي والشبيه بهدف جورج باست يبقى هدفي المفضّل.
بما أنّك ذكرت جورج باست فقد عُرف بصولاته وجولاته في عالم المجون، فماذا عنك؟
أبدا، فأنا نشأت في صلب عائلة محافظة ثم إنني تقمصت أزياء فريق لطالما كان مدرسة أخلاقية وتربوية قبل كلّ شيء.. ثم إنه ومنذ بلوغي سنّ 23 عاما دقّ ناقوس قلبي فتزوجت على الفور ودون تردّد وهو دليل آخر على انضباطي التام.
يقال إن الزوج سبعة أيام أمير، وسبعة أيام وزير وبقية العمر أسير، فماذا عنك؟
(يبتسم طويلا) أنا خلقت حرّا كطيف النّسيم.. إن كنت يوما أسيرا فإنما أنا أسير الأحمر والأصفر.
ولكنك أيضا أسير صداقة متينة مع الرئيس الحالي للترجي حمدي المدب، أليس كذلك؟
طبعا، فأنا أعرف الرجل منذ أن كان شابا يافعا ينشط في صفوف الأواسط وكنّا نقطن الحيّ نفسه وكان يتمتّع بإمكانات طيبة على مستوى الهجوم.
هذا يعني أنه قادر على تقييم مردود النيجيري مايكل انراموا؟
مايكل ليس في حاجة إلى تقييم فقد أخذ الكثير من الترجي وننتظر أن يرد الجميل.. وشخصيا لم يقنعني مردوده فهو أشبه بالمصارع!!! وحتى لو قارنته بالمهاجم السّابق عمر ماضي فإن هذا الأخير يبقى أفضل منه بكثير!!
بالرغم من هذه الصداقة التي تجمعك برئيس الترجي فإننا لم نشاهدك في صلب الترجي إلى حدّ اللحظة؟
إلى جانب الصداقة المتينة التي تجمعني برئيس الترجي فإنني أمتلك الدرجة الثالثة في التدريب ولكنني فضّلت العناية بشؤوني الخاصة والتفرغ التام لعائلتي بدل صخب التدريب وأريد المحافظة على ذلك البريق الذي غلّف صورتي عند أحباء الترجي والشارع الرياضي منذ أن كنت لاعبا، لا أريد أن أزيل تلك الأفراح التي رسمتها باقتدار ذات يوم أثناء ملامستي الكرة.
وربما خوفا من الناس أن يقولوا: «فضل فلان على فلان»؟
الجميع يدرك أن بن مراد صان نفسه عن الهوان ويريد أن يحافظ على المنزلة التي يحظى بها في قلب كل عشاق كرة القدم وحتى لا يحدث لي ما حدث لمارادونا.. وغيره.
بداية من 15 جانفي 1919 إلى حدّ اللحظة أين يمكنك أن تصنّف الرئيس الحالي للترجي؟
(دون تردّد) المرحوم الشاذلي زويتن أوّلا ثم البقية، فهو يرمز إلى المثالية.. إنه رمز من رموز الترجي وهو من أعطى اللونين الأحمر والأصفر للفريق أما المدب فتقمصهما كلاعب ولكن ذلك لا ينقص شيئا من الخدمات الجليلة التي قدمها بقية رؤساء الترجي على غرار سليم شيبوب ومحمد بن اسماعيل.. وغيرهما وكلهم أفادوا الترجي ولكنهم أيضا استفادوا..
هل تعلم أن بن اسماعيل أقدم ذات مرّة على معاقبة السيد سليم شيبوب عندما كان لاعبا؟
لست أدرى بالأمر منك.. ولكن ذلك حال كل من يتقمص أزياء الترجي فهو مدرسة أخلاقية قبل كل شيء.
يبدو أنك تحتفظ أيضا بذكرى مماثلة؟
نعم، فقد تسبّب المرحوم حسان بلخوجة من حرماني من المشاركة في كأس العالم 1978 بالأرجنتين من حيث لا يعلم وذلك بعد خلاف مالي بيني وبين أحد المسؤولين ويدعى عبد الرحمان الهيلة مما اضطرني إلى الاحتجاب لمدة موسم كامل في وقت كان فيه منتخبنا بصدد اجراء التحضيرات.
ولكن ما أعرفه أن عبد الرحمان الهيلة من الغيورين على الترجي أليس هو القائل:
أحلى وأغلى شعار يحبّ / شعار الترجي دم وذهب
نعم، ولكن الخلاف المالي لا علاقة له بنشاطي في صلب الفريق وإنما خلاف كان خارج أسوار الحديقة «ب» ومع ذلك فإنني لم أحمل الحقد القديم تجاه من ظلمني. ولم أندم على عدم المشاركة في ملحمة الأرجنتين.
ولكنك ندمت على عدم المشاركة في مقابلة المنتخب الوطني ضدّ المنتخب البرازيلي يوم 6 جوان 1973؟
نعم، ندمت فكلّ لاعب يتمنى مواجهة النجوم البرازيلية آنذاك على غرار باولو سيزار وريفيلينو وزي ماريا وفالدوميرو.. ولكن الإصابة التي تعرضت لها على مستوى الفخذ حرمتني شرف المشاركة في تلك المقابلة ضدّ منتخب «الصّامبا».
خلال فترة السبعينات وصلت تقارير إبداعاتك إلى مكتب رئيس موناكو ولكن يبدو أن صفقة انتقالك اصطدمت بعائق معيّن؟
نعم، فقد انتقلت إلى موناكو حيث كان اللاعب بلغيث ينشط في صفوفه وشاركت في تحضيرات الفريق وشاركت في مقابلة ودية ضد أف سي كولن الألماني وسجلت هدفا.. ولكن لا القانون ولا رئيس الترجي كان يخوّل لي «الاحتراف» في صفوف موناكو فعدت أدراجي على مضض وواصلت مسيرتي بصمت في الترجي الرياضي التونسي إلى حدود 1979 عندما احترفت في صفوف فريق الأنصار السعودي لمدة موسمين وكان ذلك الانتقال بمثابة الصفقة التي أنصفتني ولو نسبيا من خلال تأمين القليل من المال.
ماذا كان شعورك عندما وطأت قدماك البقاع المقدّسة؟
(يصمت قليلا) أدركت أن دين الإسلام أفضل أديان البرية على الإطلاق.. إنني فخور بالانتماء إلى أمة الإسلام.
والعكس، ماذا كان شعورك عند عودتك إلى الترجي؟
شعرت بما تشعر به فراخ الطيور عند عودتها إلى أحضان أمهاتها.. فقد عقد العشق بيني وبين الأحمر والأصفر عقدا لا يحلّه إلاّ ربّ المنون.
ذكرت المنون، لا بدّ أنك تألمت كثيرا لفقدك والدك عام 1989؟
(زفرة طويلة) نعم، ولكن ماذا عساي أقول.. صبرا للذي فعل الزمان فهو من شجعني على الانضمام إلى الترجي وهو من علمني مكارم الأخلاق الحميدة.
يشهد لك جميع رفاقك بالتواضع؟
إنما الأمم الأخلاق.. فما قد يخفى عن الجيل الجديد أن جماهير الترجي كانت تعشقني عشقا جنونيا وهو ما جعل فئة من الميسورين آنذاك يأتون إلى منزلي زرافات ووحدانا بسيارات فاخرة ويعرضون عليّ امتطاء احدى تلك السيارات للذهاب بها إلى الحصص التدريبية ولكنني كنت أرفض ذلك.. وكنت أمتطي عربة متواضعة لصديق لي يعمل في البلدية!!!
لكلّ امرئ ما تعوّد وعادة بن مراد أن يكون «المهرّج» رقم (1) على الإطلاق أليس كذلك؟
ولا زلت إلى حدّ اللحظة «المهرّج» رقم (1)!! أذكر ذلك اليوم الذي تحصلت فيه على انذار فطلب مني الحكم أن أناوله رقم القميص فرفعت ساقي وناولته رقم الحذاء!!! وغيرها من النوادر على غرار ما قمت به تجاه عبد القادر عندما جعلته يعود إلى باب الخضراء بعد انتهاء التمارين وهو شبه عار!! فاقدا صوابه بعد أن لذت بالفرار محمّلا بكامل أدباشه!
يشاع أنك لم تهدر أية ضربة جزاء طوال مسيرتك الرياضية؟
نعم، وأنا فخور بذلك وقد عوّضني في فترة لاحقة طارق ثم صديقي الوفي: نبيل معلول.
الحوار معك شيق وممتع وقد لا ينتهي أبدا، ولكن ألا يراودك حلم تريد تحقيقه ونختم به الحوار؟
يُقال «يا كبدي، يا كبد كبدي» فبعد أن فضّل ابني ووحيدي مهدي أن يكون قائد طائرة بعد أن كان لاعبا لا يشقّ له غبار في صفوف الترجي فإنني أحلم بأن يخلفني ابن وحيدتي مريم على عرش كرة القدم ويدعى هذا الفتى هادي شبيل.. وعسى أن يجعل بقية أحفادي أيضا: ياسمين وآمنة وميّة من الذرية الصالحة.. وأمنية أخيرة وهي أن أشاهد الترجي في كأس العالم للأندية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.