مكثر: وفاة شاب واصابة 5 أشخاص في حادث مرور    مجلس عمداء المحامين يصدر بيان هام..#خبر_عاجل    وزير السياحة يؤكد لمستثمرين كويتيين الاستعداد لتقديم الإحاطة اللازمة لتطوير استثماراتهم في تونس    كأس العالم لأقل من 17 سنة : الفيفا يحدد عدد مقاعد الاتحادات القارية    علي معلول: لاعبو الأهلي يمتلكون الخبرة الكافية من أجل العودة بنتيجة إيجابية    في اليوم العالمي للأسرة: إسناد 462 مورد رزق لأسر ذات وضعيّات خاصة ب 15 ولاية    الشركة التونسية للبنك تتماسك وترفع الودائع الى 10.3 مليار دينار    وفاة عسكريين في حادث سقوط طائرة عسكرية في موريتانيا..#خبر_عاجل    احتجاجا على عدم انتدابهم... عدد من عمال الحضائر يدخلون في اعتصام مفتوح    بطاقة ايداع بالسجن في حق الزغيدي وبسيس    بطولة كرة اليد: النادي الإفريقي والترجي الرياضي لتأكيد أسبقية الذهاب وبلوغ النهائي    لاعب الأهلي المصري :''هموت نفسي أمام الترجي لتحقيق أول لقب أفريقي ''    على هامش الدورة 14 لصالون للفلاحة والصناعات الغذائية صفاقس تختار أفضل خباز    منوبة: تفكيك وفاق إجرامي للتحيّل والابتزاز وانتحال صفة    بنزرت: توفير الظروف الملائمة لتامين نجاح موسم الحج    القلعة الخصبة: انطلاق فعاليات الدورة 25 لشهر التراث    الدورة ال3 لمهرجان جربة تونس للسينما العربية من 20 إلى 25 جوان 2024    وزير الفلاحة: قطع المياه ضرورة قصوى    الكاف: عدد الأضاحي لهذه السنة لا يتجاوز 56 ألف رأس غنم    وزارة الصناعة: إحداث لجنة لجرد وتقييم العقارات تحت تصرّف شركة ال'' ستاغ ''    في هذه المنطقة: كلغ لحم ''العلّوش'' ب30 دينار    أكثر من 3 آلاف رخصة لترويج الأدوية الجنيسة في تونس    علاجات من الأمراض ...إليك ما يفعله حليب البقر    من بينهم طفلان: قوات الاحتلال الصهيوني تعتقل 20 فلسطينيا من الضفة الغربية..#خبر_عاجل    وزارة المالية تكشف عن قائمة الحلويات الشعبية المستثناة من دفع اتاوة الدعم    مكتب مدنين : غدا استكمال الحصص التوعوية للحجيج    بورصة تونس .. مؤشر «توننداكس» يبدأ الأسبوع على انخفاض طفيف    بنزرت: إيداع 7 اشخاص بالسجن في قضية سرقة وتخريب بمصنع الفولاذ    صورة/ أثار ضجة كبيرة: "زوكربيرغ" يرتدي قميصًا كُتب عليه "يجب تدمير قرطاج"..    الأكثر سخونة منذ 2000 عام.. صيف 2023 سجل رقماً قياسياً    ما حقيقة سرقة سيارة من مستشفى القصرين داخلها جثة..؟    عاجل - مطار قرطاج : العثور على سلاح ناري لدى مسافر    27 ألف متفرج لنهائي الأبطال بين الترجي و الأهلي    أنشيلوتي يتوقع أن يقدم ريال مدريد أفضل مستوياته في نهائي رابطة أبطال أوروبا    غوارديولا يحذر من أن المهمة لم تنته بعد مع اقتراب فريقه من حصد لقب البطولة    اخر مستجدات قضية سنية الدهماني    ضجة في الجزائر: العثور على شاب في مستودع جاره بعد اختفائه عام 1996    الأهلي يصل اليوم الى تونس .. «ويكلو» في التدريبات.. حظر اعلامي وكولر يحفّز اللاعبين    ارتفاع عدد قتلى جنود الإحتلال إلى 621    الرائد الرسمي: صدور تنقيح القانون المتعلق بمراكز الاصطياف وترفيه الأطفال    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    صفاقس: ينهي حياة ابن أخيه بطعنات غائرة    أول أميركية تقاضي أسترازينيكا: لقاحها جعلني معاقة    الرئيس الايراني.. دماء أطفال غزة ستغير النظام العالمي الراهن    "حماس" ترد على تصريحات نتنياهو حول "الاستسلام وإلقاء السلاح"    البرمجة الفنية للدورة 58 من مهرجان قرطاج الدولي محور جلسة عمل    للسنة الثانية على التوالي..إدراج جامعة قابس ضمن تصنيف "تايمز" للجامعات الشابة في العالم    تونس تصنع أكثر من 3 آلاف دواء جنيس و46 دواء من البدائل الحيوية    بن عروس: جلسة عمل بالولاية لمعالجة التداعيات الناتجة عن توقف أشغال إحداث المركب الثقافي برادس    الكاف: حريق اندلع بمعمل الطماطم ماالقصة ؟    قابس : اختتام الدورة الثانية لمهرجان ريم الحمروني    نابل..تردي الوضعية البيئية بالبرج الأثري بقليبية ودعوات إلى تدخل السلط لتنظيفه وحمايته من الاعتداءات المتكرّرة    نور شيبة يهاجم برنامج عبد الرزاق الشابي: ''برنامج فاشل لن أحضر كضيف''    مفتي الجمهورية... «الأضحية هي شعيرة يجب احترامها، لكنّها مرتبطة بشرط الاستطاعة»    أولا وأخيرا: نطق بلسان الحذاء    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حاتم الطرابلسي ل «الشروق»: لست مغرورا، وثرائي «الفاحش» مسألة شخصية
نشر في الشروق يوم 05 - 01 - 2010

في صمت ودون ضجيج قالها وذهب، ترك حاتم الطرابلسي عالم كرة القدم في الوقت الذي كان فيه قادرا على العطاء وهو لاعب بلغت شهرته سقف العالمية وكان خير سفير للكرة التونسية والإفريقية بعدما انضاف إلى قائمة ضمّت نزرا قليلا من الذين نجحوا في الاحتراف في القارة العجوز، لقب بالغزال الأسمر وأسال لعاب أكبر الأندية العالمية لأنه ببساطة كان في وقت من الأوقات أبرز ظهير أيمن في العالم.
في 25 جانفي 1977 ولد حاتم الطرابلسي كطفل عادي في قرية «العوايات» بصفاقس، وتدرّج في مختلف أصناف «السي آس آس» قبل أن يكتشفه الفريق الهولندي أجاكس أمستردام مجددا ليضمه إليه منذ 2001 إلى 2006 في صفقة وصفت بالخيالية ثم انتقل حرّا إلى مانشستر سيتي وقضى معه موسما من 2006 إلى 2007 وبقي عاطلا منذ ذلك التاريخ، توّج بكأس الاتحاد الإفريقي مع النادي الصفاقسي في 1998 والكأس العربية للأبطال سنة 2000 والثنائي مع أجاكس في مناسبتين 2001 و2003، لعب 40 مقابلة دولية مع المنتخب الوطني وشارك في ثلاثة كؤوس عالمية 1998 و2002 و2006 وثلاثة كؤوس إفريقية 2002 و2004 و2006.
اليوم نعود إلى هذا الاسم للحديث عن سبب غيابه عن المشهد الرياضي والظروف التي جعلته يقاطع كرة القدم وعن المنتخب حيث نحتاج إلى شهادة «معلّم» وسط عتمة أشباه اللاعبين...
أين حاتم الطرابلسي الآن ولماذا أنت غائب عن المشهد الرياضي التونسي؟
ابتعادي عن كرة القدم هو قضاء وقدر، وأنا أؤمن به، انتهت علاقتي بكرة القدم، أما بالنسبة لغيابي عن المشهد الرياضي، فهو اختيار مني، لا أحب الظهور الإعلامي كثيرا ولا أريد تقلد المسؤوليات في أي ميدان رياضي، أما عن التدريب فقد أحصل على شهائد لثقافتي الشخصية ولا أفكر يوما في التدريب.
نفهم من هذا أن اعتزالك كرة القدم كان اختياريا؟
نعم، هو قرار اختياري فقد كنت قادرا على العطاء عند انتهاء عقدي مع مانشستر سيتي في سنة 2007 وأنا في سن الثلاثين، وأتيحت لي فرصة مواصلة اللعب بوجود عروض من مرسيليا وباريس سان جيرمان والهلال السعودي لكنني لم أختر أي فريق بسبب غياب العرض المناسب، عموما أنا راض على مسيرتي الكروية والاحترافية وقد بلغت العالمية وحاولت تشريف الكرة التونسية وأظنني نجحت في ذلك.
وصلك عرض مغر من الهلال السعودي، ولكنّك رفضته ألم تندم الآن، بعد أن بقيت «عاطلا»؟
لم أندم على ذلك وأنا لا أندم على شيء في حياتي لأنني اخترت ذلك، فقد رفضت عرض الهلال السعودي باختيار مني وهو ليس تكبّرا على هذا الفريق الذي أحترمه ولكن كنت أعتقد أن ذلك لن يضيف شيئا لحاتم الطرابلسي في مسيرته رغم أنني كنت قادرا على العطاء.
لكنّك تحسّرت على عرضي ريال مدريد ومانشستر يونايتد؟
هذا صحيح، لأن أمر انتقالي إلى الريال أو مانشستر لم يكن بيدي وقتها حيث كنت مرتبطا بعقد مع أجاكس الذي رفض تسريحي واشترط مبلغا ماليا تعجيزيا لذلك سقطت الصفقة في الماء، وعند انتهاء عقدي في 2006 كان عرض مانشستر سيتي هو الأنسب فوافقت عليه ووقعت لسنة واحدة قابلة للتجديد ولكن التغيير الجذري الذي حصل في الفريق الانقليزي برحيل المدرب ورئيس النادي عجّل برحيلي بعد سنة واحدة.
هل أنّ بلوغك العالمية جعلك ترفض اللعب للترجي في الصيف الفارط؟
لا ليس هذا هو السبب الحقيقي في ذلك، اتصل بي مسؤولون في الترجي وجلسنا معا لكنني رفضت نظرا إلى ابتعاد وجهات النظر في العديد من النقاط... الآن لن أعود إلى الترجي أو أي فريق آخر فقد اخترت طريقي بالابتعاد عن كرة القدم.
هل كانت بدايتك صعبة في عالم الاحتراف؟
نعم، لقد كانت أصعب مما تتصور فقبل سفري إلى هولاندا طلبت نصيحة «الناصر البدوي» حول كيفية العيش والتأقلم وقد كنت خجولا في تصرفي مع زملائي لكنني تخلّصت من كل ذلك منذ أول حصة تدريبية ومنذ أول لمسة لي للكرة حيث تفطنوا إلى موهبتي وشجعوني، ثم تطورت تدريجيا لأنه ليس هناك لاعبا كاملا ومن لا يتعلّم لا يمكن أن يتطور.
ماهي أبرز اللحظات التي مازلت تحتفظ بها في رحلة احترافك الطويلة؟
أحداث كثيرة لا يمكن أن أذكرها جميعها لكن أبرزها كان بلوغ أجاكس الدور ربع النهائي لدوري أبطال أوروبا حيث خسرنا بصعوبة ضد ميلان (20032004) وكنا نملك جيلا رائعا يتمثل في زلاتان إبيراهيمو فيتش وكريستيان شيفو وفادرميدي وطوماس غالاساك وماكسوال البرازيلي أما بالنسبة لي شخصيا، فإن ما قاله الثنائي يوهان كرويف وفان باستن يبقى محفورا في ذاكرتي ما دُمت حيّا عندما قالا: «أجاكس من دون حاتم الطرابلسي لا تساوي شيئا» وهذا شرف كبير لي أفتخر به.
وما هي أسوأ ذكرى في مسيرتك الاحترافية؟
أسوأ ذكرى كانت وفاة والدتي، قبل مباراتنا في دوري الأبطال بثلاثة أيام ضد ليون ورغم أن الفريق وافق على مغادرتي إلا أنني لعبت وقدمت أفضل مباراة في مسيرتي مع أجاكس وعلى إثر نهاية تلك المواجهة تقدّم جون ميشال أولاس رئيس نادي ليون بعرض رسمي لضمي.
ماذا ينقص اللاعب التونسي حتى ينجح في الاحتراف، فباستثنائك أنت وبية والجعايدي وحقي لم ينجح أي لاعب آخر في عالم الاحتراف؟
اللاعب التونسي تنقصه القدرة على التضحية والرغبة في الاجتهاد والتطور، فليس هناك لاعب كامل بل إن العمل هو سبيل النجاح فقد كنت أجلس مع المدرب قرابة الأربع ساعات لمشاهدة المقابلة ومراجعة الأخطاء في التمركز والتعامل مع الكرة وكل هذا جعلني أتقدم وأتطور في حين أن العديد من اللاعبين لا يتمتعون بخصال الصبر والتحدي لكسب الرهان.
ولكن ألا تعتبر قلّة الانضباط سببا في عدم نجاح اللاعبين في الاحتراف؟
قلّة الانضباط ليس سببا خاصة إذا ما فهمنا أنّ قلة الانضباط تتلخص في السهر المفرط و«التدخين» أحيانا، فاللاعبون في أوروبا محترفون ويفرطون في السهر وحتى في شرب الكحول ولكن المقياس يكون الأداء على أرضية الميدان، يوم المباراة فقد كنا في أجاكس نسهر مع المدرب ونتصرف بكل تلقائية لكن كل لاعب يعرف ما له وما عليه وإذا ما تراجع مردوده فسيتم محاسبته حسب العقد بالخصم من المنح أو الأجور أو فسخ العقد... لقد كنت أتدرب في بعض الأحيان حصة واحدة في الأسبوع ثم أجد نفسي أساسيا يوم المقابلة وبالتالي لا يمكن أن نبحث عن أسباب واهية في الوقت الذي تتعلق فيه كل الأمور بعزيمة اللاعب فالمهم هو الالتزام.
غنمت الكثير من صفقة انتقالك إلى أجاكس، وقد أسالت هذه الصفقة الكثير من الحبر في خصوص علاقتك بالنادي الصفاقسي، فماذا تريد أن تضيف في هذا الموضوع؟
ليس لدي ما أضيف في هذا الموضوع فقد أغلقنا الملف وعلاقتي طيبة الآن مع مسؤولي النادي الصفاقسي فقط أريد أن أقول إنني عملت جاهدا على حفظ حق النادي الصفاقسي في تلك الصفقة حيث وقعت علي عقد مدته أربع سنوات إضافية ووافقت على التمديد وأنا في الطائرة في الوقت الذي كنت فيه قادرا على الانتظار خمسة أشهر لانتهاء عقدي ثم أنتقل حُرّا وأغنم الصفقة وحدي... نصيب النادي الصفاقسي بلغ ثلاثة مليارات ونصيبي كان 10٪ ما يعني حصولي على مبلغ 300 ألف دينار ولكنني لم أحصل إلى الآن إلا على 100 ألف دينار ورغم كل هذا اعتبرت الملف منتهيا ولن أبحث على إثارة المشاكل مستقبلا.
جنيت الكثير من الأموال من دون حسد من كرة القدم ممّا جعل البعض يتهمك بالثراء «الفاحش» والغرور؟
أريد أن أوضح هذه النقطة وللمرة الأخيرة، أنا إنسان متواضع إلى أبعد الحدود طاردتني بعض «التهم» بالغرور والثراء الفاحش من قبل أناس يجهلون بعض الحقائق وبالنسبة للأموال التي جنيتها أنفقتها بطرق أو بأخرى على السيارات الفخمة أو ما شابه ذلك فهي أموار شخصية، تعني حاتم الطرابلسي فقط ولن أخوض في التفاصيل التي جعلتني أتمتع ببعض الامتيازات المادية من عقود إشهار وتخفيضات خاصة... أنا لست مغرورا ولن أتكبر على أحد وحتى إن تكبّرت على الأشخاص فلا يمكنني أن أتكبر على ذلك الماضي القاسي الذي عشته.
وصفت ماضيك بالقاسي، لماذا؟
من ليس له ماض ليس له حاضر ولا مستقبل، لقد ولدت من رحم الفقر والخصاصة كنت أجد صعوبة حتى في الذهاب إلى التمارين من قريتي التي تبعد 8 كيلومترات عن مدينة صفاقس ومازلت أتذكر عندما هدم منزلنا في فيضانات سنة 1983 وإلى حد الآن مازلت أتشرّف بانتمائي إلى قرية «العوايات» مسقط رأسي، ثم إن الظروف القاسية كانت قاسما مشتركا لكل التونسيين في ذلك الوقت وهو ما يفسّر حالة الانبهار والدهشة التي تصيب بعض «الأفراد» عند رؤية بعض السيارات الفخمة..!؟
ما هو الحدث الذي مثّل نقطة التحول في حياتك؟
عندما وصلت إلى أمستردام لإجراء الاختبار وشاهدت ذلك العالم ولا أخفيك سرّا حينها قطعت عهدا على نفسي بأن لا أعود إلى تونس إلا وأنا أحمل عقدا احترافيا رسميا وجواز سفري للهروب من الظلم ومن بعض الأوضاع السيئة التي عشتها في تونس ولم يكن بإمكاني إضاعة تلك الفرصة التي لا تتكرر كل يوم... لم أنس أبدا الوضع الذي كنت فيه لذلك لا أتقبل الوصف بالغرور.
عايشت الاحتراف الحقيقي في أوروبا، فما هو الفرق بينه وبين الاحتراف الذي نطبقه في تونس؟
الفرق كبير في الحالتين ولا يمكن أن نقول إننا نعيش عهد الاحتراف، مادام الجمهور يعين ويعزل المدربين، ويكون مصير المدرب مرتبطا باصطدام الكرة بالعارضة مثلما حصل مع لطفي رحيم في حين يبقى المدرب في أوروبا أكثر من عشرين عاما على رأس الفريق و«بينيتيز» الآن تحت الضغط في ليفربول لكنه مازال ثابتا في مستواه ورئيس الجمعية في تونس لا يقبل الضغط ويستسلم بسرعة ومازلنا في عهد «الاحتراف» في تونس نتناقش عن احتساب الهدف تسلل أو ليس تسللا دون أن نتحدث عن البنية التحتية وحالة الملاعب والجميع يذكر أن حفرة في ملعب قابس حرمت النجم الساحلي من البطولة... كما أن اللاعب لا يقبل انتقاد الجماهير وسرعان ما تتحطم معنوياته... هناك أمور عديدة يجب مراجعتها.
ألم تعان من العنصرية في الملاعب الأوروبية وكيف واجهتها؟
نعم عانيتُ من العنصرية في أوروبا وأذكر أنه في ملعب الأولمبيكو في روما ضد جمعية روما في مسابقة دوري الأبطال كنت كلّما أمسكت الكرة تعالت الهتافات العنصرية ضدي، لكنني لم أتأثر فأنا قوي الشخصية ومذمة الناقص هي شهادة على أنك كامل وقد استغربت من ردة الفعل الانفعالية من «إيتو»، عندما تعرض لنفس الأمر.
في تونس كذلك نعاني من العنصرية ومن التعصب الجهوي وهذه حقيقة لا يجب على أحد أن ينكرها، والأمر هنا يتعلق بشخصية اللاعب فإذا كان قويا فلن يهتزّ لمثل هذه التفاهات وعلى اللاعب التونسي أن يتحمّل الضغط في كل الحالات لأن ذلك هو الذي يصنع منه اسما كبيرا وعليه بالتضحية.
وماذا عن مستوى البطولة التونسية؟
هو مستوى متوسط إن لم نقل ضعيفا، والدليل أنه ليس لدينا أي فريق تونسي قادر على الفوز بدوري أبطال إفريقيا، والنتيجة أننا اكتفينا بألقاب كؤوس شمال إفريقيا التي لن تضيف شيئا لفرق مثل النادي الصفاقسي والنجم والترجي والإفريقي.
ذكرت النادي الصفاقسي أولا فهل هذا الترتيب منهجي أم اعتباطي؟
هو ترتيب منهجي أردت من خلاله أن أبرز للمشككين في قيمة النادي الصفاقسي أنه رابع الفرق الكبرى في تونس في الوقت الذي هضم حق هذا الفريق خاصة إعلاميا والدليل أن هناك من تحدث عن هزيمة الترجي في كأس شمال إفريقيا ساعتين في حين تحدث عن تتويج النادي الصفاقسي دقيقتين فقط والفرق واضح..
استعملت مصطلح فرق كبرى فهل تظن هذا التقسيم يصح حقا؟
نعم هناك فرق كبرى وفرق صغرى وفي تونس هناك أربعة فرق كبرى: النادي الصفاقسي والنادي الإفريقي والنجم والترجي وهو نفس الشيء في أوروبا فهل يمكن أن تقول إن فريقا مثل أوساسونا على سبيل المثال كبيرا مثل ريال مدريد؟ ونحن نتحدث عن فرق كبرى من حيث الألقاب والتاريخ والقاعدة الجماهيرية.
وما هو تقييمك لمستوى النادي الصفاقسي هذا الموسم؟
في الحقيقة يمكن أن نقول إن مستوى النادي الصفاقسي تراجع هذا الموسم خاصة من ناحية الأداء الجماعي ويجب على الفريق تطوير هذه الناحية وهو مطالب بانتداب مدافع صلب ومهاجم آخر إلى جانب هيكل قمامدية حتى يقدر الفريق على المنافسة.
هل تعتبر نفسك أفضل ظهير أيمن تونسي لكل الأوقات.. وأين تصنّف نفسك؟
لا.. لستُ أفضلهم فهناك لاعبون كبار مثل مختار ذويب وتوفيق المهذبي ولا يمكن أن أصنف نفسي بينهما لأن لكل منا خصاله وخاصياته الفنية.
ومن تراه خليفتك في خطة ظهير أيمن التي بقيت يتيمة منذ أن انتهت علاقتك بالكرة؟
هناك العديد من اللاعبين البارزين في هذا المركز على غرار سهيل بالراضية والعيفة وصابر بن فرج لكن أفضلهم في نظري هو أنيس البوسعايدي وبكل تواضع يمكن أن أعتبره خليفتي.
من المحتمل أن يكون سهيل بالراضية الظهير الأيمن للمنتخب في «الكان» ما هي نصيحتك له؟
بالراضية لاعب ممتاز خاصة من الناحية الفنية وتحكمه في الكرة وأنصحه بأن يجهّز نفسه بدنيا لأن المنافسة ستكون على أشدها، ويجب أن لا يخاف وأن يحاول الصعود باستمرار لخلق التفوق العددي في الحالة الهجومية وعليه كذلك أن يختار الوقت المناسب للصعود ثم يعتمد على التوزيعات العرضية التي يجب أن تكون قوية ودقيقة ومركزة حتى تباغت المدافعين وتصل إلى المهاجمين في أحسن الوضعيات.
من هم في نظرك أفضل اللاعبين الذين أنجبتهم تونس؟
في اعتقادي الشخصي هناك: طارق ذياب وحمادي العقربي وتميم والعيادي الحمروني واسكندر السويح وياسين الشيخاوي.. وحتى الدراجي لم يبلغ مستوى هؤلاء وأعتبر الشيخاوي أفضل منه بكثير...
وماذا عن المدربين؟
أفضل مدرب تونسي في نظري هو يوسف الزواوي.. باختصار عندما دربني في المنتخب فهمت لماذا سيطر الترجي على البطولة في وقت من الأوقات.
هل هو أفضل من لومار، الذي ساهم في فوز تونس بالكأس الإفريقية الوحيدة في تاريخها؟
نعم هو أفضل من لومار الذي لم أتعلّم منه شيئا وهذا ليس كلامي وحدي فقد تحدثت في إحدى المرات ل«أنيلكا» وكنا نحمل نفس الفكرة أما مساهمته في فوزنا بكأس إفريقيا 2004 فدوره كان ضئيلا لأننا كنّا مجموعة متميزة نستطيع أن ننجح مع أي مدرب بتواجد خالد بدرة وعلي بومنيجل وكريم حقي وسانطوس والجزيري والبوعزيزي وبقية اللاعبين والدليل على «فشله» الوجه الهزيل الذي ظهرنا به في كأس العالم 2006 فعندما تقدمنا على إسبانيا في الشوط الأول لم يقدر هو كمدرب على فعل شيء في الشوط الثاني، الذي هو شوط المدربين وما حصل في المبارة الأخيرة ضد أوكرانيا كان نتيجة طبيعية لأن الجو العام لم يكن ملائما حينها ولومار كان السبب في ذلك.
هل سبب موقفك هذا من «لومار» هو أنه فضّل دافيد الجمالي عليك في كأس العالم 2006؟
لا.. بتاتا، هذا موقفي حتى قبل كأس العالم، فالجمالي لاعب مميز وإنسان خلوق واستحق اللعب وقتها ولم يؤثر فيّ ذلك لأنني محترف، لكن بقية اللاعبين تأثروا لأنه كان يعامل المحترفين معاملة خاصة على حساب المحليين.
ذكرنا الجمالي، ما هو موقفك من رفض بن خلف الله الالتحاق بالمنتخب في «كان» أنغولا 2010؟
بالنسبة لي هو أمر عادي ولا يجب علينا التعامل مع الأمور بالعاطفة هو لاعب محترف قد رفض ذلك لأسباب تخصه وربما تفكيرا في مستقبله الكروي أما بالنسبة لنا كمنتخب فعلينا التفكير في لاعب آخر وعدم التعويل عليه في الوقت الراهن لا يجب علينا التفكير في إبعاده مدى الحياة فهذه أمور طبيعية يقوم بها جميع اللاعبين.
من هم المهاجمون الذين «أزعجوك» في مسيرتك كمدافع؟
أكثر لاعب أقلق راحتي وعانيت منه هو راين غيغس، كما لا يجب أن أنسى أريان روبين عندما كان يلعب مع «بي آس في أندهوفن» وروبين فان بيرس لاعب فينورد روتردام الهولندي الذي حاصرته في مبارة الدربي بين أجاكس وفينورد فاضطر إلى إعاقتي عديد المرات حتى ينجح في المرور.
قلت بأنه كان لديك إصرار كبير على الخروج من تونس لأنك عانيت من الظلم فمن الذي ظلمك؟
في النادي الصفاقسي ظلمني خالد بن يحيى الذي كان على خلاف مع اسكندر السويح في ذلك الوقت وكان يعتبرني من «أتباع» اسكندر السويح وقد وصل به الأمر إلى أن ثبّت أحمد الحامي في خطة جناح أيمن ورفضني أنا وكل هذا مثّل حافزا كبيرا لي لكي أغادر وأبحث عن ظروف أفضل، أما في رحلتي مع المنتخب فقد ظلمني «المرحوم» «سكوليو» ولم أتقمص زي المنتخب خلال توليه الإشراف عليه (سبتمبر 1998 فيفري 2001) لم أكن أرغب في الحديث عن بعض هذه التفاصيل ولكن هذه حقائق تاريخية يجب أن يعرفها الجميع.
كيف ترى مهمة فوزي البنزرتي مع المنتخب في «الكان»؟
البنزرتي قبل المهمة في ظرف حسّاس وصعب ولا يجب أن نطلب منه أكثر من طاقته مهمته تتمثل في تطوير الجانب النفسي والمعنوي للاعبين أما الجانب التكتيكي فلا مجال لديه لذلك وعلينا التعويل على لاعبينا المحترفين لأن كل لاعب يعرف ما له وما عليه عندما نضعه في مركزه.
وماذا عن حظوظ المنتخب في هذه النهائيات؟
لا يجب أن نفرط في التفاؤل وعلنيا أن نكون واقعيين لذلك لا يجب الحديث عن الفوز بكأس أمم إفريقيا في حضرة الكوت ديفوار ونيجيريا وحتى الجزائر لن يكون لها أمل في الفوز باللقب... علينا في البداية تجاوز الدور الأول ثم لكل حادث حديث، سلاحنا الوحيد هو «القليب» و«الرجولية» وعلينا أن نعلم أن اللاعب التونسي يقدّم أفضل ما لديه عندما يكون تحت الضغط وعندما لا تعلق عليه امالا كبيرة في أن يفعل الشيء الكثير أما عندما يكون مرشحا للفوز فلا ينجح في ذلك، لم يبق لنا سوى الانتظار فالكرة بين أرجل اللاعبين.
أخذنا من وقتك ما يقارب الثلاث ساعات فكيف تريد أن تختم الحوار؟
أود أن أكون قد أوضحت أمورا كثيرة أنا مسؤول على كل ماقلته ومستعد لقبول ردود الفعل، وأتمنى أن يفهم الجميع موقفي من الكرة في تونس ومن الأمور الكثيرة الأخرى رسالتي للنادي الصفاقسي هي أنه كبير ولا يجب أن يتأثر بمن يريدون أن يهضموا حقه، رسالتي الثانية إلى لاعبينا في المنتخب «عليكم أن تردّوا الاعتبار لكرتنا في أنغولا وترفعوا علم تونس عاليا فهذا حافزكم الوحيد» ورسالتي التالية إلى المكتب الجامعي أحسنتم الاختيار بتعيين مدرب تونسي فقد انتهى عهد قداسة الأجنبي وأخيرا أشكر «الشروق» على هذه الاستضافة وعلى هذه المساحة الإعلامية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.