أثار قرار هيئة اجتثاث البعث التي تدعى حاليا بهيئة «العدالة والمساءلة» في العراق بمنع 14 كيانا سياسيا من خوض الانتخابات موجة من الردود المستنكرة لهذه العملية. وشملت الاقصاءات عددا من الكتل والنواب المتهمين بالانتماء الى حزب البعث منها جبهة الحوار الوطني، ولعله من الغريب أن نستنكر مثل هذه التحركات في عراق اليوم. فبعد خروج قوات الاحتلال لم تعد لجنة اجتثاث البعث في حاجة الى أساليبها القديمة في المهمة الموكولة على عاتقها، إذ لم تعد في حاجة الى اختطاف البعثيين وقتلهم أو إحراقهم في الطرقات وأمام العامة. وبما أن عراق اليوم أصبح أكثر «إنسانية» ويحكمه ال«قانون» لم تعد اللجنة في حاجة الى مراكز التعذيب التي لطالما اختلت فيها بعملاء ال«سي أي إيه» لاستنطاق البعثيين وهذا موثق في دفاتر «عراق الاحتلال». أصبح الاجتثاث اليوم يتم بطرق أكثر «قانونية»، ويكفي الهيئة أن تقرّر عزل هذا وإبطال ترشح ذاك ليموت حسرة على دعمه للاحتلال بدل المقاومة وربما تكون اللجنة قد ابتكرت بذلك طرقا جديدة لتعذيب العراقيين، طرقا أكثر تسيسا من سابقاتها وأعظم عذابا من القتل إذن هذا هو عراق اليوم، حيث يجتث المرء بالقانون، وتغتصب المناصب بالقانون. استغرب أحد الذين تمّ إقصائهم كيف أنه لم يخبره أحد بكونه بعثي منذ احتلال العراق ولماذا تركوه يشارك في العملية «السياسية» ما بعد الاحتلال نقول له ليس لك الحق أن تتعجب، فهذا قانونكم الذي وضعتموه معا، وإن كنتم من العراق لما قتلتموه والرفاق.. هذا العراق الذي أرادوه طوائف تخفي طوائف ولجنة بالقانون تجتث كل مخالف..