كشف أمس عن أخطر تقرير رفعه خبير في الطيران إلى وزارة الأمن الداخلي الأمريكية في أوائل عام 2008، تضمن معلومات مؤكدة عن وجود سرب من الطائرات تسيرها تنظيمات وشبكات تجارة السلاح والمخدرات خارج إطار نظام الطيران الدولي، لكن إدارة بوش تجاهلت التقرير رغم خطورته، حيث أصبح بإمكان منظمات تصنفها واشنطن ضمن التنظيمات الارهابية مثل «القاعدة» امتلاك وتسيير طائرات في الأجواء الدولية ناقلة السلاح والمخدرات. ويشير التقرير الذي اعتمد على وثائق ومقابلات أجريت مع مسؤولين في الولاياتالمتحدة ودول في غرب إفريقيا إلى أنه تمّ اكتشاف 10 طائرات على الأقل منذ عام 2006، وقد نما هذا السرب في ظل تجاهل إدارة بوش لهذا التهديد الأمني الخطير، فمن نجح في السيطرة على طائرات مدنية وتحويل وجهتها ليضرب بها برجي التجارة ومبنى البنتاغون في الولاياتالمتحدة، يسهل عليه تحويل هذه الطائرات إلى قنابل جوية للضرب في أي مكان وفي أي وقت. ومنذ هجمات 11 سبتمبر ركزت إدارة الحرب في عهد بوش على ضرب مصادر تمويل التنظيمات التي تعتقد أنها إرهابية فضلا عن ضرب معاقل تلك التنظيمات وعلى رأسها «القاعدة»، لكن هذه التنظيمات كانت في الأثناء تعمل على تعزيز شبكاتها البرية والجوية لنقل الأسلحة والمخدرات (التي تشكل بحسب التقرير) مصدر تمويل هام. والمفارقة كما يوضّح التقرير أن الطائرات محلّ الذكر، تم كشفها صدفة وليس نتيجة تحريات ومعلومات من وكالات المخابرات. كما تضمن التقرير تأكيدات عدد من مسؤولي الأمن في عدة دول حول تحول المشكلة الى تهديد أمني خطير. وقال المسؤولون ان سرب الطائرات السري نما ليشمل طائرات تعمل بمحركين وطائرات نفاثة صغيرة واخرى من طراز بوينغ 727 لم تعد شركات الطيران تستخدمها ليقوم بنقل شحنات من الكوكايين تزن اطنانا وربما الاسلحة الى منطقة في افريقيا حيث يعتقد ان جماعات تابعة للقاعدة تسهل تهريب المخدرات إلى أوروبا. ويقول المسؤولون أيضا ان الطائرات تنتقل بين دول أمريكا الجنوبية لحمل شحنات من الكوكايين ووقود الطائرات ثم تتوجه عبر المحيط الاطلسي الى غرب افريقيا ومنطقة الساحل حيث تنقل الشحنات عبر الصحراء وترسل الى اوروبا. وحذر ألكساندر شميت الممثل الاقليمي لمكتب الاممالمتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة في غرب ووسط افريقيا هذا الاسبوع في دكار من ان شبكة الطائرات تنامت خلال الاثني عشرة شهرا الماضية ويرجح انها تضم الآن عدة طائرات من طراز بوينغ 727 . وقال شميت «عندما تكون لديك هذه القدرة الكبيرة على نقل المخدرات الى غرب افريقيا فهذا يعني ان لديك القدرة على نقل سلع اخرى ايضا ومن ثم فهذا تهديد للامن في اي مكان في العالم حتما.» و«السلع الاخرى» التي تثير قلق المسؤولين هي الاسلحة التي يمكن ان تهربها منظمات متشددة على طائرة نفاثة. ويمكن للطائرة من طراز بوينغ 727 ان تنقل شحنة زنتها عشرة اطنان. وقال المسؤول الامريكي الذي كتب التقرير لوزارة الامن الداخلي ان صلة القاعدة لم تكن واضحة في ذلك الوقت. وقال «لديك صلة ارهابية مؤكدة على هذا الجانب من المحيط الاطلسي. وعلى الجانب الافريقي لديك صلة القاعدة وعندما لا يصبح ذلك واحدا من أهم أولويات الحكومة فان الامر يثير القلق بشكل بالغ ويبعث على الحيرة». وسلط التقرير الضوء على الاختراقات الأمنية المحتملة بالنظر الى القدرة المتنامية لهذه الشبكات وتجنيدها لعملاء وعناصر جديدة. وكان آخر هذه الاختراقات منذ هجمات 11 سبتمبر، تمكن شاب نيجيري ثبت لاحقا انتماؤه لتنظيم «القاعدة» من خرق الاجراءات الأمنية المشددة لكن محاولته تفجير طائرة ركاب كانت متجهة الى ديترويت الأمريكية في 25 ديسمبر الماضي، باءت بالفشل. إقلاع... وهبوط وحسب مجمل المعلومات، نجح سرب الطائرات المملوك لتنظيمات وشبكات «اجرامية» و«إرهابية» (تجار مخدّرات وجماعات أصولية) في التنقل خارج إطار نظام الطيران الدولي. وتشير المعلومات ذاتها الى ان معظم الطائرات تقلع من فنزويلا، وتهبط في ممرات ومطارات في إفريقيا غير مستخدمة ومهملة ولا تخضع لأي اجراءات أمنية. ومن ضمن ما رصده التقرير نقلا عن مصادر مختصة لا تملك الطائرات محلّ الذكر شهادة تنص على أنها صالحة للطيران، فضلا عن أن طياريها يحملون وثائق مزوّرة كما يتم تعديل الأرقام على ذيل الطائرة، أما الأمر الأكثر غرابة فهو قدرة هؤلاء على التزود بالوقود جويا، وهي تقنية يقول مسؤولون أمنيون ابتدعها بارونات المخدرات لتمكين الطائرات من قطع اكبر مسافة ممكنة في الجو دون الحاجة الى المجازفة والهبوط في مطارات دولية. والأخطر بحسب معد التقرير - ان هذه الطائرات مستمرة في رحلاتها ناقلة الكوكايين والسلاح، وهي عادة مع تعود الى الأمريكيتين، دونما يعرف بماذا عادت وما الذي كانت تقله وهذا التلميح ربما المقصود به التحذير من نقل اسلحة وقنابل الى داخل الولاياتالمتحدة فضلا عن كون التنظيمات المتشددة والمصنفة أمريكيا في خانة المنظمات الارهابية قادرة على شراء السلاح وتزويد عناصرها في مختلف بقاع العالم. وسبق ان حذرت وكالات أمن ومخابرات دولية من امكانية حصول هذه التنظيمات على أسلحة بيولوجية وكيمياوية بمقدورها تخريب المصالح الغربية وإحداث أكبر ضرر بها.