لأنه مشروع له صلة بكل المواطنين فقد حظي المشروع الجديد للتأمين على المرض بعناية واهتمام فائق من كل الأطراف الحكومية والاجتماعية منذ فترة طويلة ناهزت السبع سنوات وأحيل «الملف» مؤخرا على مجلس النواب حيث تنكب عدد من اللجان على دراسته الدراسة الأخيرة بعد جلسات الاستماع إلى جل الأطراف المتدخلة في الميدان الصحي تمهيدا لعرضه على جلسة برلمانية عامة للمصادقة النهائية. «الشروق» تحصلت على أهم ما جاء في ردود وزارة الشؤون الاجتماعية والتضامن على أسئلة لجنة الشؤون الاجتماعية والتضامن ولجنة الشؤون الاجتماعية والصحة العمومية ولجنة المالية والتخطيط والتنمية الجهوية ولجنة التشريع العام للإدارة. عجز حول التقديرات المالية الأولية لتأمين انطلاق تطبيق النظام الجديد للتأمين على المرض أوضحت وزارة الشؤون الاجتماعية والتضامن أن الدراسات الاستشرافية تبين أن النظام الجديد سيكون متوازنا جمليا مع احتمال تسجيل عجز خلال السنتين الأوليين يُعزى إلى التدرج في الترفيع في الاشتراكات الذي سيتم على سنوات بالنسبة للقطاعات غير الفلاحية و سنوات بالنسبة للقطاع الفلاحي و5 سنوات للمنتفعين بجراية. وبرغم أن الوزارة تشير الى أن الاحتياطات المالية الحالية لأنظمة التأمين من تغطية العجز المذكور فإنها تؤكد على أن ضمان التوازن المالي للنظام يبقى رهين عدة عوامل خارجية يصعب تحديدها بدقة كسلوك المضمونين الاجتماعيين وسلوك مهنيي الصحة والتطورات المتوقعة في مجال الصحة من أدوية وكشوفات. وأشارت الوزارة في ردها أنه تم اقرار مبدإ التدرج في التطبيق وسيتم ضبط الفئات المعينة خلال كل مرحلة بمقتضى أمر، وسيقع سحب النظام الجديد في سنته الأولى (1 جويلية 2005) على أصناف متجانسة من المضمونين الذين ينتمون لقطاعات منظمة ومهيكلة أكثر من غيرها وبما يتلاءم مع القدرات التمويلية لكل فئة. ويتعلق الأمر بأعوان القطاع العمومي المنخرطين بالصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية والعملة الأجراء بنظام الأجراء في القطاع غير الفلاحي المنخرطين بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي الذين يناهز عددهم 2.147 مليون يمثلون حوالي 81 من المضمونين الاجتماعيين وسيقع سحب النظام في سنته الثانية (انطلاقا من 1 جويلية 2006) على المنخرطين بالنظام الفلاحي المتطور والعملة غير الأجراء والفنانين والمبدعين والمثقفين. وسيتم سحب النظام في سنته الثالثة (بداية من جويلية 2007) على بقية الأجراء الفلاحيين علما بأن مختلف هذه الفئات ستحافظ خلال المرحلة الانتقالية على مواصلة الانتفاع بالتغطية الصحية طبقا لنفس الصيغ الحالية وذلك ريثما يتم استكمال كافة مراحل الاصلاح وللتذكير فإن العدد الجملي للمضمونين الاجتماعيين الذين سيشملهم اصلاح نظام التأمين على المرض ب 2.650 مليون منهم 2.105 مليون نشيط و545 ألف منتفع بجراية. وضعية وحول وضعية المضمونين الاجتماعيين المسرحين لأسباب اقتصادية واجابة على طلب من اللجنة البرلمانية حول اقتراح ادراج هذه الفئة في النص القانوني المقدم أوضحت الوزارة ان الفصل من القانون عدد 101 لسنة 1996 المؤرخ في 18 نوفمبر 1996 المتعلق بالاحاطة الاجتماعية للعمال الذي تم تنقيحه بقانون فيفري 2002 ينص على مواصلة العمال المفصولين عن العمل للأسباب المنصوص عليها الانتفاع بمنافع العلاج بعنوان الثلاثيات الأربعة الموالية للثلاثية التي انقطعوا خلالها عن العمل وبالتالي فإنه ليس من أي داع للتنصيص على هذا الصنف من العملة ضمن المشروع اعتبارا إلى أن أحكام القانون عدد 101 تعد نصا خاصا بهذه الفئة وهي كافية وحدها لانتفاعهم بالتغطية الاجتماعية الصحية طالما لم يمسسها الغاء أو تحوير بمقتضى مشروع قانون التأمين على المرض باعتباره النص العام في هذا المجال. كما أكدت الوزارة في ردها الذي ورد في 58 صفحة أنه سيتواصل العمل بنفس الصيغ الحالية للتكفل ببعض الخدمات في اطار العمل الصحي والاجتماعي وذلك على غرار التكفل بمصاريف العلاج بالخارج وبقية الخدمات الأخرى كجراحة القلب والشرايين وزراعة الأعضاء. الأدوية وحول المقاييس التي سيعتمدها صندوق التأمين على المرض (CNAM) لاسترجاع تكاليف اقتناء الأدوية أشارت الوزارة الى أن التكفل بالأدوية المسداة بالهياكل الصحية العمومية سيتم في اطار المنظومة العلاجية العمومية حسب صيغة التكفل المباشر (Tiers payant) وعلى أساس مبالغ جزافية تشمل كل متطلبات العلاج المقدم من قبل هذه الهياكل بما في ذلك الأدوية سواء في اطار الخدمات العلاجية الخارجية أو الاقامة الاستشفائية ويقوم المضمون الاجتماعي في هذه الحالة بدفع المعلوم التعديلي المستوجب بعنوان هذه الخدمات أما في القطاع الصحي الخاص فإن التكفل بالأدوية يمكن أن يتم إما حسب صيغة التكفيل المباشر (المنظومة العلاجية الخاصة) التي يكتفي في اطارها المضمون الاجتماعي بدفع المعلوم التعديلي المستوجب أو حسب صيغة استرجاع المصاريف بالنسبة للمضمونين الذين سيختارون هذه الصيغة التي تقتضي دفع كامل المبلغ واسترجاعه في ما بعد من الصندوق في حدود نسب التكفل التي سيتم اقرارها مع الاشارة الى أن التعريفات المرجعية لارجاع مصاريف الأدوية ستكون محل تشاور مع الأطراف المعنية. اتفاقيات وتنفيذا لضوابط الفصل 11 من المشروع المقترح فإن اتفاقية اطارية واتفاقيات قطاعية ستبرم بين الصندوق وممثلي مقدمي الخدمات الصحية وهم وزارة الصحة العمومية ومجالس الهيئات المهنية والنقابات الممثلة للمهن الطبية وشبه الطبية والصيدلية والمصحات في القطاع الخاص وحفاظا على الصبغة الاتفاقية لهذه العلاقة المبنية أساسا على الحوار فقد أكدت الوزارة أن التشاور سيتواصل مع كافة الأطراف المعنية قصد وضع آلية للنظر في النزاعات الناشئة عن تفسير أو تطبيق الاتفاقيات قبل اللجوء الى التقاضي، وألمحت الوزارة إلى أنه في صورة تعذر الاتفاق مع أحد أصناف مقدمي الخدمات الصحية فإنه سيكون بامكان الوزير المكلف بالضمان الاجتماعي أن يتدخل بوضع آليات تمكن المضمونين الاجتماعيين من مواصلة التمتع بالعلاج وذلك باصدار كراس شروط مثلا أو تحديد نسب استرجاع المصاريف في القطاع الخاص. سلم عقوبات وأوضحت الوزارة أنه سيتم ادراج سلم عقوبات عند مخالفة مقتضيات الاتفاقيات القطاعية التي ستبرم بين الأطراف المتعاقدة وذلك حفاظا على حسن سير العلاقة التعاقدية وعلى مصالح كل الأطراف المعنية بالنظام الجديد للتأمين على المرض. أما بخصوص المخالفات التي تهم ممارسة المهنة فإنها تظل من مشمولات العمادات المهنية التي تتولى في هذه الحالة تطبيق التشريع الجاري به العمل في هذا المجال علما وأنه سيكون بامكان الصندوق الوطني للتأمين على المرض في صورة معاينة اخلالات تهم ممارسة المهنة اعداد تقرير في الغرض تتم احالته الى العمادة المختصة لتطبيق العقوبات المستوجبة حسب القواعد المعمول بها في هذا الشأن. وأفادت الوزارة الدور الذي سيتولاه المجلس الوطني للتأمين على المرض من متابعة دورية لنظام التأمين على المرض وتقييم وضعيته المالية وتقييم السلوك الصحي للمضمون الاجتماعي ومقدمي الخدمات الصحية واقتراح التعديلات والاجراءات الكفيلة بحسن سير النظام القاعدي والأنظمة التكميلية خاصة فيما يتعلق بجودة الخدمات وترشيد الاستهلاك الصحي والحفاظ على التوازنات المالية وأكدت الوزارة أنه وتكريسا لمبدإ التشاور فسيتم الحرص على اعتماد تركيبة موسعة للمجلس الوطني للتأمين على المرض لتشمل مختلف الأطراف المعنية بهذا الملف بما يحافظ على البعد الوفاقي للإصلاح ويساهم في ضمان حسن تطبيقه، وسيتم ضبط تركيبة المجلس وطرق سيره بمقتضى أمر باعتبارها من المسائل التنظيمية التي لا تدخل في اطار المبادىء الأساسية على غرار ما تم اعتماده بالنسبة لبقية المجالس الوطنية. **هيئة ادارية وجلسة برلمانية تونس الشروق : علمت «الشروق» أن ملف القانون الجديد للتأمين على المرض سيكون محل نقاش برلماني سينتهي الى المصادقة النهائية على المشروع الجديد في غضون الاسبوع القادم ورجّحت مصادر «الشروق» أن تكون هذه الجلسة يوم 27 جويلية الجاري. كما استفادت «الشروق» أن هيئة ادارية للاتحاد العام التونسي للشغل ستنعقد يوم السبت القادم 24 جويلية للنظر بصفة نهائية في مضامين اصلاح التأمين على المرض المقترح على انظار مجلس النواب وبيان الموقف النهائي للمنظمة الشغيلة من النصوص القانونية المقترحة وسبل تنفيذها بصفة عملية لانجاح البرنامج الجديد الذي من المنتظر أن يُغيّر وجهة المنظومة الصحية في البلاد بشكل كبير. وترجّح تأكيدات من داخل اتحاد الشغل ان توافق الهيئة الادارية على نص القانون الجديد خاصة بعد أن اشار الامين العام السيد عبد السلام جراد مؤخرا بمناسبة المؤتمر التوحيدي لنقابتي عملة وموظفي التربية والتعليم والقيمين انه قد استكمل التفاوض في الملف المشار اليه مع الحكومة وهو ما فُهم منه حينها انه مصادقة من الاتحاد على المشروع. يُذكر أن المشروع سيمر بعد المصادقة البرلمانية الى شوط ماراطوني جديد من التفاوض والتشاور بين كل الاطراف من اجل وضع النصوص الترتيبية وتهيئة الظروف الادارية والأساسية للشروع في تنفيذ النظام الجديد في غرة جويلية 2005 كما هو مقرر له.