تواصلت أمس الازمة السياسية التي تعصف بالسلطة الفلسطينية منذ أيام في ظل اصرار رئيس الوزراء المستقيل أحمد قريع على الحصول على صلاحيات امنية واسعة لحكومته كشرط للعودة عن استقالته... ويبدو أن الشرط الذي يلوح به قريع عامل ضغط على الرئيس ياسر عرفات لكن الحديث يتزايد حول انقلاب داخلي تنفذه الولاياتالمتحدة بأياد فلسطينية بهدف اضعاف عرفات واحالته على التقاعد قبل الأوان. بل ان مصار فلسطينية مقربة من الرئيس عرفات لم تتوان عن الاشارة صراحة الى تنسيق أمريكي مصري وراء ما يحدث في الاراضي الفلسطينية حسب ما أوردته صحيفة «القدس العربي» الصادرة بلندن. انقلاب أبيض! وحسب المصادر ذاتها فان الادارة الامريكية ناقشت مع القيادة المصرية مختلف الخيارات بشأن التعامل مع عرفات الذي تقاطعه واشنطن بينما تضغط عليه القاهرة لتنفيذ المطالب المتعلقة أساسا باعادة هيكلة اجهزة الامن والتنازل وعن معظم صلاحياته الامنية لرئيس الحكومة... وأكدت المصادر الفلسطينية المقربة من أبي عمار ان الادارة الامريكية قررت أن أفضل الخيارات الممكنة للتعامل مع عرفات تتمثل في ترتيب انقلاب داخلي من خلال اثارة قضية الفساد داخل مؤسسات السلطة الفلسطينية بما في ذلك المؤسسة الأمنية. وأضافت ان اللواء عمر سليمان مدير المخابرات العامة المصرية الذي تردد انه هدد مؤخرا عرفات برفع الحماية عنه اذا لم ينفذ المطالب المتعلقة بالاصلاح (خصوصا الاصلاح الأمني)، هو الذي يقف وراء «انتفاضة غزة» ضد الفساد. وحسب المصادر ذاتها فان سليمان استخدم لهذا الغرض بعض العناصر الغاضبة داخل «فتح» وخصوصا العقيد محمد دحلان القائد السابق لجهاز الامن الوقائي في قطاع غزة لاجل تنفيذ «الانقلاب الأبيض» الذي يقول بعض معاوني الزعيم الفلسطيني انه أفضل الخيارات الأمريكية للتعامل مع عرفات. ونفى مصدر مقرب من دحلان أي دور له في اضطرابات غزة محمّلا مسؤولية ما حدث للرئيس عرفات لأنه عين اللواء موسى عرفات في منصب مدير الأمن العام. أزمة بلا نهاية وتواصلت أمس الأزمة التي تفاقمت باستقالة رئيس الوزراء أحمد قريع الذي أعلن أمس مجددا «تصميمه» على الانسحاب لكن أبا علاء يبدو مستعدا للعودة عن الاستقالة إذا وافق عرفات على منح الحكومة صلاحيات أمنية واسعة. وبعد اجتماع جديد لمجلس الوزراء بحضور عرفات وقريع أعلن وزراء فلسطينيون ان رئيس الوزراء متمسك بالاستقالة ومستعد للاستمرار في مهامه الى غاية تشكيل حكومة جديدة. غير أن عرفات الذي يدرك التأثير السلبي لاستقالة قريع في هذا الوقت بالذات لا يزال مصرا على رفض طلب الاستقالة الذي تقدم به رئيس الوزراء وجدد ثقته به وفق ما قاله نبيل أبو ردينة مستشار الرئيس الفلسطيني. وحسب قول أبي ردينة فإن ملف استقالة قريع «أغلق» مشيرا الى أن بوسع رئيس الوزراء القيام بتحوير وزاري كيفما يشاء في اشارة الى احتمال تعيين وزير للداخلية. ولم ترض التعديلات التي قام بها عرفات في هرم الأجهزة الأمنية بعض الأجنحة في حركة «فتح» بما في ذلك كتائب شهداء الأقصى التي كانت قد وصفت تعيين اللواء عبد الرزاق المجايدة قائدا للأمن العام الفلسطيني (وهو ما أدى الى حصر صلاحيات اللواء موسى عرفات في قطاع غزة فحسب)، بأنه لا يعدو أن يكون ذرا للرماد على العيون. وفي بيان مشترك دعت القوى الوطنية والاسلامية الفلسطينية الى تشكيل قيادة موحدة وإنهاء حالة الانفلات الأمني ومحاربة الفساد والاعداد للانتخابات.