رفض امس الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات استقالة رئيس الوزراء أحمد قريع احتجاجا على عمليات الخطف البيضاء التي استهدفت بعض مسؤولي الامن المتهمين بالفساد المالي اضافة الى بعض الفرنسيين الذين تم تسريحهم بعد احتجازهم لفترة وجيزة جدا... وامام الاحداث المتسارعة في قطاع غزة كانت القيادة الفلسطينية قد اعلنت في وقت سابق حالة الطوارئ ثم اعلن الرئيس عرفات نفسه ادماج الاجهزة الامنية في ثلاثة اجهزة فقط واقال بعض المسؤولين الامنيين وعيّن اخرين محلهم. وكان قطاع غزة قد شهد اول امس وبشكل «مفاجئ» عمليات خطف واحتجاز غير مسبوقة لمسؤولين كبار في الامن الفلسطيني على خلفية اتهامات بالفساد المالي والاداري. واتخذت هذه الاحداث شكل احتجاج على الوضع الصعب في قطاع غزة بالذات خصوصا في ظل تواتر الاتهامات بالفساد الموجهة لمسؤولين في السلطة الفلسطينية. عرفات يتدخل لاطفاء الازمة واثار خطف واحتجاز كل من اللواء غازي الجبالي المدير العام للشرطة الفلسطينية ثم العقيد خالد ابو العلا مدير التنسيق العسكري في المنطقة الجنوبية (بالقطاع)، وبعد ذلك الفرنسيين الاربعة العاملين بمشاريع في مخيم خان يونس، غضب رئيس الوزراء الفلسطيني احمد قريع الذي كان قد ندد منذ مساء اول امس بما سماها حالة «الفلتان» (الامني) في قطاع غزة. ووصف قريع ما حدث في القطاع ب «المصيبة». وقدم امس «أبو العلا» استقالته الى الرئيس ياسر عرفات الذي رفضها وفق ما اكدته مصادر فلسطينية. ونقلت وكالة الانباء الفرنسية عن مصادر مقربة من قريع ان عرفات طلب منه سحبها ووعده بالاعلان عن عملية ادماج للاجهزة الامنية وهو المطلب الذي تصر عليه اللجنة الرباعية الدولية وكذلك مصر صاحبة المبادرة المتعلقة بترتيب الاوضاع وقطاع غزة بعد الانسحاب الاسرائيلي. وبالفعل اصدر الرئيس الفلسطيني مرسوما رئاسيا يقضي بتوحيد مجموع الاجهزة الامنية بما في ذلك الشرطة في ثلاثة اجهزة فقط. وبعد تدخل عرفات تقلص عدد الاجهزة الامنية من ثمانية الى ثلاثة فقط وهو ما يستجيب في الوقت ذاته لرغبة قريع. وعين عرفات على رأس الاجهزة الثلاثة، شخصيات مقربة منه بينها ابن شقيقه اللواء موسى عرفات الذي بات مسؤولا عن الامن العام الفلسطيني في قطاع غزة مكان اللواء عبد الرزاق المجايده الذي اصبح مستشارا امنيا لمجلس الوزراء. وعين الرئيس عرفات صائب العاجز قائد الامن الوطني في شمال قطاع غزة قائدا للشرطة في الاراضي الفلسطينية بدلا من اللواء غازي الجبالي الذي خطف اول امس واحتجز لمدة 4 ساعات من قبل «كتائب شهداء جنين» في مخيم «البريج» وسط قطاع غزة. وقال نبيل ابو ردينة ان الاجهزة الامنية الثلاثة هي الامن العام والشرطة والمخابرات العامة التي ظل على رأسها اللواء امين الهندي. وكان عرفات قد رفض استقالة الهندي والعقيد رشيد ابو شباك رئيس جهاز الامن الوقائي في القطاع. وأعلن عرفات عن توحيد الاجهزة الامنية قبل الاجتماع الطارئ الذي عقدته امس الحكومة الفلسطينية لبحث الاحداث في قطاع غزة. وقبل الاعلان عن تلك الاجراءات كانت القيادة الفلسطينية قد ردت على عمليات الخطف (التي انتهت كلها بسلام ودون تعرض اي من المحتجزين للمعاملة السيئة) بفرض حالة الطوارئ في قطاع غزة. حالة صعبة وكشفت تلك الاحداث عن مدى هشاشة الاجهزة الامنية الفلسطينية التي بات بعض قادتها محل انتقادات حادة حتى من داخل هذه الاجهزة.وكان الجبالي الذي اقاله عرفات من بين هؤلاء القادة الامنيين المتهمين ب «الفساد والمحسوبية». وحسب «كتائب شهداء جنين» التي خطفته واحتجزته اول امس فان الجبالي حول لمصلحته 22 مليون دولار من الاموال العامة. وحسب مسؤولين فلسطينيين فإن الرجال الذين خطفوا العقيد خالد ابو العلاء والفرنسيين الاربعة عمدوا الى هذا التصرف للمطالبة باعادتهم الى عملهم. وأعلنت امس كتائب شهداء الاقصى رفضها تعيين اللواء موسى عرفات مديرا للامن العام واتهمته ايضا بالفساد مطالبة السلطة الفلسطينية باقالة كل من وصفتهم برموز الفساد. من جهتها نقلت صحيفة نيويورك تايمز عن العقيد محمد دحلان تحذيره من ان حالة مشابهة للحالة الصومالية في قطاع غزة.