كيف نكسب الرهان الأكبر ونرتقي بتونس الى مرتبة البلدان المتقدمة؟ وهل نحن قادرون على ذلك فعلا؟ وهل يمكن وضع أجندا مضبوطة لذلك في ظل تواصل نماء الدول المتقدمة؟ هذا الرهان الأكبر او الهدف الأسمى من الاصلاحات الكبرى التي رافقت التغيير ذكّر به رئيس الدولة لدى اختتامه الدورة الأخيرة للجنة المركزية للحزب الحاكم، المؤتمن على التغيير. وتقبل تونس على هذا الرهان الأكبر مستندة الى ما راكمته خلال العقدين الماضيين من مكاسب وانجازات في شتى المجالات، أشادت بها المؤسسات الدولية وجعلت من التجربة التنموية التونسية نموذجا في محيطها وفي العالم. ويمكن القول ان برنامج رفع التحديات الذي أصبح برنامج كل التونسيين الذين ساندوه بأغلبية ساحقة يمثل خطوة بارزة وربما الأبرز في تحقيقه. وما يدعو الى التفاؤل بتحقيق الرهان الأكبر وكسب التحديات هو الوعي القوي بجسامة هذا الرهان والصعوبات التي يتعين مغالبتها واستقراؤها قبل وقوعها. ولا تكفي نقاط البرنامج الرئاسي على وضوحها ودقتها لكسب الرهان الأكبر، في ظل اقتصاد عالمي يبحث عن منافذ الخروج من الانكماش واستعادة النمو، ما لم يرفدها انخراط واسع وقوي من كل التونسيين في الداخل والخارج، وعزم جماعي على المثابرة والمكابدة اذ لا أحد يمكنه ان يكون خارج السفينة وأن يضمن مستقبله بنفسه ولنفسه فقط. وقد تكون المنظومة الاقتصادية القاطرة التي ستؤمن تحقيق هذا الرهان بفضل نجاعتها التي برزت في مواجهة الأزمات الوافدة والداخلية التي جاءت كرجع صدى لأربع سنوات من الجفاف وتراجع نمو القطاع الفلاحي. هذا المؤشر انتبه اليه رئيس الدولة وأعطاه الحجم الذي يستحق، وبرز ذلك من خلال غلبة النقاط ذات الطابع الاقتصادي والتنموي في برنامج رفع التحديات وتأكدت من خلال تثبيت سيادته للوزراء أصحاب الحقائب الاقتصادية خلال التحوير الوزاري الأخير. لكن هذه المنظومة تبقى دوما في حاجة الى مزيد التدعيم والتطوير والرفع من تنافسيتها وقدرتها على مواجهة التحديات الوافدة والتي لا يمكن التكهن بتوقيتها وحدتها في ظل وضع عالمي شديد التقلّب والتحوّل. ولاشك ان إعطاء مرونة أكبر للإدارة بهدف تسريع وتحديث خدماتها، وتثمين الوفاق الواضح بين الأطراف الاجتماعية للرفع من الانتاجية وتجويد الانتاج، قد تمثل أبرز مفاتيح النجاح وملامسة الأهداف.