كأني بالفلاح قليل عليه ان يتحمل مضارّ البزويش والترد والزرزور والخنزير بغرسه وزرعه. وقليل عليه معاناته لحقيقة «البطالة الموجودة واليد العاملة المفقودة» في سوق الشغل الشاغل للجميع وبدو ن استثناء وخاصة في الفلاحة. وكأني به أيضا قليل عليه «كثرة الواجبات وقلّة الحقوق في السوق» حتى يجد نفسه عرضة للقرصنة والابتزاز عبر الهاتف الجوّال الذي أصبح مركزا نقالا للعمل عن بعد في جيوب سرّاق الماشية وخاصة منها الخرفان والبقر الحلوب ففي الشمال تحديدا لا يكاد يمر يوم دون ان نرى كلابا مقتولة ونسمع عويل أهلها على بقراتهم المسروقة في هزيع الليل وهي كل ما يملكون من ضرعها يقتاتون ومن نسلها يعيشون المسألة هنا على حدة شناعتها ليست في معرفة من سرقوا الأبقار وقتلوا الكلاب. وليست في البقرات المسروقة ولا في الكلاب المقتولة ولا في فرحة السارق ولا في صدمة المسروق. وإنما في معرفة مصير البقر المسروق الى أين يساق الى المسالخ أم الى الأسواق؟ وهل ان من تجرأ على «حرق» حدود سكن الفلاح غير قادر على حرق كل الحدود بهذا المسروق؟ كُثر مَنْ من هؤلاء السرّاق وقعوا في قبضة الأمن وأحيلوا على العدالة ولكن الظاهرة مازالت موجودة وفيها كل أضرار البزويش والترد والخنزير والزرزور والجراد والجفاف على الصغار من مربي الماشية تحديدا. بقي لي سؤال يجري ماء تحت أرجل مربي الماشية. أيهما أجدى وأنفع وأضمن لزرعنا وضرعنا حملات مقاومة البزويش والزرازير والخنازير أم حملات مقاومة ما فاق جميعها ضررا وفسادا وأعني بهم هؤلاء اللصوص. كأن يكون نقل المواشي في مسالكنا وطرقاتنا جميعها بترخيص مسبق من الأطراف المعنية لقطع «الثنية» على أصحاب هذه البلية.