«الماشية وين ماشية؟» تحت هذا العنوان كتبت مرة في هذا الركن بالذات وكان ذلك في أوج موجة سرقات الدواب متسائلا عن آلاف الابقار التي كانت تساق ليلا نهارا عبر الطرقات في اتجاه الحدود الغربية وكان الجواب بلا جواب، الى أن جاءت الأيام الأخيرة حتى وصلت هجرة البقر الى تلك الحدود قمتها اذ اتسعت السوق للمسروق من البقر المهاجر وانكشفت الحقيقة وتعرت على لبها ليظهر البقر كالبشر يتم ترحيله و«يحرق» الحدود هو الآخر، وربما يعرف مصيره كالحارقين من البشر من «أجل العلفة» وهو أن مصير كل منهما اما أن يكون الحارق محلوبا أو مسلوخا وفي كلتا الحالتين فهو مباع لا محالة. وحتى أحرق المراحل بحثا عن جواب لأسئلة كلها حرقة لمعرفة الحقيقة عما سيؤول اليه الوضع اذا ما تواصل «حرقان» بقرنا للحدود بالصورة المستفحلة طيلة الأسابيع الأخيرة. هل ستدعو وزارة الفلاحة الشعب التونسي الى الفطام عن شرب الحليب؟ أم أن وزارة التجارة ستدعم سياسة وصناديق وأكياسا مع ما برد و«تكنجل» من «صقائط» اللحوم الحمراء؟ واذا «هرب بقرنا بجلده» وحرق الحدود هل ستسكت وزارة الصناعة، ولا تطالب بمحاسبتها على الأقل بالجلد لتشغيل مصانعنا للجلود والأحذية حتى لا يبقى اقتصادنا «حفيانا»؟ واذا كنا اليوم مكتفين ذاتيا بالحليب وأكثر وفي الشعب من يطالب ب«حليب الغولة» فما بال الحكومة بغد اذا حرق بقرنا المراحل وحرق القطيع جميعه الحدود ألا تدخل في تونس «غولة» قد يصعب على وزارة الداخلية ربطها وعلى اتحاد الفلاحين حلبها.